يستطيع كل مراقب أو مهتم بالشأن اليمني ملاحظة نذر الحرب الطائفية في اليمن بكل سهولة ويسر سواء من خلال مراقبة المشهد الإعلامي أو من خلال تطور الأحداث واتساع رقعة العنف خاصة في شمال البلاد التي تشهد معارك عنيفة ذات طابع طائفي للأسف الشديد. ففي المشهد الإعلامي نجد ملامح الحرب النفسية أو الحرب الدعائية الطائفية بارزة بكل وضوح من خلال العديد من الصحف والمواقع الالكترونية التي تشن حملات إعلامية منظمة وموجهة ومقصودة ومدروسة بعناية ضد طائفة معينة أو جماعة محددة هي جماعة الحوثيين التي تتلقى سيلاً من الرسائل الإعلامية بهدف تشويهها وشيطنتها في نظر المجتمع اليمني. والشيء الغريب أن الحوثيين يتلقون اليوم هجوماً إعلامياً واسعاً ممن كانوا شركاءهم بالأمس القريب سواء في ساحات الاعتصام الثورية أو ممن كانوا يؤازرونهم في حروبهم الست ضد الدولة في محافظة صعدة المتاخمة للجارة المملكة العربية السعودية. بالأمس وأنا أتصفح مواقع الشبكة العنكبوتية شاهدت عنواناً لمقال شدّ انتباهي وأثار فضولي مما جعلني أتابع تفاصيل المقال الذي حمل عنواناً مثيراً ولافتاً للنظر هو (الحوثيون القرامطة الجدد) تضمن معلومات تاريخية عن نشأة الدولة الاسماعيلية وسيطرتها على اليمن إبان عهد الصليحيين في محاولة من الكاتب للربط بين الاسماعيليين والحوثيين. غير أن الكاتب لم يوفق على الإطلاق في ذلك الربط, إذا اعتبرنا أن الحوثيين هم امتداد طبيعي للمذهب الزيدي, والجميع يعرف أن من حارب من يسميهم الكاتب القرامطة القدامى هم الزيديون في اليمن وهم الذين قضوا على دولتهم التي كانت تسمى الدولة الصليحية ويسمى أتباع المذهب الاسماعيلي بالمكارمة نسبة إلى أشهر ملوك بني صليح الملك أحمد المكرم زوج السيدة الفاضلة المشهورة أروى بنت أحمد الصليحي, فكيف يكون الحوثيون قرامطة جدداً إذا كانوا هم من قضى على القرامطة القدامى باعتبار أن الحوثيين امتداد طبيعي للمذهب الزيدي؟ إن مثل هذه الكتابات ليست إلا محاولات بائسة لخلط الأوراق وذر الرماد في العيون وتشويه الحوثيين كونهم قرامطة جدداً حسب زعم الكاتب الذي اجتهد كثيراً من لندن حسبما يقول وأطل علينا بمقال خلط فيه الحابل بالنابل وشوّه صورة التاريخ وأحداثه ووقائعه لغرض واضح ومحدد هو تشويه صورة الحوثيين. أما فيما يتعلق بالمشهد العنفي الطائفي فإن الأمر قد بلغ ذروته وللأسف الشديد بين الجماعات الدينية المختلفة, حيث تدور معارك عنيفة بين السلفيين الذين توافدوا من أنحاء اليمن إلى دماج للجهاد ضد من يسمونهم الرافضة الحوثيين وهي مصطلحات غريبة على ثقافتنا اليمنية التي لم تعرف عبر التاريخ إلا الزيود والشوافع ولم يحدث في يوم من الأيام ان جاهد أي منهما الآخر. ومن جانب آخر فإن معارك ضارية تشهدها محافظة حجة بين الإخوان المسلمين من جهة وبين الحوثيين من جهة أخرى ضمن مشهد الحرب الطائفية التي تشهدها اليمن, حيث لم نكن نتمنى أن تنزلق البلاد في أتون حرب طائفية ربما تكون لها بداية ولا أحد يعلم أو يتوقع متى ستكون نهاية تلك الحروب الطائفية. وأخيراً لابد من الإشارة إلى حقيقة مفادها أن الحوثيين يتميزون عن غيرهم من الجماعات الدينية الأخرى من حيث تعظيم حرمة سفك الدماء, إذ لم نسمع يوماً من الأيام فتاوى تجيز استباحة دماء الآخرين كما تفعل بعض الجماعات, كذلك حسب معلوماتنا أن الحوثيين لا يعتدون على أحد إلا بمثل ما اعتدى عليهم. وختاماً الجميع يعرف بعد الحوثيين عن العمليات الإرهابية مقارنة بالقاعدة التي تمارسها بدم بارد. باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]”