تشكّلت حكومة الوفاق الوطني أو ما يسميها رئيس الوزراء بحكومة "الإنقاذ الوطني" مناصفة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك استناداً إلى ما أتت به المبادرة الخليجية، وهذه بحد ذاتها خطوة إيجابية نأمل أن تسهم في تنفيذ البنود الأخرى من المبادرة. وصدقوني أنني أشفق كثيراً على هذه الحكومة لأنها تحت المجهر وتحت أنظار كل أبناء الشعب الذين يعوّلون عليها الكثير في إحداث التغيير، وبهذا أدعو الله أن يمدها بالعون والثبات حتى تتمكن من أداء مهامها وهي مهام صعبة جداً، ولا ينكر ذلك أحد؛ لأن هذه الحكومة قد ورثت مشاكل جمة وهي مشاكل اقتصادية وأمنية واجتماعية وفساد قد ضرب بجذوره في مرافق الدولة المختلفة. ونحن لا نشكك هنا بأن هذه الحكومة فيها من الكفاءات المؤهلة والعناصر الوطنية المشهود لها بذلك؛ فهي ستعمل جاهدة وبطاقتها القصوى على تنفيذ برنامجها الوزاري، ولابد في هذا توافر النوايا الصادقة، واستشعار الجميع بأنهم مسئولون أمام الله وأمام شعبهم، وأن يخلعوا عباءات أحزابهم، وأن يتجردوا من كل الأنانيات والمصالح الضيقة، وأن يبتعدوا عن المناكفات، وكل ذلك سيكون سر نجاحها لأن فشلها يعني فشل الجميع - لا سمح الله - ونتائج ذلك ستكون وخيمة على الوطن كله، والشعب اليمني بكل أطيافه سيراقب أداء الحكومة. ولكن المطلوب هنا هو أن لا يستعجل أحد منا أن تحقق الحكومة المعجزات، فهي مازالت وليدة والتركة ثقيلة ثقل جبال اليمن، ولابد من إعطائها الفرصة الكافية من الوقت والتعاون معها، فالحكومة لوحدها لا تستطيع فعل شيء. وعلينا أن ندرك أن هناك قوى تتربص بها وتريد إفشالها، وهذا ما يعلمه القاصي والداني، وفي اعتقادي أنه بإمكانها التغلب على ذلك لأنها وكما قال نائب الرئيس عند اجتماعه بأعضاء الحكومة إن الحكومة مدعومة إقليمياً ودولياً، لهذا يجب أن تستند على ذلك وتكون قوية وشفافة في عملها، وأن تعمل على فضح كل من يتسبب في إفشالها؛ لأن عملها لا يخدم في الأساس حزباً أو شخصاً أو جماعة أو قبيلة، فهي ستعمل من أجل النهوض باليمن كله ثم العمل على ترتيب الأوضاع المختلة التي تراكمت خلال السنوات الماضية. وأريد أن أشير هنا إلى أنه لا يفكر أحد بأن إفشال عمل الحكومة هو انتصار له، فهذا تفكير شيطاني لا يخدم إلا أعداء اليمن وآماله وتطلعاته نحو مستقبل أفضل، والشعب قد ارتقى بوعيه إلى مستويات متقدمة تجعله يدرك تماماً أعداءه الذين يقفون أحجاراً كأداء أمام تحقيق آماله وتطلعاته؛ لأن الحياة قد صقلته وجعلته يتعلم الكثير من مدرسة الحياة. لذا نأمل ونتمنى أن يصطف الجميع من أجل بناء اليمن، فهي بحاجة إلى جهود كل أبنائها دون استثناء لأنها قد تخلفت كثيراً عن الركب، فهي بحاجة إلى استكمال بناء البنية التحتية وبحاجة إلى بناء اقتصاد وطني إنتاجي يستند على الخطط والبرامج العلمية المدروسة، بحاجة إلى تعليم يتفق وروح العصر، بحاجة إلى نظام صحي جديد والطموح لا ينتهي. وفّق الله الجميع إلى ما فيه الخير.