حال اليمنيين اليوم كأنهم يمشون على حبل مشدود بانتظار 21 نوفمبر القادم ، فهل سننجو فعلاً من نظام الشخص الذي كاد يغتالنا نفسياً جيلاً بعد جيل؟ إنها الأيام التي ستمر بأمل متشائم بالنسبة لي على الأقل ، فهل أصدق تماماً اننا سنرى رئيساً آخر؟ مع ذلك أؤمن بأن تضحيات اليمنيين أدهشت العالم وأنهم صاروا يدركون جيداً معنى استحقاقهم الجدير لوطن يصونهم. ليست اليمن شحاتين يشحتون من شحات يشحت بهم في الخارج. اليمن طاقة وكرامة وإصرار ونبل وامكانية نزاهة وشراكة وقانون وعدل ومواطنة متساوية . ليست بقعاً، أو حق الحماية ، أو منحاً وقروضاً ملطوشة ، أو بلوكات نفط ومناجم ثروات معدنية خاصة. ثم ماذا سنقول للتاريخ ايتها اللجنة العسكرية التي نعول عليها كثيراً في إنقاذ القوات المسلحة والامن وعودتها من يد الشخص إلى الدولة: قل هو الميري اليمني العظيم الذي سحق اليمنيين فقط طوال تاريخه ، بينما سيظل يمارس هوايته المفضلة .. ولا من خلاص؟ لقد غمر نظام علي عبد الله صالح ذويه في المزاج بما يفوق الوصف على حساب البلد وملايين اليمنيين المنهكين الحالمين ، كما بكل ضراوة جعل الوحدة مجرد نهب وإذلال . ولذلك صار الفساد بسببه كما لو انه تربية وطنية ، بل لعل أسوأ انواع الفساد الذي كرسه هو الفساد السياسي. على أن كل مانحتاجه الآن مسئوولون يضعون الحقائق امام الناس بشفافية لامواربة فيها ، وليذهب كل الكلام البراق المعسول المغالط الى الجحيم . أما أصحاب الغرائز التوريثية للحكم فعليهم أن يفهموا بأنه لاهيبة لأحد أمام الشعب إطلاقاً. تحية تحية للدكتور علي محمد زيد: الموظف اليمني الأممي القدير في اليونسكو والباحث والأديب والمناضل والأكاديمي المرموق صاحب الوعي المنير في الثقافة اليمنية منذ كتابه القيم “ تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري” وحتى روايته “ زهرة البن “ التي سبرت غور المدينة بحس قروي طري. فجأة التمعت في سماء ذاكرتي ملامحه الطفولية التي افتقدتها منذ سنوات مع ان لقاءاتنا كانت عابرة ، ولقد تخيلته البارحة كما لو انه لايزال ذلك اليافع النابغة ابن السادسة عشرة الذي كان - مقرباً من الحزب الديمقراطي الثوري اليمني -على رأس قيادة قطاع الطلبة في المقاومة الشعبية أثناء حصار صنعاء نهاية الستينيات ، فيما كان-حسب تصوري- بذات ملامحه التي تلوي عنق الزمن مضمخاً بهتافاته لشعار تلك المرحلة : “ الثورة أو الموت “ ، وحارساً أحلامه ببندقيته “ الموزر “ كي لاينال منها الهمج. [email protected]