تريثت كثيراً، وعلى غير العادة في اختيار أو تغيير العنوان الذي ظننته في لحظة معينة مناسباً ويتلاءم مع موضوع التناولة التي أردتها مختصرة ومباشرة، قبل أن تساورني الشكوك وبعض الظنون في جدوى الاحتفاظ به أو تغييره، لسببين اثنين: يعود السبب الثاني إلى أنني كنت قد انتهيت للتو من كتابة العنوان النهائي لهذه التناولة، قبل أن أقوم بقراءة «نصائح» و«دليل إرشادات» الأستاذ منير “الماوري” عن كيفية كتابة المقال السياسي(!!)، التي أراد بها أن يقدم «وصفة جاهزة» أو «قالباً جاهزاً» لكل المبتدئين الراغبين في كتابة المقال السياسي، وعلى طريقة: «كيف تكتب مقالاً سياسياً ناجحاً بعد قراءة مقال واحد»، أو ما يمكن أن نسميه ثقافة «القولبة». ومع أنني أحترم كثيراً ما ورد في مقالته تلك، على الأقل من باب احترام الحق في التعدد والتعبير عن الرأي، إلى جانب أنني أعده «ثمرة يانعة» لخبرته الطويلة في كتابة المقال، لكنني أرجوه أن يراجع ما كتبه المختصون في هذا الشأن مما هو متوفر في المكتبات أو منشور عبر الشبكة الدولية للمعلومات «الانترنت»، أو على الأقل أن يحيل «مريديه» لبعض تلك الموضوعات المتخصصة لزيادة «الفائدة» وإحداث «التراكم» عندهم معرفياً ولغوياً، ولمعرفة أسس التحليل السياسي وقواعده ومناهجه، أو أن ينصحهم بمداومة القراءة لبعض كبار كتاب المقال السياسي بطول الوطن العربي أو العالم وعرضه وما أكثرهم ليكونوا نماذج للراغبين منهم في السير على نفس الخط «التقليد، أو القولبة»، أو نقطة انطلاق للباحثين منهم عن التميز «الإبداع» والانسلاخ من القالب الجامد الذي شكّله “الماوري”. والواقع أن كثيرين من أشهر كتّاب المقال السياسي في جميع المجتمعات بدأوا مقلدين وربما «ناقلين» ولو بشكل جزئي لأفكار وأساليب الآخرين، ليتحولوا بعد جهد ومثابرة وطول كتابة وممارسة إلى مبدعين و«ناقدين» لأساليب وأفكار الآخرين، وربما صار بعضهم مصدر «إلهام» لأجيال جديدة من كتّاب المقال، وهكذا هي مسيرة الحياة تقليد يتلوه محاولات للتميز والإبداع، وبينهما مسار طويل من التجارب الفاشلة والمتعثرة، والإخفاقات المتصلة، ثم يأتي النجاح. ولا شيء يأتي بمجرد اتباع «قائمة إرشادات»، أو احترام التعليمات «القولبة» وإلا لكان جميع الكتاب نسخاً مكررة لا تستحق منا القراءة والمتابعة. أما السبب الأول للتريث فهو يعود إلى رغبتي في التعليق «بدبلوماسية» على ردود الفعل غير «الطبيعية» وغير «الدبلوماسية» التي عبّر عنها الشيخ الثائر «فريد» أو «حميد»، وإعلانه «الثوري» و«الشعبي المجيد»، ولو صدر من «طرف واحد وحيد»، نهاية «شعبية وشرعية» الرئيس «المنتخب الجديد»، ومطالبته بالاعتذار الفوري و«العلني»، وربما أنذر بالمزيد، رداً على التصرف غير «الدبلوماسي» من مراسيم مكتبه «الجديد» تجاه وفد التهنئة برئاسة الشيخ صادق «الوعد والوعيد» الذي وصل مع موكبه ليقابل الرئيس في منزله من غير «موعدٍ» سابق، أو ربما حلّ قبل أو بعد «الموعد» السابق، لأنه لم يألف التقيد أو الوفاء بأي «وعد» أو «موعدٍ» سابق، أو «وعيد». وهي «الخطيئة» التي برأي الشيخ الثائر الفريد لم تغفرها أسرته وقبيلته لأي رئيس «سابق» أو أسبق أو «شهيد»، فالرجل (أي الشيخ صادق) ينحدر حسب القالب الأسطوري الجديد من سلالة «البيت الذي يصنع الرؤساء»، وأخوه «وحده» صاحب «الفضل» أدام الله فضله، بصوته كان له كلمة «الفصل» في وصول الرئيس إلى السلطة، وقد كان نائباً في «السابق»، لكنه بتصريح الشيخ الثائر لم يتعظ من كل ما حدث للرئيس «السابق». وتذكرت للحظات انتخابات الرئاسة لسنة 2006م، يومها كان الشيخ «حميد» معروفاً بصفته نائباً لمرشح اللقاء المشترك الراحل المهندس «فيصل بن شملان» (رحمه الله تعالى)، وتخيلت لو أن هذا الأخير فاز في تلك الانتخابات، هل كان الشيخ الثائر سيمهله لممارسة مهام منصبه الجديد؟ وهل كان سيحترم إرادة الشعب وأصوات الناخبين، أم لا؟ أم ترانا كنا سنتحول «ديمقراطياً» إلى حكم سلالة «البيت الذي ينجب الرؤساء»؟ عجيب كيف يختزل هؤلاء إرادتنا وإرادة الوطن كلها فيهم!! جامعة إب