انتصر اليمنيون على الظروف الصعبة والمريرة التي يعيشونها وتجاوزوا كل تداعياتها وعبروا بعون الله وتوفيقه إلى شاطئ الأمان في ال21 من فبراير عندما احتكموا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس التوافقي المناضل عبدربه منصور هادي الذي حاز على أكثر من ستة ملايين ونصف من الأصوات ليتوج رئيساً لليمن خلفاً للرئيس السابق المشير علي عبدالله صالح. فوز هادي برئاسة الجمهورية يُشكل نقلة نوعية في مسار العملية السياسية في البلاد، ويمثل نقطة تحول في حياة اليمنيين الذين عاشوا ما يقرب العام في ظل أوضاع صعبة ومريرة لم يسبق لهم أن عايشوها من قبل، وقد عكس الإقبال الواسع من قبل الناخبين رجالاً ونساءً على صناديق الاقتراع الرغبة الشعبية والجماهيرية في التغيير نحو الأفضل ونقل السلطة بالطرق السلمية عبر صناديق الاقتراع، فالجميع يتطلعون إلى ما سيقدمه الرئيس عبدربه منصور هادي من خدمات تصب مجملها في تحسين أوضاعهم المعيشية وإحداث استفاقة مُنعشة للاقتصاد الوطني، ونقلة نوعية في مستوى الخدمات الأساسية وفي مقدمتها خدمات المياه والكهرباء، وكذلك استعادة الأمن والاستقرار والسكينة العامة في عموم أرجاء الوطن، وتعزيز دعائم الشراكة الوطنية بين مختلف القوى السياسية والمكونات الشبابية والثورية الفاعلة في الساحة المحلية.. لقد أذهلني إصرار بعض كبار السن والمعاقين على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات رغم الظروف التي يمرون بها وشعرت بالارتياح وأنا أشاهد الكثير من صغار السن وهم يتسابقون على تلصيق صور الرئيس عبدربه منصور هادي الرئيس الجديد الذي توافق عليه كل اليمنيين من أجل إخراج البلاد من الأزمات التي تعصف بها، ولمست حالة التفاؤل الواسعة التي تختلج صدور السواد الأعظم من أبناء الشعب بأن الغد سيكون أفضل بمشيئة الله، وأن اليمن في الطريق للولوج نحو اليمن الجديد. لقد شكل نجاح المشير عبدربه منصور هادي في الانتخابات الرئاسية المبكرة نجاحاً لكل اليمنيين الذين منحوه أصواتهم وقالوا نعم للأمن والاستقرار في رحاب اليمن الجديد، الذي ينتظر جهود كل المخلصين من أبناء الشعب من أجل الوصول إليه، فالتعاون مطلوب من الجميع مع الرئيس الجديد، فاليد الواحدة لا تصفق، ومهما كانت إمكانيات ومؤهلات الرئيس الجديد فإنه بمفرده لا يستطيع أن يحقق أحلام وطموحات وآمال وتطلعات أبناء الشعب الذين منحوه الثقة وبايعوه عبر صناديق الاقتراع لقيادة الوطن وإخراجه من المحنة التي يعايشها، فالإنجاز المنشود لا يتحقق إلا في ظل تكاتف وتضافر الجهود الرسمية والشعبية من أجل تجاوز الظروف الراهنة وطي صفحة الأزمة السياسية وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن في ظل الرئيس الجديد المشير عبدربه منصور هادي، الذي نأمل أن يكون عند مستوى الثقة التي منحه إياها الشعب وذلك ليتسنى للوطن تجاوز كل الأزمات التي كادت تعصف به, وما أريد الإشارة إليه اليوم هي نصيحة من مواطن أدلى بصوته للرئيس عبدربه منصور هادي ورأى أن من واجبه إسداء النصح لولي أمره خصوصاً وهو في الأيام الأولى على سدة الحكم, وهي نصيحة المخلص الحريص على نجاحه في مهام قيادة البلاد وأقول له: إياك وأن تُصدق أبواق المدح والثناء والإطراء والتبجيل, إياك وحملة المباخر الذين يتزلّفون ويكذبون من أجل كسب ودك والحصول على مراكز مقربة منك.. لا تكترث