أمر دبر بليل.. تغيير مصلح الذرحاني كارثة قادمة للانتقالي.    هل يتساقطون كأحجار الدومينو وينكشف المستور؟    توجيهات ابوزرعة لإطلاق سراح الكازمي غير قانونية    تقدم مفاوضات وقف النار في غزة وسط تفاؤل أمريكي وتصعيد اسرائيلي في الضفة الغربية    قرار أحمق وسط هجير يونيو    مساعي اعادة فتح طريق رئيسي وسط اليمن تصل إلى طريق مسدود    تقرير أممي: نسبة الفقر متعددة الابعاد في اليمن مرتفعة وشدته ثابتة منذ عقد من الزمن    قاضي يطالب النيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية ضد الجهات المعنية ومزارعي الخضروات المروية بالمجاري في صنعاء    السامعي يدعو الاطراف اليمنية للافراج الفوري عن جميع الاسرى ويؤكد أن السلام هو الانتصار الحقيقي    انتصروا على الاوضاع والظروف القاهرة    طقس حار وأمطار متوقعة على المرتفعات وتحذيرات من اضطراب البحر حول سقطرى    - اليمنية عزيزة المسوري تتحرر من اللباس الإسلامي في لبنان بهدوء، بينما هديل تواجه العاصفة في اليمن!     فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر    قوة للعدو الإسرائيلي تتوغل في المناطق الحدودية بريف القنيطرة السوري    اليمن يوسع نطاق الردع.. "بئر السبع" في دائرة القصف    صنعاء .. الكشف عن تفاصيل جريمة قتل ازهقت روح عريس قبل زفافه    قيادة السلطة القضائية تتفقد سير العمل بعدد من المحاكم في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء    فوضى أئمة المساجد والمعاهد الدينية تؤسس لإقتتال جنوبي - جنوبي    اجتماع برئاسة وزير الزراعة يناقش دور الجمعيات في تنفيذ خطط سلاسل القيمة    الجنوب العربي: يصرخ من الاقنعة الزائفة التي شوهت وجهة    بن حبتور والرهوي يدشنان العام الدراسي الجديد 1447ه    ثورة النساء .. تظاهرة في عدن منددة بتدهور الأوضاع وانقطاع الكهرباء    البنك الدولي يحذر من تدهور أوضاع 39 دولة هشة مع تنامي الصراعات    جريمة بشعة في صنعاء القديمة والضحية فتاة قطع جسدها لاخفاء الجريمة "شهادتان من سكان محليين"    وفاة 19 فتاة "عاملات قُصّر".. مصر تنعى "شهيدات لقمة العيش"    الرئيس يعزي بوفاة الشاعر فؤاد الحميري ويشيد بمسيرته الحافلة بالعطاء    هل يجب على مرضى السكري تناول البيض؟ وما الكمية المسموح بها؟    مات فؤاد    يا فؤادنا الذي تركنا نبكي الغياب    «الملعب الملعون» يهدد حلم ميسي أمام باريس سان جيرمان    فؤاد الحميري... حين تكون الكلمة وطناً    مفاجأة مدوية.. عرض "زيزو" على ناديين أوروبيين    خطأ شائع في طهي المعكرونة قد يرفع سكر الدم بسرعة    عام على الرحيل... وعبق السيرة لا يزول في ذكرى عميد الادارة الشيخ طالب محمد مهدي السليماني    الهلال في موقعة نارية ضد السيتي    تحديد موعد اختبارات الدور الثاني للشهادة الأساسية    - دكتور جامعي:صنعاء بدأت الدراسة بالهجري ويطالب بتعديل مسمى الإجازة الصيفي إلى شتوي    في الرياض.. نزالات «سماك داون» تمهد «ليلة الأبطال»    سيطرة مدريدية في مدرجات المونديال    دراسة حديثة.. الصوم قبل العمليات عديم الفائدة    "وثيقة".. عدن .. وزارة الداخلية تضع شرطا جديدا للحصول على جواز السفر    اليمن العلماني هو الحل والبديل عن الدولة الطائفية المذهبية    لامين يامال سيخلف فاتي بإرتداء القميص رقم 10    أتلتيكو مدريد يسعى لضم انجيلينو    رغم الهبوط التاريخي.. ليون يتلقى مفاجأة سارة من "اليويفا    90 % من مواليد عدن بلا شهادات ميلاد بسبب الجبايات المتوحشة    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاعدة وأمريكا .. ستار دخان لدولة بلا قلب
نشر في الجمهورية يوم 22 - 04 - 2012

لم تتأخر جماعة أنصار الشريعة ، في الرد على قرارات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بإقالة شخصيات تتولى مناصب عسكرية هامة ، ومحسوبة على النظام السابق .. فاستهدفت لودر بمحافظة أبين ، وهي المنطقة الجغرافية ذاتها التي ينتمي اليها الرئيس الحالي ووزير دفاعه .. ربما لإسقاط السند الجهوي القبلي له وعزله عن محيطه الاجتماعي ، سيما في مجتمع تقليدي لا تزال للقبيلة والعشيرة دورها في صنع مراكز القوى السياسية.. وهي فرضية لا يمكن استبعادها مثلما لا يمكن تأكيدها.. غير ان المؤكد ان هذه العملية جزء من نسيج عام ، تنسج خيوطه أطراف اقليمية ودولية ومحلية .. لتفرض أجندتها الخاصة على الرئيس الحالي وحكومته وثورة الشباب السلمية.
