الوحدة ليست قرآناً منزلاً، وما يطرحه الجنوبيون اليوم بشأن تقرير مصيرهم ليس كفراً..! فالوحدة، السائدة المعلنة في 22 مايو 90م - لسوء الحظ - فقدت جاذبيتها ومشروعيتها وحيويتها، وهي اليوم جثة شبه هامدة في غرفة الإنعاش، لا تستحق العبادة أو أن نحولها إلى معبود؛ فالعبادة لله وحده لا شريك له. أقول هذا الكلام، ونحن نرى هنا وهناك زُمراً منفعلة تغذي توتراتها هيجانات نزقة ونزعات رثة للقابعين في أقبية “الانفصالية القبلية”..! الأمر هنا يُثير تداعياته ودواعي العجب والعجائب.. المتشربون حتى العظم بثقافة “الانفصالية القبلية” والمسجونون في المربعات المسيخية الضيقة، يتحدثون بالمشاريع الوحدوية الوطنية والقومية والأممية الكبرى..! أزلام النقائض، الازدواجيون، العدميون، يقدمون أنفسهم قدوة لنا ومعلمين في الوطنية. (غالباً ما يعاقبنا أولئك الذين أخطأوا..!) أوسكار. بعض”المشايخ” الذين لايزالون خارج الزمن، لا يؤمنون بالدولة والمؤسسات قدر إيمانهم بوجاهاتهم واستعبادهم للناس، هؤلاء يلوكون بألسنتهم المفاهيم الوحدوية والثورية بصورة مستفزة إلى درجة الغثيان..! أعتقد أنه نزق “وحدوي” زائف ليس إلاّ, وسفسطة وأهواء غوغائية تعلو على الواقع وتتعسفه وتجافي حدود زمانهم ومكانهم؛ لأن الوحدة والوحدوية ثقافة وقيم وسلوك، وطور جديد من مستوى الوعي الاجتماعي، لا ينسجم البتة مع الطور القبلي المشيخي التقليدي، إلاّ إذا كانت وحدة من النوع الذي تمنح السفهاء تسلطاً فجَّاً على الرقاب..! وتباً لوحدة يحكمها الهابطون البلهاء، تباً لوحدة أوصلونا معها وبها وباسمها إلى الدرك الأسفل ودفعوا بالشعب إلى أخطر حالات التمزق وبالوطن إلى قاع الفشل والسقوط المشين..! *** وقفات: - لو أمكن للتضحية الوطنية أن تتجسد بأروع صورها لكانت نحن..! - إذا كانت الوحدة قد فرضت علينا حكاماً من النوع الذي خبرناه، فيعلم الله أنه من كانوا وحدويين حتى العظم قد أصبحوا اليوم أقل من ذلك..! - اليمن الموحّد الذي نكب بأبنائه المتسلقين.. هذا اليمن المسكين، قد تاه اليوم بين انتهازي ومتسلق ومنتفع، كل همّه أن يكسب أكبر قدر من الثروة والهيمنة والنفوذ، حتى وإن كان هذا على حساب اليمن وكرامته وعزة أبنائه..!