لا بارك الله في قلوب مليئة بالحقد والغل والكراهية.. ولا بارك الله في عقول مليئة بالسوداوية والأفكار المسمومة المعبأة بالانتقام. لا بارك الله في نفوس ضعيفة وأرواح خالية إلا من مشاعر الحياة القائمة على أنقاض حياة أخرى. إننا كيمانيين ضاربين في تخوم التاريخ حياة حضارية أصيلة امتدت عبر العصور جيلاً بعد جيل إننا أكبر من كل ما يعترض مسيرتنا من أزمات وخطوب ودائماً وأبداً تنتصر فينا الحكمة ومصالح الوطن العليا وتولي الأدبار كل الدسائس والأشرار الذين يكنزون في خبايا نفوس كل الضغائن لأنفسهم وأبناء جلدتهم ولوطنهم الذي يعيشون على ثراه الطهور.. وللاستدلال على ذلك فإن تاريخ اليمن السعيد حافل بالشواهد التي تدل بما لا يقبل الشك على عظمة اليمن واليمنيين مهما عصفت بهم النائبات. من أجل ذلك فإن ما يتوجب على كل أطراف الأزمة الحالية من الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والقبلية والشبابية ...إلخ أن يتذكروا اليوم أكثر من أي يوم مضى بأنهم يمانيون دماً وعروبة وعقيدة ووطن، وأنهم من نسل هذا الشعب الممتد من أول التاريخ حتى اليوم، وألا يسمحوا لفعاليات هذه الأزمة أن تهزم إرثهم المجيد من الحكمة والشهامة والكرامة وحب الوطن أو أن ينتصر أعداء الأمة علينا كشعب يوحدنا المصير الواحد ونسمو فوق كل خلافاتنا بمكارم أخلاقنا الموروثة التي هي فينا متجذرة وراسخة كالإيمان وأن نجعل من واحدية هذا المصير الذي يجمعنا الضمير الصادق الذي يقودنا في موكب التغيير إلى الغد المنشود. فإذا ما نسينا هذه الحقيقة فإننا جميعاً كشعب وأشتاتاً كأفراد وأحزاب وجماعات وقبائل سوف نزداد هواناً وتشرذماً ورذيلة يتحقق في أوساطنا هدف الأعداء، وكل يوم يمضي بنا نرجع فيه إلى الوراء خزياً وعاراً نكتبه بأيدينا على وجه وطننا المجيد. وعليه فإننا اليوم وقد جاءت المبادرة الخليجية واتفقنا على آليتها التنفيذية المزمّنة وخرجت من رحمها حكومة الوفاق الوطني واللجنة العسكرية والأمنية إننا اليوم يجب علينا أن نكون بحجم المرحلة والالتزام وألا نسمع لذوي النفوس المريضة التي تجد في خراب الوطن داراً آمناً لها تنعق فيه وتتلذذ بسماعها لصدى صوتها ملء الخواء.. أما كيف نكون كذلك وقد تكشفت للجميع أبعاد المؤامرة على وطننا اليمني وشعبنا ومكاسبنا عامة وخاصة فإن ذلك ليس بالأمر المعقد أو الفعل الصعب بقدر ما هو أسهل من أي فعل آخر إذا وجد فينا الحس الصادق بالوطن وبالشعب، وإذا وجد فينا الضمير الحي الذي يسعى بكل مقدرات أصحابه إلى خلق فضاء جديد متغير لليمن أرضاً وإنساناً. وأول الواجبات الوطنية التي يجب أن تسودنا جميعاً حزبيين ومستقلين هي أن ننسى أيام الأزمة وفعالياتها ومكايداتها ومزايداتها مادام الوطن هو همنا الأكبر، وأن نبدأ صفحة جديدة ونسير معاً على درب العمل والإنتاج والوقوف صفاً واحداً في وجه الفساد والمفسدين بالطرق القانونية والشرعية بعيداً عن الفوضى والارتجال، ثم وهذا هو الأهم علينا أن نسلك نهجاً إعلامياً جديداً ولا نبقى مأسورين تحت ظل خطابنا الإعلامي المتأزم، فالملاحظ أن الكثير من الأفلام بدأت اليوم تسكب حبرها الأسود وتشتم من سطورها نفس روائح الكراهية والغل والحقد وثقافة الكراهية وحب الانتقام، ومثل هذه السلوكيات لا تزيد الأزمة إلا تأزماً ولا تعبر عن النوايا الحسنة التي يجب أن تسود بعد التوقيع على المبادرة الخليجية. إن التاريخ يرصد كل صغيرة وكبيرة وإن الشعب أصبح أكثر وعياً بمصلحته وإن النفخ في بؤر الشر لا يثمر إلا العودة بالوطن إلى المربع الأول والعياذ بالله، ومثل تلكمو أفعال وأقوال يجب على العقلاء من مواقع قيادتهم إسكاتها بل ويجب على كل المتنورين وكل من نعتادهم ونحسبهم متنورين ومبدعين وفقهاء علم وفقهاء سياسة ومجتمع ...إلخ أن يتقوا الله في شعبنا ووطننا ويبتعدوا ما استطاعوا عن صبّ الزيت في النار ويعودوا إلى جادة الصواب خدمة للوطن والمواطنين.. وتكفينا أزمات وكم نتمنى على مبدعينا وكتابنا وإعلامنا عامة أن يهتموا في هذه الأيام بتجسيد المحبة في صفوف الشعب والإخاء ومبادئ المواطنة الصالحة وأن يعملوا على لملمة الشمل وتضميد الجراحات وصولاً بالوفاق الوطني إلى مرحلة العمل الجاد والمثمر الذي يخدم الصالح العام لنا جميعاً بدلاً من الدوران في نفس الحلقة المفرغة التي لم تغادرها خارطة الطريق الإعلامية الرسمية، والمعارضة التي نلمسها اليوم ليست سوى بحث جاد عن مكامن الأحقاد وإبرازها ونشر روائحها في وقت نحن جميعاً في غنىً عن ذلك وبحاجة إلى ردم مثل هذه البؤر والإثبات للعالم أجمع بأننا شعب يماني أصيل تسودنا الحكمة والإيمان وتوحدنا مصلحة الوطن العليا، نختلف لكي نتفق وليس العكس. فكم نحن وكل أبناء الوطن بحاجة إلى أن نعطي حكومة الوفاق الوطني فرصة للعمل ولتأسيس مداميك التغيير الحقة التي ننشدها وأن نحتكم دوماً في خروجنا لمكافحة الفساد أن نحتكم للشرع والقانون والقنوات الرسمية التي تمثلها حكومة الوفاق بدلاً عن الفوضى والشغب الذي يعطل المصالح ويزيد من الضغائن ويعطل المؤسسات ويعود بنا إلى المربع الذي غادره الوطن.. يجب علينا اليوم ألا ننسى أننا أبناء يمن الإيمان والحكمة والوفاق وألا نسمع لأي عدو مبين للوطن.