يمكننا فعل الكثير طالما وهذا الوطن يجمعنا .. ويمكننا ردم الهوة الكامن فيها غبار الفواجع ونافورة الدم وتراكمات الأيام المريرة .. فقط لو أردنا بناء يمنٍ جديد. كما يمكننا أن نعزز مبدأ التسامح فيما دون الحقوق المباشرة .. فما أعلمهُ أن الشهيد يُغفر له كل شيء ماعدا الحقوق الشخصيّة .. ولكني أدركُ أن الحيّ أبقى حتى يأخذ دورته في الحياة ويمضي لما قدّم. يمكننا أن نتجاوز كل المؤامرت المحدقة بيمننا الحبيب .. وأن لا نقع فرائس سهلة للموتورين من كل الجهات التي لا تُراعي قيمة هذا الوطن .. وتمضي بنا نحو المجهول .. وكأننا لم نتجاوز من قبل الكثير من العثرات .. والأكثر من غيبوبة أخلاقيّة أفسدت الحرث والنسل وجعلتنا أشبه ما نكون بالقوارير الفارغة يُعاد تعبئتها دوماً بما يريده أصحاب النظريات الهدامة .. والشذوذ الفكري .. والمصطلحات الفضفاضة .. والنعرات الطبقية .. والهواجس الموبوءة بحُمّى التخاذل والتقاعس عن حب هذا الوطن العظيم رغم كل ما فيه من انكساراتٍ وخيباتٍ وطلاسم مكررةٍ ما أنزل بها من سلطان. يمكننا أن نفتح قلوبنا قبل عقولنا لحوار المحبة .. وأن نساهم جميعاً في ترويض النكايات .. ونستشعر حقيقة الانتماء .. ونتسامى عن صغائر الترهات وكبائر الأحقاد .. لنمضي معاً نحو برّ الأمان. يمكننا أن نشير معاً إلى وجه الفاسد فيغدو رهن مواجهته بذاته .. ولا شيء أسهل من رد المظالم لأهلها في هذا الوطن إن حسُنت النوايا .. فأكثرنا يدرك جيداً أين مواطن الخلل .. وأغلبنا يعلم أننا لو أردنا أن نكون نموذجاً يُحتذى به لتسابقنا لنزع فتيل العداوات كما تتساقط أكوام الغبار عن نافذةٍ قُدّر لها أن تكون فاتحة الضوء. يمكننا أن نمنح أطفالنا الغد المشرق .. ونعيد للدولة هيبتها .. ونزيح عن كاهل نفوسنا مشاعر الخيبة وأردية الجهل المتعمّد .. والتراكمات الهزيلة .. فمازال هناك الخير الكثير بعقول أبناء يمن الثاني والعشرين من مايو .. يمن الواحد والعشرين من فبراير .. يمن الصبر والتضحية .. يمن الخلاص من كهنة الترويج لكل ما يُفسد العيش الكريم .. والأمان الذي بات رهن حماقات فرديّة لا تُراعي إلا خدمة أجندة المارقين عن دين الإنسانية .. العابثين بكل معاني الجمال الممتد لفاطر السماوات والأرض تجلّى في علاه عن كل من اتخذ اسمه طريقاً لهلاك البشر.