فبعد ساعات فقط من أدائه اليمين الدستورية كرئيس توافقي منتخب هاجمت مجاميع القاعدة وأنصار الشريعة بوابة معسكر الحرس الجمهوري في المكلا راح ضحيته عشرات الجنود.. وحين أعلن انه سيشن حربا على القاعدة لا هوادة فيها ، كانت هجمات القاعدة على أهداف مدنية وعسكرية تزداد ضراوة وإحكاما.. ما يجعله وحكومته تحت طائلة ضغط شديد ، يؤدي حتما الى استخدام الجيش بلا منطق ، ويضع اليمن في طريق خطير..
تزامن وتتابع الأحداث ، تعطي مؤشرات فاضحة على ان اليمن أصبح مسرحاً لقوى إقليمية ودولية ومحلية تتقاطع مصالحها وتستثمر القاعدة والجماعات الإسلامية المسلحة كمخلب قط ، للتدخل في شؤونه الداخلية وفرض شروطها وأجندتها الخاصة..
بعد تفجر الثورة الشعبية ضد نظامه أعلن الرئيس اليمني السابق علي صالح مراراً انه في حال تنحيه ستسقط محافظات بأكملها بيد القاعدة وان البلد سيغرق في الفوضى.. لم يطل الأمر حتى أعلنت القاعدة زنجبار وجعار إمارتين إسلاميتين ، وبعدها عزان في محافظة شبوة ، فيما تحاول الآن بسط سيطرتها على لودر مستخدمة الدبابات والمدافع لأول مرة ، كانت استولت عليها من معسكرات الجيش ، بتواطؤ من قائد المنطقة الجنوبية السابق مهدي مقولة ، احد المحسوبين على نظام صالح، فور ورود أنباء إقالته..وفي مارس الماضي تناقلت الصحف ووكالات الأنباء وصول ما يزيد عن 400 من مسلحي الشباب المؤمن الصومالي الى جنوب اليمن لدعم إخوانهم المجاهدين!! ورغم ضعف أجهزة الأمن واتساع مساحة السواحل اليمنية ، إلا أن دخول هكذا أعداد لا يمكن ان يتم دون تواطؤ أطراف محلية تتقاطع مصالحها والقاعدة .. تحقيقاً لوعدها ووعيدها في نشر الفوضي والاضطراب. ومنذ شهور قليلة بث موقع قناة الجزيرة الإخبارية فيلم (لعبة أمريكا الخطرة) ، للأمريكي جيرمي سكاهيل مراسل مجلة ذا نيشن الأمريكية لشؤون الأمن القومي ، الذي التقى بعض أقارب ضحايا المعجلة في محافظة أبين حيث قتل العشرات العام 2009 بصواريخ أمريكية أطلقت من بحر العرب وهو يكشف بعض من أسرار حرب أمريكا الغامضة في اليمن.. ويفضح تورط نظام صالح في تسليم محافظة أبين لعناصر أنصار الشريعة ومجاميع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ويتساءل عن دور وحدة مكافحة الإرهاب والجيش اليمني في محاربة المسلحين التي لم تستخدم حتى اليوم .. بالرغم من ملايين الدولارات التي تلقتها من الولايات المتحدة لهذا الغرض.
لم يعد سرا تقاطع مصالح نظام صالح بالقاعدة ، فورقة التوت سقطت ، وأضحت الحقيقة عارية .. وفيما كانت تحليلات السياسيين والصحافيين تنحو باتجاه ان نظام صالح يستخدم القاعدة كفزاعة لأمريكا ودول الجوار الإقليمي جلباً للمساعدات المالية والعسكرية ولديمومة نظامه المتهالك.. في تبسط مخل حد السماجة ، مؤطراً بتمجيد مستتر للدهاء اليمني ممثلا في رأس النظام الذي استطاع خداع واستغفال دولة كالولايات المتحدة ومخابراتها.. في حين ان معطيات الواقع والاحداث تشي بغير ذلك.. والدلالات تؤشر على ان الولايات المتحدة كانت على علم كامل بكافة ما يحدث على الأرض اليمنية ، خاصة في مجال محاربة الإرهاب، والقاعدة التي تتخذ منها ستار دخان كثيف لتنفيذ أجندتها الخاصة في المنطقة..
