وماذا بعد الواحد والعشرين من فبراير 2012م؟ سؤال يتردد على ألسنة الكثير من الناس ولكنه عبثاً يجد الإجابة الشافية.. لقد استطاع شعبنا اليمني في كل ربوع الوطن الموحد وبكل فئاته الشعبية والرسمية والحزبية أن يثبت للعالم أجمع أنه أكبر من كل جراحات الأزمة وتداعياتها فاستحق احترام الجميع، وزاد من عظمة شعبنا في عيون الأعداء قبل الأصدقاء والأشقاء هو إصراره على ممارسة حقه الديمقراطي والعمل على تثبيت مداميك هذا النهج الديمقراطي السليم كأساس للتداول السلمي للسلطة، وهو ما تجلى واضحاً كالحقيقة على مدار ساعات يوم الواحد والعشرين من فبراير 2012م وليس بعد الحق إلا الضلال. بعد كل هذا الذي تحقق والذي في طريقه إلى التحقق أليس من حق شعبنا في كل ربوع الوطن أن يستريح من عناء الأزمة ومكابداتها ومكايداتها وينفض عنه غبار آثارها السلبية التي عصفت به على امتداد العام المنصرم؟ ثم وهذا هو الأهم: ألا يكفي أن يكون الوفاق الوطني مؤشراً إيجابياً للعودة بالفرقاء إلى وحدة الصف الوطني؟ وأبعد من هذا وغيره من المؤشرات أليس في نجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة رغم كل المعوقات والمنغصات التي اعترضتها ما يدعو إلى الاطمئنان على مستقبل الوطن وطرد وسواس الخوف والقلق من الأذهان؟ فلماذا إذن وبالتزامن مع كل خطوة جادة تتحقق في مضمار تنفيذ المبادرة الخليجية نلاحظ أن المارثون الاعتصامي في كثير من الساحات يمتد ويستمر وكأنه بدأ لكي لا ينتهي دونما وضوح منطقي يبرر هذه الاستمرارية خاصة في «المابعد» 21 فبراير 2012م. إن ما لا يختلف عليه اثنان ولم يعد قابلاً للمزايدة هو أن اليمن استطاع الخروج من عنق الأزمة العاصفة وبأقل تكلفة وذلك لأسباب عديدة أهمها تجليات الإيمان والحكمة اليمانية التي وصفنا بها خير الأنام الذي لا ينطق عن الهوى محمد صلى الله عليه وسلم ومن هذا المنطلق أليس من الإيمان والحكمة عدم التمادي في التمترس في شوارع وساحات الاعتصام..؟ إن التفعيل الجاد لمبادئ وبنود المبادرة الخليجية هو الضمان الحقيقي لبلوغ اليمن أرضاً وشعباً آفاق المستقبل المنشود، وإن ما تحقق حتى اليوم هو انتصار لإرادة الشباب الذين نزلوا إلى ساحات الاعتصام وهو تلبية لجل أو أهم مطالبهم في التغيير، كما هو في الوقت نفسه انتصار للإرادة الديمقراطية المنبثقة عن قناعات الشعب أجمع في الحفاظ على النهج الذي ارتضاه كمبدأ أساسي ووحيد للتداول السلمي للسلطة، والذي شهدنا جميعاً كرنفالية التميز بهذا المنجز الفريد من نوعه في المنطقة صبيحة يوم الاثنين 27 فبراير 2012م وشهد العالم أجمع معنا هذا العرس اليمني الديمقراطي ليكتب التاريخ بحروف من نور الإيمان اليماني والحكمة اليمانية هذا الحدث التاريخي ليتعلم منه الآخرون دروساً مفيدة في حب أوطانهم والحفاظ على مصالح شعوبهم، والتأكيد وبما لا يقبل الجدل على أن هذا الوطن وهذا الشعب منبع الوهج الحضاري المتجدد على امتداد الأجيال رغم أنف عاديات الزمن.. فهل نحن بحجم ما نحن في عيون الآخرين كبار بأمجادنا وتاريخنا وحضاراتنا وإيماننا وحكمتنا الخالدة؟ أم أن إصرار البعض منا على المضي بعكس المجرى سوف يستمر في العناد والمكابرة ويخدش بوعي ويرون وعي ما تحقق على الأرض من طموحات قابلة للمزيد فقط في ظل الأمن والاستقرار واحترام السكينة العامة. إننا لسنا ضد ممارسة البعض لحقهم في الاعتصام، ولكننا ضد الاستمرارية في فقدان الثقة لدى البعض لدرجة أصبح فيه الجلوس في الساحات هو الضمانة الوحيدة لتحقيق كامل الطموحات المستقبلية، كما يخيل إلى هذا البعض أو كما يتم تعبئتهم به من أفكار.. وكأن كل ما أحاط المبادرة الخليجية من رعاية ودعم واهتمام وطني وإقليمي ودولي ليس كافياً أو لا تتوافر فيه القوة اللازمة كما هي متوافرة في ساحات الاعتصام وحمايتها العسكرية. وهنا يكفينا مماحكات ومكايدات ورهانات، وعلى الجميع أن يصحوا من غيبوبة الوعي وسوف نجد أنفسنا جميعاً إذا أردنا أن نصحو فعلاً ونغادر هواجسنا الأنانية سوف نجد أنفسنا نعيش واقعاً جديداً على تراب وطن واحد.. والله معنا إذا أخلصنا النيات وسرنا معاً لبناء اليمن الجديد.