لا يحتاج الأمرعند «عبده عجيل» إلا إلى شوية حركات فاقدة للياقة وقليل من «الفصاع» والمرافقين الاعفاط ليتحول إلى نجم وقائد ثوري وشيخ قبلي وأكبر مثقف وإعلامي وكل شيء، المهم أن يبقى في الصدارة ولا يهم ماذا يقدم. ببهلوانية ثقيلة يخطف جهود الآخرين ولا يبالي, ذات يوم دعا عاقل القرية «ردمان الطيب» إلى وليمة كبرى بمناسبة افتتاح مشروع مياه القرية ....كانت عادة أصحاب القرية أن يتسابقوا بتقديم الهدايا في مثل هذه المناسبات كمعيار للوجاهة والزعامة، أفضل الهدايا هنا هي الماشية من كباش وعجول سمان مثلاً, أراد «عبده عجيل» أن يكون الأول في السباق, اشترى «عجلاً هزيلاً» جداً ومريضاً أيضاً وزج به بين العجول في حوش منزل عاقل القرية, شاهد «العجيل» «عجلاً سميناً» في الحوش كان قد قدمه «علي سعيد الوادي» دون إعلان ..بدا «عبده عجيل» يمسك بقرون العجل السمين واستمر يمسح على ظهره وبمجرد خروج الشيخ «ردمان» أمسك «عبده عجيل» برأس العجل «السمين» جيداً مخاطباً «ردمان الطيب» والله وأنا عبيدك أتعبني ياشيخ مشيراً إلى عجل «الوادي» كأنه هو من أحضره، ليرد عليه الشيخ مباشرة: خلوه عندك وتعال نتغدى ما قصرت ياشيخ «عجيل»، وأصبح «عبده العجيل» نجم المجلس الأول كما أراد, «القات» الفاخر من نصيبه والكلمة الأولى له، كان الشيخ «ردمان» يردد: الله كريم يحب الكريم يقصد «العجيل» الذي التقط المكرفون بدوره ليتحدث عن كرمه وتضحياته وكيف يفتح الله عليه بعد كل عطاء وبذل وتضحية، مشدداً على تقديم أفضل «عجل» إذا أردت أن تهدي وتتكارم مش عجل ميت وهزيل، و في هذه الأثناء كان «علي سعيد الوادي» في طرف المجلس دون أن يلتفت إليه أحد لولا حارس الحوش الذي تقدم ليهمس في أذن الشيخ ردمان أن «علي سعيد الوادي» الذي قدم «العجل الأفضل» في آخر المجلس بدون قات ويهم بالانصراف وخبر آخر أن «العجل الهزيل» الذي قدمه «عبده عجيل» مات وكان مريضاً بمرض معدٍ وبحاجة إلى نقله بعيداً، التفت العاقل ردمان إلى «عبده العجيل» الذي كان مازال يتحدث عن كرمه وتضحياته في سبيل القرية، مستشهداً بقول الشاعر: لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والاقدام قتال لم يفعل الشيخ ردمان سوى أنه نادى «علي سعيد الوادي» وأجلسه بجانبه وبدأ يعرّف الناس بمناقبه وكرمه فقامت قائمة «العجيل» واعتبرها إهانة لدوره التاريخي وخرج مغاضباً وبدأ يوزع منشورات مليئة بالشتائم والبذاءة ضد «علي الوادي» سارق جهود الآخرين وقليل الأدب والعائق الوحيد لتقدم البلاد والمهدد للثورة والجمهورية والديمقراطية، صارخاً: يا «عيطله يابيطله» اشهدوا يا أمة الصلاة على الوادي والشيخ ردمان لقد خانوا القرية، وبراءة للذمة أحمل الوادي والشيخ ردمان مسؤولية ضياع القرية والمرض المعدي أيضاً الذي يقضي على الماشية والثروة الحيوانية.