عبدربه منصور هادي.. رشحه العالم وانتخبه الشعب اليمني وكان الإقبال على الصناديق غير مسبوق، قرابة السبعة ملايين يمني خرجوا ليس من أجل الممارسة الديمقراطية وحسب, وإنما رغبة في السلام والاستقرار فقد عاش الشعب اليمني كله دونما استثناء حياة رعب وخوف وقلق لم يعش مثلها في التاريخ.. ليس الخوف وحسب وإنما هي حرب ضروس عاصفة قاصفة، فالدماء تسيل في الشوارع والغرف وسطح المنازل ولم يستطع هذا الشعب أن يذوق طعم النوم لأشهر طالت وعرضت.. إنها حياة العدم إلى درجة شعر معها اليمنيون أنهم يعيشون حياة القبور إلا أنهم أحياء!! انتخب الشعب اليمني حياة نرحو أن يرحل منها صانعو الأزمات ودراكولات الرعب وسحرة الدمار وكهنة الخراب.. لقد نفدت أوراق الاقتراع في عشرات المدن بسبب الإقبال منقطع النظير على آمال خضر مستبشرة بحياة يحل فيها النشيد الوطني محل الرصاص ويسود فيها النغم القرآني محل الخصام والنزاع والتآمر البغيض. لقد جرب الشعب اليمني الفوضى.. فوضى احتقار القانون ابتداءً من انتهاك قواعد المرور ومروراً بتهريب الغذاء الفاسد والعلاج (الفائل) وانتهاء بالقضاء الذي فقد الشعب الثقة بمعظم قضاته الذين تولوا القضاء عن جهل ومحسوبية ورشوة – كما يقال – فأدرك الشعب أنه الضحية الأولى والأخيرة لهذه الفوضى الماحقة التي لم تبقِ ولم تذر.. جرب الشعب اليمني كيف أن تجاوز النظام والقانون وعدم احترام الأقدمية، وتولية المفسدين العاجزين واللصوص جعل الشعب يدفع ثمن ذلك دمه وعرضه وماله وسكينته, فعلى هذا الشعب أن يكون مع الخيار الثاني وهو الاستقرار والسلام والتقدم. لقد هب الشعب اليمني بكل فئاته إلى صناديق الانتخاب هرباً من الحياة السوداء التي عاشها شهوراً .. كان الصندوق في 21 فبراير بمثابة تعويذة لاذ بها الملايين من اليمنيين من الخوف والهلع والظلام, والصندوق أصبح يعني احترام القانون وسيادة الدستور واحترام الذات ومحاسبة المفرطين المقصرين العابثين. إن الرئيس الجديد لن يستطيع أن يحقق النور في شرايين الكهرباء المقطوعة, ولن يحقق العدل في ضمائر القضاة الميتة ولا الإخاء والمودة في الذوات الحاقدة الجاحدة إلا بالتعاون وبلوغ درجة اليقين بأن النوايا الطيبة مع العمل الصالح بداية حياة سعيدة يطمح إليها أبناء اليمن الواحد.