يخشى كثير من المسؤولين ومن كافة الأطراف إزاحتهم من مناصبهم بسبب سوء إدارتهم وفسادهم, وليس شك أن كل يمني يسعد حتى النشوة بإزاحة فاسد من أي طرف كان ومن أي حزب ومن أي اتجاه ومن أي قبيلة ومن أي قرية أو مدينة, ولذلك فمن وجهة الشرع الحنيف والقانون النظيف والشرف العفيف أن الإزاحة لاتكفي وإنما لابد من إقامة ميزان العدل وهو الحساب الكفيل برد الأموال المسلوبة المنهوبة إلى خزينة بيت الأمة. إن الحقوق لابد أن تؤخذ وإن ميزان العدل لابد أن يقوم, بعيداً عن الأهواء والمكايدات فقد هلكت أمم غابرة بسبب نقص الميزان والمكيال كقوم شعيب ولقد (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم, ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون, كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون).. الخ. ولابد من أن يشعر الجميع وهذا ما يقره الشرع والقانون أن من حق الشعب اليمني قد تعب كثيراً وعانى كثيراً ومن حقه أن يعيش حياة تليق ببني البشر.. لقد (تبهذل) اليمني في المنافي والمهاجر ولفظته القفار والحواضر, وتنكر له الجار ذو القربى والصاحب بالجنب, البعيد والقريب, الصالح والطالح, ويصدق فيه قول الشاعر: عرفته يمنياً في تلفته خوف وعيناه تاريخ من الرّمد إن حكومة الإنقاذ أمامها مهام جد شاقة وصعبة, وهي أشبه بمن يفتش عن (دبوس) في عشرين طناً بعد المائة من القش والنفايات.. ولعلها أي هذه الحكومة تستطيع عمل الشيء الكثير إن قامت بترتيب (أولويات) وليس من بين هذه الأولويات- بالطبع- المماحكات السياسية والأهواء الحزبية من أي طرف كان.. أول الأولويات هو إعمال القوانين بصرامة, وواجب كل شريف غيور كلٌ من موقعه أن يطبق الإجراءات ويرفض بشجاعة كل مايخالف القانون من أي متجاوزٍ كان. إن ما عاناه الشعب اليمني, جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً لايكاد يطاق من سبتمبر 62 وأكتوبر 63 وذلك بسبب أن كثيراً من أهل النفوذ كان يتعامل مع القوانين كما تعامل أهل الجاهلية مع التمر والحلوى حين كانوا يصنعونها تماثيل لمعبوداتهم الباطلة فإذا ماجاعوا أكلوها. حكومة الوفاق حكومة تحدٍّ, ولابد أن تعالج كل قرار بحكمة ورشد ومسؤولية.