في مثل هذه الأيام من يناير 2011 والشعب التونسي يسطر ملامح فجر جديد.. وملاحم البطولة والفداء.. ويشرح درس الحرية والكرامة.. الذي لم يفهمه«زين الهاربين» طوال 23 عاماً من حكمه.. في مثل هذه الأيام وروح الثائر«محمد البوعزيزي» ترفرف في شوارع ومدن تونس.. وتصنع ثورة شعبية سلمية أجبرت الطاغية على الفرار.. شرح«البوعزيزي» درس الكرامة والحرية, حين أشعل جسده كمداً وقهراً لم يكن يعلم أنه سيوقد شعلة ثورات الحرية في الوطن العربي«أنا فهمتكم» هكذا قال«بن علي» وفهم الدرس أخيراً.. فكان أول طالب فاشل في مدرسة الشعوب يخرج ذليلاً هارباً. درس الحرية والكرامة هذا حفظه المصريون تماماً.. لكن الفرعون المصري أبى أن يفهم, فأصر على عناده وحيله وسفكه لدماء شباب مصر.. إلا أن شباب مصر تمكنوا من حصار«مبارك» في ميدان التحرير بالقاهرة«18»يوماً حتى أطل مساء ال11 من فبراير وإذا ببيان التخلي عن السلطة يرن صداه في أرجاء الميدان.. ولم يكتف المصريون بخلعه فقط بل أودعوه في قفص العدالة لينال جزاءه.. وبهذا الخلع يكون الرئيس«مبارك» ثاني الرؤساء الفاشلين يُطرد من مدرسة الشعوب.. ومع سقوط الفرعون المصري كانت روح«البوعزيزي» تعبر القارات وآلاف الأميال لتشرح معاني الحرية والعزة.. وإذا بها بسرعة البرق تحلّق ساعة سقوط«مبارك» في اليمن.. وتعز على وجه التحديد. فكانت تعز الشرارة الأولى التي ألهبت مشاعر وحماس اليمنيين.. والرصاصة الأولى في جسد النظام .. وتوالت الاحتجاجات والاعتصامات حتى جاءت«جمعة الكرامة» 18 مارس فقتل النظام بقناصة محترفين أكثر من 53 شهيداً عقب أدائهم صلاة الجمعة.. وهنا انفرط عقد النظام وتطايرت حباته وهوت أركان النظام.. الذي كاد يسقط كلية في أيدي شباب الثورة لولا أيادي الجناة التي مدت إليه لتنقذه, من خلال«المبادرة الخليجية».. ولأن النظام لم يفهم درس تونس ومصر راوغ ثم راوغ ثم قتل وأسرف في القتل, حتى وضع بيديه نهاية حكمه, إذ أجبر على توقيع المبادرة وفي بندها رحيله عن السلطة نهائياًً. مدرسة واحدة جمعت طغاة العرب.. ففيها عميد الطغاة «مجنون ليبيا» الذي استحال أن يفهم درس جيرانه من أهل البطش والجبروت, فقتل شعبه وأسرف في القتل, فما كان لشباب ليبيا إلا أن يواجهوه بالسلاح.. وبمساعدة«النيتو»طاردوه مدينة مدينة.. زنقة زنقة حتى وجدوه في أنبوب الصرف الصحي ذليلاً.. مهاناً.. ثم قتيلاً. هو عام مرّ على شرح الدرس الأول.. درس البوعزيزي.. درس الحرية والكرامة.. في مدرسة الشعوب ضد الظلم والاستبداد والطغيان. أما آخرهم “فأسد سوريا” الذي لم يفهم بعد, لأنه الأغبى.. لكن الشعب السوري له بالمرصاد.. ولكنه سيفهم يوم يأتيه ثوار وأحرار سوريا من خلفه وعن يمينه وشماله ويقتلعونه.. فمهما طال ليل دمشق حتماً سيشرق فجر الحرية والكرامة.. لأن روح«البوعزيزي» تحلّق الآن في فضاء دمشق. حقاً!! ياله من درس واحد في عام اقتلع عروش طغاة أربعة.. الرحمة والغفران إلى روح الثائر الأول«محمد البوعزيزي»..