منال الشيباني في كل ركن من هذا العالم هناك بشر يولدون ولا يملكون خيارا في ملامحهم أو أجسادهم أو ألوانهم أو هوياتهم لكنهم يحاسبون كما لو أنهم اختاروا كل ذلك عن قصد لا جريمة لديهم سوى أنهم لا يشبهون القالب المناسب الذي رسمه المجتمع لمن يستحق الحياة بكرامة يقصون من المركز إلى الزوايا من النور إلى الظل من المعنى إلى النسيان أولئك هم المهمشون بأسمائهم المتعددة وقصصهم المختلفة وجرحهم الواحد. فئة من هؤلاء يولدون بين نوعين لا هم ذكور تامون ولا إناث كما اعتاد الناس التصنيف يختصرهم الطب في مصطلح الانتر_سكس وتحاصرهم المجتمعات بنظرة الشذ/وذ والخوف منذ لحظة الميلاد تخفى هويتهم وتقرر مصائرهم دون استئذان أطباء يقطعون دون علم وأهل يخفون الطفل عن العلن ومجتمع لا يمنحهم سوى خانة لا تليق بإنسان.. الكثير من هذه الحالات تولد في اليمن حيث تقوم الأسر بالتستر عليها خوفا من المجتمع بدلا من البحث عن العلاج أو المشورة وقد رأينا جميعا فتيات تم تزويجهن فقط ليفاجأ الزوج لاحقا أن من أمامه ليست أنثى كما أعلن بل إنسان آخر حرم من حق الفهم والرعاية والتسمية منذ الطفولة.. لكن الانتر_=سكس ليسوا وحدهم، اللون وحده قد يكون جريمة في جنوب إفريقيا أيام الفصل العن/صري كان لون الجلد كافيا ليقرر مصير الإنسان أين يعيش ما يدرس من يتزوج بل إن كانت روحه تستحق الحزن إذا أزه/قت.. وفي أمريكا رغم القوانين والتقدم لا تزال حوا_دث قت/ل الس/ود على يد الشرطة تذكرك بأن التاريخ لم ينته بعد بل يعيد نفسه بطرق حديثة.. طفولة تسرق فقط لأن بشرتك أغمق من معيار الهيمنة.. في الهند ولد المنبو_ذون خارج طبقات المجتمع يطلق عليهم الدا_ليت وهم لا زالوا يحرمون من التعليم من العمل الكريم من الحب فقط لأن التاريخ وضعهم في قاع السلم والحاضر لا يرغب في رفعهم.. وفي المخيمات يولد اللاجئ لا يملك هوية قانونية لا وطن لا مستقبل واضح يعامل كرقم كعبء كحالة مؤقتة رغم أن الزمن قد ينساه هناك.. من لا يملك جنسية لا يملك صوتا وكأن الوجود نفسه بحاجة إلى ختم إداري كي يعترف به.. الأطفال الذين يعملون في مكبات النفايات.. النساء اللاتي يجبرن على الزواج أو يمنعن من الدراسة.. الأقليات الد/ينية التي لا تستطيع ممارسة طقوسها علنا.. أصحاب الإعاق_ات الذين يتركون بلا دعم حقيقي.. جميعهم يتشاركون المأساة نفسها العيش كأنهم خطأ بشري لا يليق بالواجهة..! ما يجمع هؤلاء جميعا ليس اختلافهم بل وحدة مصيرهم أنهم يعاقبون لأنهم لم يطابقوا القالب.. التهميش لا يأتي من ذنب بل من ضيق الأفق من الخوف من المختلف من الحاجة المريضة إلى تصنيف كل شيء والسيطرة عليه.. هؤلاء لا يحتاجون شفقة بل اعترافا لا يريدون معجزة بل مساواة أن ينظر إليهم كأفراد لا كملفات أن يحصلوا على حقهم في الحلم لا مجرد البقاء.. تجارب بعض الشعوب علمتنا أن الاعتراف ليس نهاية الطريق بل بدايته جنوب إفريقيا بعد الفصل الع/نصري لم تشف بالقوانين بل بجراح مكشوفة قيلت في العلن رواندا بعد الإب/ادة لم تعد كما كانت لكنها بدأت بالصفح والحقيقة وحتى في أمريكا ما زال النض/ال مستمرا من الشارع إلى الشاشة من احتجاج إلى حبر.. لا يمكن للإنسان أن يولد حرا إذا كان نصف العالم يعامل كمخطئ لا تتقدم حضارة تقصي من لا يشبهها والكرامة ليست ترفا بل أساس الحياة الفئات المهمشة ليست هامشية بذاتها بل لأنها كتبت خارج إرادة العدالة.. فليكن هذا النص لا مجرد تأمل بل إعلان أن من حق كل إنسان أن يرى أن يحترم أن يعيش دون أن يبرر اختلافه لا أحد يستحق أن يطفأ ضوءه لأن العالم لم يتعود على لونه.. اصله.. عمله .. اختلافه.. من حائط الكاتب على فيسبوك