يقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم في الحديث الشريف «..وإماطة الأذى عن الطريق صدقة»، فأين نحن اليوم من مضمون ومغزى هذا الحديث النبوي الشريف أمام ما نلمسه ونشاهده ونعانيه من قطع للطرقات والشوارع بالأحجار والمخلفات وإطارات السيارات المحترقة والبراميل.. يقوم بالكثير منها للأسف الشديد شباب وأطفال صغار السن وهم بلا شك مدفوعون من جهات وشخصيات سياسية وحزبية أو قبلية لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن مضمون ونقاوة أهداف الثورة الشبابية, بل تتعلق معظمها بمطالب شخصية أو قبلية أو جنائية. في صبيحة أحد أيام الأسبوع الماضي وأنا في طريقي لأداء محاضراتي لطلابي في الجامعة الذين جاء بعضهم من مناطق بعيدة للتحصيل العلمي, فوجئت بعدد من الأطفال معظمهم دون سن الخامسة عشرة وبعض الشباب يقطعون الطريق المؤدي إلى الجامعة, وعندما اقتربت منهم وسألتهم لماذا تقطعون الطريق؟ لم يجيبوني وأحالونى إلى كبير لهم فسألته ذات السؤال فقال بأن أحد أبناء منطقتهم أو عشيرتهم تم قتله من قبل أحد أفراد القوات المسلحة وفر القاتل إلى المعسكر, والمطلوب من قائد المعسكر تسليمه وسوف يتم فتح الطريق!! وعندما أخبرته وما دخل الطريق أمام بوابة الدخول للجامعة أن يغلق ويمنع أساتذة الجامعة من الدخول لأداء رسالتهم التعليمية لأبنائكم وبناتكم وإخوانكم من الطلاب؟ فأجابني بطريقة وعبارات لا داعي لذكرها هنا!! وفي اليوم التالي وأثناء عودتي من الجامعة بعد الظهر فوجئت أيضاً بطريق مسدود بإطارات سيارات محترقة وأحجار فسألت أحد الشباب الواقفين في مكان إغلاق الطريق عن السبب؟ فأخبرني أن السبب هو انقطاع الكهرباء ومادة الغاز عن المنطقة التي يسكنون بها! فأخبرته وما دخل الطريق العام بهذه المطالب؟ فأجابني بطريقة ولغة وكلمات لا داعي لذكرها هنا! يا الله!!! هل هذه التصرفات بداية ملامح الدولة المدنية الحديثة التي نحلم بها؟ هل تصبح الفوضى وقطع الطرقات والشوارع وسيلتنا الحضارية للمطالبة بحقوقنا أو وسيلة الضغط المناسبة لتحقيق مطالبنا وأهدافنا؟ هل هذه التصرفات تنسجم مع قيمنا ومبادئنا وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة؟ ما ذنب المواطن المسكين المتجه لمقر عمله لجلب قوت يومه له ولأسرته أن يجد طريقه إلى مقر عمله مسدوداً؟ ويجبر على العودة لبيته خالي اليدين دون ذنب اقترفه فى حق من قطعوا الطريق أو من بسببه تم قطع الطريق؟ ما ذنب الطالب المسكين الذي بالكاد تدبر مصروف ذهابه إلى مدرسته وجامعته أن يحال بينه وبين حقه في الوصول إلى مدرسته وجامعته لتلقي ما ينفعه وينفع مجتمعه ووطنه وأسرته من معارف وعلوم ومهارات, بسبب قطع الطريق؟ ما ذنب المريض الذي تم إسعافه من داخل أو خارج المدينة أن يحال بينه وبين الوصول إلى المستشفى لتلقي العلاج فيتفاقم مرضه وتزداد معاناته ومعاناة أهله وقد تزهق روحه بسبب قطع الطريق؟ اتقوا الله يا من تريدون تصفية حساباتكم وتحقيق مصالحكم وأهدافكم السياسية أو الخاصة على حساب هذا الوطن وأبنائه الضعفاء الذين مسهم الضر في مختلف جوانب ومجالات حياتهم المعيشية واليومية, بسبب طيشكم وعنادكم وتهوركم وتفاقم الخلاف والصراع فيما بينكم!! اتقوا الله يامن حكمتم وتجبرتم وأفسدتم طوال العقود الماضية وحققتم لأنفسكم ما لم يحققه آباؤكم وأجدادكم من مكاسب مادية ومالية على حساب هذا الوطن وأبنائه المغلوبين على أمرهم, من تحملوا بصبر ظلمكم وفسادكم أملاً في أن تعودوا إلى رشدكم وتكتفوا بما وصلتم إليه من عز وجاه ومال وتتركوا أبناء هذا الوطن الحبيب يقرروا مصيرهم ويرسموا خطوط مستقبلهم بأيد نظيفة نزيهة خالية من الفساد وحريصة على مستقبل هذا الوطن وتقدمه وأمنه واستقراره!! اتقوا الله يا من تريدون الوصول إلى مقاليد الحكم والتربع على كراسي السلطة بأي ثمن كان ولو كان هذا الثمن دماء شبابنا الشهداء, وتفاقم معاناة وأنين الضعفاء والمرضي من أبناء هذا الوطن الغالي!!. واعلموا (جميعاً) دون استثناء أن أبناء هذا الوطن قد شبّوا عن طوق الجهل والتخلف والغفلة وأصبحوا أكثر وعياً وعلماً وإدراكاً ودراية بما يدور حولهم وبما وبمن يحقق أحلامهم وتطلعاتهم. وعليكم أن تدركوا جيداً أن الله سبحانه وتعالى سيسألكم ويحاسبكم (جميعاً) عن كل قطرة دم سالت من أجساد شباب وأبناء هذا الوطن, وعن كل نفس أزهقت على ثرى هذا الوطن الطاهر بأي ذنب قتلت؟ وأن الأحرى بكم وبمن يتبعكم ويدور في فلككم إماطة الأذى عن الطريق, وكف الضرر ورفع الدشم والمتاريس من الشوارع والطرقات استجابة وتطبيقاً لتعاليم وتوجيهات شريعتنا الإسلامية الغراء, وليس فقط لتعليمات وتوجيهات اللجان العسكرية والأمنية؟ * أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز