من أكثر سيئات الثورة اليمنية , أن النظام , الذي فشل في كل إلصاق أقبح التهم بشباب الساحات , طيلة الشهور الفائتة , في طريقة تحقيق نجاح ساحق , وضرب الشباب بالشباب . شهد العام الماضي , صحوة ثورية في كل اليمن . في المناطق التي كان من المستحيل أن تفيق من نومها , والمناطق التي استسلمت للنظام , وشهد في المقابل , رواجاً ل «التهمة» . الرأي المخالف : مندس , بلطجي , أمن قومي , وأخيراً كافر , كما يحدث للرائعة بشرى المقطري , بسبب مقال. عندما يأتي التخوين من خصمك , فلا يعني ذلك سوى أنك ناجح , وتوجه له ضربات موجعة , لكن المؤلم , هو استمرارها من قبل شباب الثورة , ضد ناشطيها , وأكثر الناس إخلاصاً لها . ككثيرين ,عانت بشرى من مسلسل التخوين . أُخرجت من الثورة , واليوم يريدون إخراجها من الإسلام , بسبب سردها لأيام مُرة عاشتها . أثناء مبيت مسيرة الحياة في «خدار», الواقعة بعد نقطة «قحازة» , اتصلت ببشرى المقطري , واخبرتني أن «مقاس قدمها اصبح 70 » من المشي المتواصل . كانت بشرى تحافظ على روح الدعابة , وهي تعيش أسوأ ليالي العمر مع كل القادمين في المسيرة . في «خدار» , فوجئ الشباب , بعكس ما وجدوه من حفاوة استقبال في ذمار وإب , ورفض مدير إحدى المدارس, فتح فصولها للمشاركين في المسيرة , حتى النساء , اللاتي أقيم لهن اعتبار خاص في ذمار وتم تفريغ عدد من الشقق السكنية لهن . برد خدار , وبرود الاستقبال , بعد استفزاز النقطة الامنية , كانا سبباً كافياً , لأن “ تكفر” بشرى , أو أي شخص له مشاعر , بكل الأصنام والألهة . بشرى المقطري أديبة معروفة , وكلام الأديب , يختلف عن تصريح السياسي . الرب في كلامها ليس «الإله» , بل عسكرها ومخبروها , ومدير مدرستها الذي رفض حتى تفريغ «فصل دراسي» للفتيات فقط . هناك من يناقش الموضوع بسطحية مخيفة , لا غرض منه , سوى التحريض ضد إنسانة , وتعريض حياتها للأذى من قبل أي متشدد , لايحب الرئيس , لكنه يحب الله . الله بريء من المزايدين باسمه . في الأسابيع الفائتة , وعندما كان عدد من المؤيدين للنظام ,يحاصرون مبنى مؤسسة الجمهورية , لانها ابتعدت عن تمجيد الرئيس صالح , وبدأت تنشر موضوعات ضده , قال أحد المرابطين , إن الصحيفة «تسب الرب» , وأنهم معترضون على ذلك , وليس لأنها تهاجم النظام . الرب ,في نظر ذلك الشاب الذي لا يعرف الرب , ولا يعرف اتجاه القبلة , هو «تهمة» , اراد مخططو الحصار, إحضارها لرئيس التحرير منذ أيام توليه صحيفة الثقافية, من أجل تركيعه. تهم جاهزة , عندما يفشلون في محاججتك , وينهزمون من الداخل , يتذكرون الرب , لانهم يدركون أن المجتمع اليمني المحافظ , لا يرضى بالمساس بالذات الالهية . على هؤلاء , أن يكبروا قليلاً , ويفرقون بين السياسة والدين . كتم حرية التعبير عن طريق الدين , أمر كان يلجأ إليه نظام صالح , ولا نريد لهذا النظام , أن يواصل إرهاب الناس طيلة العمر . علينا أن نصحو من مخططات مريبة كهذه , ونلتفت إلى القضية التي ناقشتها بشرى المقطري ,لا أن نمسك كلمة لها ثم نقيم الحد . قبل أن نسألها على «خدار» ورب خدار , علينا أن نسأل أنفسنا , أين كنا يوم مجزرة «دار سلم» , ولماذا صمتنا عن جريمة بشعة , ضد متظاهرين عُزل , كانوا مقتولين من التعب , واجهزت على ما تبقى فيهم من روح قوات الأمن والبلاطجة؟ . علينا أن نتضامن مع بشرى , ومع كل بشرى في ساحات الثورة , الذين يتعرضون لحملة إرهاب غير مسبوقة , وإن أخطأت في موضوعها , أو أساءت، فهي من ستتحمله. فالبلد الذي ضُرب كثيراً بقذائف الدبابات، غني عن قذائف التكفيريين، التي ستطال الجميع، أن نجحت مناوراتها. [email protected]