في فبراير 2006م فر جمال البدوي ، احد المتهمين بتفجير البارجة الأمريكية يو إس إس كول قبالة سواحل عدن ، من سجنه في الأمن السياسي بصنعاء ، بحفر نفق تحت السجن طوله ثلاثون مترا، مستخدما هو ومجموعته الهاربة ملاعق الطعام فقط كأداة للحفر..كما تداولته الأنباء.. وهي المرة الثانية لهروبه ، إذ كان هرب من سجن الأمن السياسي في عدن عام 2003 بطريقة مشابهة ، باستحداث حفرة في مجاري السجن.. ودارت التكهنات حينها باحتمال إقالة اللواء غالب القمش مدير الأمن السياسي ، وبعد تشكيل لجنة أمريكية باشرت بنفسها التحقيق وجمع الاستدلالات ، لنتائج لم تعلن ..لم يقل القمش ولم يلغى جهاز الأمن السياسي.. إلا ان دوره أصبح هامشيا ، بعد إنشاء جهاز الأمن القومي وتشكيل وحدة مكافحة الإرهاب بأموال وبتسليح وبخبرات أمريكية ، وهو ما كانت تسعى اليه ، إذ لم تكن الولايات المتحدة تثق بكثير من عناصر جهاز الأمن السياسي.. فتم لها ما أرادت ..وأغلق الستار على مسرحية الهروب . الحال، ان هناك تقاطع مصالح لا تخطؤه العين بين النظام السابق وأمريكا وبعض دول الجوار مع مصالح القاعدة وجماعة أنصار الشريعة.. تؤكده ازدياد أنشطة الأخيرة في عمليات عنف مسح بالتزامن مع الثورة الشعبية وبالتتابع مع أحداث بعينها.. بغية الضغط على الرئيس الحالي وحكومته الانتقالية لتنفيذ شروطها وأجندتها الخاصة ولاحتواء الثورة الشعبية وضبط مسارها بما لا يتعارض مع مصالحها ، وللحيلولة دون قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة آمنة ومستقرة.
فلا الجوار الإقليمي يرغب في ديمقراطية حقيقية تنشأ على تخومه الجنوبية ، تهدد أنظمة ثيوقراطية لا تزال ترى في الانتخابات بدعة منكرة، وتدفع بملفات ظلت لسنوات قابعة في ظلام حالك إلى دائر الضوء.. وهي ذات الرغبة للعم سام الأمريكي ، بخلاف ما يدعيه عن تحمسه لنشر المفاهيم الديمقراطية في العالم.. شيلا كارابيكو خبيرة بالشؤون اليمنية في جامعة ريتشموند قالت “هذا البلد (الولايات المتحدة) لديه سياسة متعلقة بمكافحة الإرهاب وسياسة متعلقة بالمملكة العربية السعودية.. لكن ليس لديه سياسة متعلقة باليمن. اليمن مسرح لعمليات مكافحة الإرهاب في الفناء الخلفي للمملكة وليس مكانا يمكن للتحول الديمقراطي المحتمل... أن يحدث به.”
الولايات المتحدة تعمل جاهدة على زيادة نفوذها وتوسعها في منطقة هامة من العالم ، حيث البحر العربي وباب المندب ، المياه النشطة لحركة الملاحة العالمية، وحيث تقبع أكبر مخزونات النفط العالمية ، وحيث أمن ومصالح إسرائيل تتماهى مع مصالحها.. وفي سعيها لتحقيق مطامعها خلقت من القاعدة ستار دخان لاستحداث قواعد عسكرية جديدة، وفرض هيمنتها التوسعية.. وهي لا تتوانى عن انتهاز أيما فرصة لتحقيق أهدافها.. بعد مقتل الأمريكي في تعز مارس الماضي ، وصلت قوات من المارينز إلى صنعاء بدعوى حماية السفارة الأمريكية ،في السابع من مارس الماضي نقلت كتيبة كاملة من الجيش الأمريكي إلى قاعدة العند الجوية بمبرر محاربة نشاط القاعدة في الجنوب. مصادر عدة أكدت وجود قاعدة عسكرية لها في سقطرى ، نفته في حينه مصادر أمنية محلية.. بعد إنشاء جهاز الأمن القومي ووحدة مكافحة الإرهاب ، أصبحت هناك وحدة أمريكية بريطانية لمكافحة الإرهاب في اليمن.. فيما نشرت صحيفة نيويورك تايمز معلومات عن استحداث قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط ..
ذلك، غير الطلعات الجوية الأمريكية المستهدفة لأوكار القاعدة.. دونما اعتبار للأعداد الكبيرة من الضحايا الأبرياء، والدماء المتدفقة انهارا في اليمن وأفغانستان والعراق وباكستان.
الحال، ان اليمن لن تشهد انفراجاً سياسياً وأمنياً في قادم الأيام ، طالما اصبحت مسرحاً لصراع قوى خارجية، يختزله الوضع في جنوبه ، حيث التحالفات والصراعات بينها على أشده بين القاعدة وأمريكا والسعودية كطرف ، في مواجهة التحالف المستحدث بين أيران وبعض قوى الحراك الجنوبي.. وطالما الثورة الشعبية يجري احتواؤها من كل تلك القوى، كيلا تثمر أهدافها وآمالها في وطن مزدهر لم يولد بها.
ثم بعد ذلك يأتي من يقول ان أمريكا استغلت ثورات الربيع العربي لخلق الاضطرابات وفق رؤيتها للفوضى الخلاقة.. فيما أداتها الحقيقية في خلق الفوضي : القاعدة وأنظمة الحكم الاستبدادية حصراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.