من الصعب, بل من المستحيل أن نجتمع لإنجاز عمل ما دون أن نتفق على ثوابت معينة.. فركاب السيارة لابد أن يتفقوا على وجهة واحدة للسير.. فليس الراكب إلى عدن يريد الحديدة بنفس الوقت, فهناك مركبة تذهب إلى الحديدة على هذا الراكب أن يذهب إلى المكان المخصص.. وهكذا.. وعلينا أن نتفق على أن طعام الإفطار ليس هو القات وأن الباكستان ليست فنزويلا.. وأن الشمس لاتسير بمادة الكيروسين. في اليمن وفي أي بلد في العالم لابد أن نتفق على أن القانون, أي قانون هو وحده الذي يضبط إيقاع الحياة وأنه بدون قانون سوف تسير هذه الأمة أو تلك للفوضى والزوال.. ولابد أن نعترف أن الوطن هو بيتنا جميعاً وأن أي سوء يصيبه سيطالنا جميعاً، فالوطن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. على اليمنيين جميعاً دون استثناء أن يجيبوا على سؤال واحد: ماذا نريد من هذا الوطن؟ وأحسب أن الجواب سيكون أن نحيا بسلام في ظل قانون لايفرق بين الناس وفي ظل حقوق ينبغي أن تعطى وواجبات ينبغي أن تؤدى, فالكل سواسية في ميزان العدل والكل يعرف ماله وماعليه. لقد جربنا أن يدار العدل والقضاء في كثير من شعوبنا العربية والإسلامية بواسطة التوصيات والرشوة وقضاة جهلة, وجربنا في كثير من بلادنا العربية والإسلامية أن نتخطى قانون الابتعاث والتجاوز لمعايير القبول في بعض الجامعات, كما جربنا أن نولي بعض المعارف في مناصب تشترط معايير علمية وموضوعية لاتنطبق على هؤلاء المعارف والأصدقاء.. جربنا أن نتجاوز مبدأ الأقدمية في التعيين.. وجربنا أن نهمل طاقات الشباب وهي طاقة جبارة فلا نوظفها على النحو الصحيح.. جربنا وجربنا.. فكان أن حصد الوطن العربي نتائج مريرة فوضى على كافة الأصعدة, خلقت خوفاً ورعباً حصد السكينة العامة والاستقرار الاجتماعي.. ولم يكن أحد ناجياً من هذه الكوارث, فما يعمل صاحب عشرات الملايين في مجتمع لايستطيع أبناؤه أن يعيشوا بسلام ولايستطيع هو أن يعيش بهدوء وراحة بال. إن الوطن في ظل غياب القانون يصبح زنزانة كبرى وسجناً رهيباً ومخيفاً. تعالوا نجرب أن نحيا في ظل القانون.