وهرطقاتهم ومديحهم الزائف, فهؤلاء لا يمثلون أي شيء أمام الملايين الذين لبّوا دعوتك واستجابوا لشعارك ووافقوا على أن يكونوا معك وشركاء لك في بناء اليمن الجديد, لا تُصدقهم ولا تصغِ إليهم لأنهم وأمثالهم كانوا السبب في خداع من كان قبلك في منصب الرئاسة, لقد جعلوه يصدق كل ما يقولونه له وصار ينظر إليهم على أنهم صوت الحق وجعلوه يبتعد عن ملامسة هموم وتطلعات الشعب وهو ما قاد في نهاية المطاف إلى الثورة عليه والمطالبة بتنحيه عن السلطة رغم كل الإنجازات والخطوات الإيجابية التي حققها والتي قام بها طيلة فترة حكمه التي امتدت نحو 33 عاماً. أيها الرئيس الجديد لا تُصدق من كذب على من سبقك في السلطة, لا تثق فيهم فهم لا يريدون لك وللوطن الخير, هم يريدون الحفاظ على مصالحهم وضمان ديمومة المكاسب التي يحصدونها على حساب ثروات ومقدرات الوطن, انتصر للوطن والشعب ولتعمل على اختيار بطانة صالحة لم يسبق أن تلوثت أيديها بنهب المال العام وقضايا الفساد والإفساد, الوطن في خير وهناك قيادات وطنية مشهود لها بالوطنية والكفاءة فكن حريصاً على أن تقربها نحوك, ودع عنك المنافقين وسماسرة السياسة الذين يتحولون ويتبدلون ما بين الفينة والأخرى من أجل المال والمصلحة الذاتية الرخيصة, لقد أصبحت رئيساً للبلاد وصار بيدك الحل والعقد, وصرت صاحب القرار الأول في البلاد, فكن حازماً وإياك أن تخضع لسلطة شيخ متسلط أو مسؤول نافذ, الكل اليوم تحت امرتك, فاضرب بيد من حديد, نريد دولة لها هيبتها ورهبتها, نريد دولة «تقط المسمار», نريد أن يخضع «القبيلي الجلف» و«الشيخ المتعجرف» و«المسؤول المنحرف» و«المواطن المسيخف» لسلطة الدولة, سلطة النظام والقانون, لا نريد أن تكون هناك درجات ومستويات للمواطنة فكلنا «أولاد تسعة» ليظل التعامل محصوراً بمعيار الوطنية الذي يتساوى عنده وأمامه الجميع. أيها الرئيس أنا واحد من الملايين الذين قالوا لك نعم ومرّغوا إصبعهم في الحبر صبيحة ال«21» من فبراير فلا تخيب ظني فيك, وكن في صف الشعب باعتباره مصدر السلطة التي وصلت إليها وصدقني لا تحتاج إلى «فرقة حسب الله» المتخصصة للمدح والإطراء, الشعب معك ومنحك الثقة وعليك الشروع في العمل الجاد من أجل تحقيق أحلامهم وطموحاتهم, أدر ظهرك للمنافقين الذين لا همّ لهم سوى إظهار حبهم وإخلاصهم الزائف لك, وأنت أكثر معرفة منا بهم فلا تغتر بهم يافخامة الرئيس.. الشعب يريد أن يشاهد منك إنجازات ملموسة على أرض الواقع, الشعب لا يريد خطابات وتصريحات مشبّعة بالوعود والتسويفات فلقد سئمناها جميعاً وأكل عليها الدهر وشرب.. نريد إنجاز ما تقر به أعيننا وتطمئن به نفوسنا وتصلح به أوضاعنا وتتحسن به ظروفنا ويتعافى به اقتصادنا, نريد ما يعزز من أمن الوطن وتطوره ونموه وازدهاره, نريد ما يلبي أهداف وطموحات الجميع دون استثناء بما لا يتعارض مع الثوابت والمكتسبات الوطنية العظيمة والخالدة, نريد ما يقربنا نحو خط العبور الآمن باتجاه بناء اليمن الجديد وصنع المستقبل الأفضل.. ولكي أكون صريحاً معك يافخامة الرئيس فإن الشعب يريد منك في أسرع وقت ممكن إعادة الأمن والاستقرار للبلاد وحل مشكلة الكهرباء والأزمات التموينية المختلفة.. وهذه المهام هي بمثابة الاختبار الحقيقي لك وقدرتك على قيادة البلاد وإخراجها من الأوضاع التي تمر بها. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن. [email protected]