علماء الدين ومشائخ الفقه والقضاة ومشائخ القبائل مدعوون لمواجهة حساباتهم وأوراقهم وأدوارهم في الحياة في الوطن، وسوف يدركون أن الحزبية قد مزقتهم وفرقتهم وصيّرتهم شيعاً وأحزاباً لا يعتد بهم ولا يوثق بهم.. فانقسم الشعب بعدهم وتفرق.. وهو أمر مشين غير مقبول كون ذلك أخرجهم من دائرة المرجعيات ورأى فيهم الناس عبارة عن عناصر وكوادر حزبية كل متعصب لحزبه في فتواه ورأيه واجتهاده وانحيازه.. وهكذا لم يعودوا أهل العقد والحل بقدر ما أصبحوا أطرافاً في المشاكل. هناك مقولة تقول: «إذا زلّ العالم زلّت بزلته أمة أما إذا زل الجاهل فسيزل وحده». هناك أيضاً رواية تقول: إن الإمام أبو حنيفة كان يسير على شاطئ نهر، فرأى طفلاً يلعب عند شاطئ النهر فكلمه أن لا يلعب بقرب الشاطئ حتى لا تزل قدمه فيقع في النهر ويغرق.. فأجاب الطفل على الإمام أبى حنيفة.. وقال: «يا إمام.. أنا إن زلت قدمي زللت إلى النهر وحدي وأموت وحدي أما إن زللت أنت فستزل بعدك أمة»، فاقترب منه الإمام «أبو حنيفة» ووضع كفه على رأس الطفل فأحس أن دماغ الطفل كأنها تفور تحت كفه، فالتفت إلى مرافقيه وقال: هذا الطفل لن يعيش. وعليه نهيب بعلمائنا أن يتخلوا عن الحزبية ويوحدوا كيانهم بدلاً من هيئة للعلماء، وأخرى جمعية للعلماء، لماذا لا تكون كياناً واحداً ينتخب من بين أعضائه هيئة شرعية للإفتاء ممن هم أكثر فقهاً، ومن يحق أو مؤهلين للاجتهاد ليكونوا مرجعية للوطن فيما يختلف عليه السياسيون ويحرصون على أن تكون فتاواهم لخدمة الأمة سلاماً وأمناً واستقراراً، وأن يكونوا مع درء المضرة قبل جلب المنفعة لأن درء المضرة سيجلب المنفعة، وحيث تكون مصلحة الأمة يكون شرع الله. أما مشائخ القبائل فليكونوا شيوخاً لقبائلهم عامة، وليتحزب القبائل كما يشاءون لكن الشيخ يظل للجميع، ويكون لهم مجلسهم، وقيادة لهذا المجلس من كبار الشيوخ، وهم الذين يقررون أين تكون القبيلة بموجب فتوى هيئة العلماء، وأن يكونوا في البداية سعادة للإصلاح بين السياسيين، ما لم فليكونوا ضد الباغي، بدلاً من الانقسام والتشرذم حزبياً، والإضرار بالوطن وأمنه واستقراره واقتصاده وسلمه الاجتماعي.