سألت أحد العرب المراقبين والمتابعين للشأن اليمني: هل تعترف بحق شعب الجنوب اليمني وقضيته وتقرير مصيره؟ قال : “إذا لم أعترف بحق شعب الجنوب وبقضيتهم العادلة، أكون بلا أخلاق”. هذا الموقف لشقيق عربي ربما يتابع جذور المشكلة عن بُعد.. ولكن أين الموقف العادل لإخواننا الوحدويين الذين عاشوا في صميم المأساة، وساهموا بقدر أو آخر، في وجود المشكلة نفسها؟ وأين هذا المواقف الأخلاقي والإنساني، من أصحاب الكتابات التي تهاجم أبناء الجنوب، وتكيل لهم الشتائم والتهم، في تعبير صارخ عن معنى “الصمت دهراً على الغبن والظلم، والنطق كفراً بحق المظلومين”! أم أن هذه “الأقلام” قد صارت بلا ضمير، وكأنما هي ميتة لا دم لها.. ولا..! مما يؤسف له أن بعض هذه الكتابات، ذهبت إلى درجة الاستخفاف بانتماء وهوية شعب الجنوب.. دون أن تشعر أو تعترف بأن أهل الجنوب هم بشر أسوياء.. وأن أرضهم لهم.. ومواردهم لهم.. حتى أن منظرو الاستبداد والهيمنة يستغربون كيف أن هذا الشعب (البدون أصل) يوجد فوق تلك الأرض الشاسعة المتميزة استراتيجياً والغنية بالثروات والثقافة والمدنية! هذه هي نظرة الاستبداد والتخلف التي ترى الآخرين مجرد رعايا..! إلى درجة أن أحد الزملاء - أكن له وداً كثيراً- أراد أن يكرر لنا ما قاله “سياسي وحدوي” ذات يوم (بأن الجنوب أرض بلا شعب) ولكن بشيء من التحريف، عندما كتب يصف الجنوب بأنه: “يمنية المساحة الأكبر من اليمن..!” وهكذا يؤكد حقيقة أنه لا يهمهم السكان بقدر اهتمامهم، حد الموت، بالأرض والثروة التي، للأسف، من أجلها دخلوا الوحدة.. ومن أجلها فقط يعبدون هذا الإله الصنمي..! وحتى لا يتهمنا أحد بالتحامل على هؤلاء فإنني أنصح من فشل وعجز عن معرفة أشكال النهب والفيد التي حلَّت بالجنوب، أن يطالع كتاب د. حسين العاقل (قضية الجنوب) وحقائق نهب ممتلكات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) بدءاً بالثروة النفطية والمعدنية، مروراً بالمؤسسات والأراضي والعقارات وتقاسمها بين المتنفذين: عسكريين، ومدنيين، وتجاراً، وشيوخ قبائل قادمين من الشمال. ولا يزال الجنوب غنيمة حرب حتى هذه اللحظة..! الوحدة -ياسادة- ليست “فيداً” وهيمنة..! ولن ننعم بالاستقرار، أو ننجو من لعبة الموت، ما دام بيننا من لا يزال يعتقد أن “الوحدة” لونها أحمر..!!