كثفت الطائرات الأمريكية بدون طيار الأسبوعين الماضيين حملتها ضد ما يعتقد أنهم أعضاء لتنظيم القاعدة في اليمن، بعد إعلان العديد من السفارات الغربية إغلاق سفاراتها في اليمن فيما قالت أنه تهديدات تقضي بتنفيذ عمليات عدائية ضد مصالحها. وفي إحصائية خاصة بصحيفة "الأهالي" فقد وصلت عدد الغارات إلى 13 غارة جوية قتلت 38 شخصاً يعتقد أنهم من القاعدة. وكانت كل الغارات الجوية على سيارات تُقّل أعضاء التنظيم أثناء محاولة تنقلها من محافظة إلى أخرى. وتركزت الضربات على جنوب اليمن وشرقها. وكشفت الحكومة أن محاولات جرت للسيطرة على منشآت نفطية في محافظة حضرموت كبرى المحافظات اليمنية، في محاولة للسيطرة عليها. وقد زادت الطائرات بدون طيار نشاطها في المنطقة مؤخرا، حيث بلغت غاراتها عام 2012 ثلاثة أمثال عدد الغارات التي نفذتها عام 2011، حيث ارتفع عدد الغارات من 18 إلى 53، وفقا لمركز الأبحاث الأمريكي "New America Foundation". وأغلقت السفارات الغربية بداية أغسطس الحالي بسبب ما قيل إنها تهديدات تتعرض لها مصالحها، وأعلنت النرويج وأمريكا وهولندا وفرنسا إجلاء رعايها من اليمن خوفاً من استهدافه. ولم تقم الولاياتالمتحدةالأمريكية بأي غارة جوية منذ ابريل 2013 في اليمن، في إشارة لمحاولة إنجاح الحوار الوطني. تشديد أمني وشهدت العاصمة صنعاء تشديدا أمنيا أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية ومداخل العاصمة. وكان مصدر أمني يمني أكد ل"بي بي سي الإنجليزية " اعتقال خلية تنتمي لتنظيم القاعدة في حي سعوان بالعاصمة صنعاء واعتقال آخرين يشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة بمداخل العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية. وأشار إلى أن المعتقلين ذكروا معلومات مهمة خلال تحقيق السلطات معهم، وكشفت مخططات خطرة لتنظيم القاعدة تشمل مهاجمة مقرات للجيش والمخابرات اليمنية وموانئ حيوية في محافظتي شبوةوحضرموت. وأعلنت وزارة الداخلية في الخامس من الشهر الحالي أسماء 25 عنصراً من جناح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قالت إنهم يخططون لتنفيذ عمليات وصفتها ب«الإرهابية» على مقار حكومية وعرضت مكافأة مالية لمن يبلغ عنهم. ونشر موقع الإعلام الأمني خمسة أسماء قال إنهم أعضاء قاعدة جرى استهدافهم؛ لكن أياً منهم لم يذكر في القائمة التي أعلن عنها. وضمن القائمة أسماء عناصر وقيادات في القاعدة، وخلت من زعيم التنظيم ناصر الوحيشي أو المسؤول العسكري قاسم الريمي الذي يعتبر الرجل الثاني في التنظيم بعد مقتل نائب زعيمه سعيد الشهري. احترازات أمنية وذكرت مصادر إعلامية محلية أن السلطات الأمنية نقلت سجناء تنظيم القاعدة في جهازي الأمن السياسي بصنعاء وعدن إلى أماكن سرية واتخذ جهاز الأمن السياسي تدابير احتياطية تفاديا لأي عملية محتملة لتنظيم القاعدة بعد تهديد زعيمها بتحرير السجناء. وأوضحت مصادر أن نحو 60 من سجناء تنظيم القاعدة في سجون الأمن السياسي بصنعاء وعدن نقلوا إلى أماكن غير معلومة، في إطار تلك التدابير الاحترازية، مضيفة أن فرق تفتيش نزلت إلى زنازين السجناء وفتشتها خشية القيام بالحفر فيها تمهيدا للهروب عبر الأنفاق كما حدث في مرات سابقة. وكان زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ناصر الوحيشي تعهد بتحرير من وصفهم بأسرى التنظيم المعتقلين فيما وصفه بسجون الطغاة قريبا، معتبرا أن ما سماه "فجر الخلافة الراشدة" يوشك أن يبزع. وخاطب الوحيشي في رسالة نشرتها مواقع للقاعدة على الانترنت وحملت عنوان "رسالة إلى الأسير في سجون الطغاة" من وصفهم بأنهم "إخوة الدرب ورفقاء الطريق وأهل الصبر" بأن "فرجكم قريب". وأضاف "بشراكم بالخروج العاجل إلى الدنيا، وهي سجن أكبر مما أنتم فيه، ويكون هذا قريبا إن شاء الله، فإخوانكم يدكون أسوار الظلم ويهدمون عروش الباطل، وكل يوم تتهاوى هذه الأسوار والعروش، ولم يبق على النصر إلا خطوة، والنصر صبر ساعة". وتابع "لن يطول السجن ولن يبقى القيد، وما هي إلا أيام ويرفع الاستضعاف وتنتهي مرحلة البلاء وتبدأ مرحلة التمكين". قاعدة جنوب السعودية وكشف الكاتب الفلسطيني ورئيس تحرير القدس العربي السابق عبد الباري عطوان في مقالة له مصدر انطلاق الغارات التي تشنها الطائرات الأمريكية على تنظيم القاعدة في اليمن. وأشار عطوان إلى دور السعودية في السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لإنشاء قاعدة عسكرية ” سرية ” جنوبها، والتي تنطلق منها الطائرات بدون طیار لقصف أهداف ومواقع القاعدة في الیمن. وأستغرب عطوان من موقف الرئیس عبد ربه منصور الذي جاء لسدة الحكم في الیمن بعد الثورة الشعبیة التي أطاحت بالرئیس السابق علي عبدالله صالح، مشیرا إلى أنه كان من المتوقع أن يوقف منصور تلك العملیات التي يقوم بها الجیش الأمريكي. وقال عطوان: هذه المجازر التي ترتكبها طائرات ال"درونز" الأمريكية في اليمن تستمر وسط صمت معيب من قبل ما يسمى بالعالم المتحضر ناهيك عن العرب المتواطئين معها. وأضاف: وكأن هؤلاء الذين يستشهدون يوميا من المدنيين ليسوا بشرا وليسوا عربا ومسلمين. وتساءل بقوله: لا نعرف من أعطى الولاياتالمتحدة ورئيسها تفويضا بارتكاب هذه المجازر في بلد عربي يعتبر واحدا من بين عشرين دولة تعتبر الأفقر في العالم، ويقل دخل نصف سكانه عن دولار واحد في اليوم. الخضوع للقوانين الدولية دعا السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إخضاع عملية استخدام طائرات دون طيار للقوانين الدولية معربا عن قلقه إزاء ضحايا هجمات الطائرات دون طيار. وقال في بيان صحفي قبيل زيارته المرتقبة إلى إسلام أباد إن "الأممالمتحدة تدعو بشدة إلى ضرورة خضوع استخدام جميع الطائرات دون طيار لمظلة القوانين الدولية ومنها القانون الإنساني الدولي". وأعرب عن قلقه إزاء فقدان العديد من الأرواح بسببها. تعزيز حضور القاعدة ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن هناك إدراكاً واسع النطاق بأن هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن كانت لها نتائج عكسية، فيما أشار تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن إحدى أكبر المشاكل هي أن الولاياتالمتحدة لديها عدد قليل من الناس على الأرض للإشراف على استخدام كل العتاد الذي تقدمه لليمن، بسبب الوضع الأمني الخطير هناك. وأضافت المجلة: "بعد أربع سنوات من هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن، أعداد القاعدة في شبه الجزيرة العربية آخذة في الارتفاع". وقالت الجارديان في تقريرها تحت عنوان (رؤية أميركا لليمن كمعقل للقاعدة هي صورة زائفة) إنه مهما كانت الفوائد المجنية من قتل المتشددين الذين يشكلون تهديداً خطيراً، فقد تلاشت بسبب مقتل آخرين لا يشكلون أي تهديد على الإطلاق، مما أثار الغضب في صفوف اليمنيين. وتضيف شيلا: "إن الولاياتالمتحدة في واقع الأمر ليس لديها سياسة محددة حول اليمن، فما لديها بدلاً من ذلك هو التزام طويل الأمد لأمن واستقرار السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، إلى جانب سياسة مكافحة الإرهاب التي يتم التعامل فيها مع اليمن على أنها امتداد للمسرح الأفغاني- الباكستاني". مهابط سرية للطائرات في صحارى سعودية ويمنية من جهتها أشارت مجلة فورين بوليسي إلى أن الولاياتالمتحدة تعطي الجيش اليمني كل شيء من طائرات تجسس خفيفة ومناظير للرؤية الليلية وأسلحة وطائرات بدون طيار صغيرة لتعقب الإرهابيين، بالإضافة إلى المعدات، تنفق الولاياتالمتحدة ملايين الدولارات لتدريب العناصر اليمنية على استخدام هذا العتاد في اصطياد الإرهابيين.. منوهة أنه بسبب تحديات القيادة والتنسيق داخل الحكومة اليمنية، فإن المستفيدين الرئيسيين من المساعدات الأمنية الأميركية قد حدوا من استخدام هذه المساعدة حتى وقت قريب في مكافحة القاعدة في شبه الجزيرة العربية ودعم الهدف الاستراتيجي الأميركي في تحسين الأمن في اليمن. وأضافت:" هناك قواعد أميركية حول اليمن تمكن الطائرات الأميركية من شن عمليات خاصة داخل اليمن.. وكان للولايات المتحدة الآلاف من الجنود مع أسطول من القاذفات والطائرات بدون طيار وطائرات التجسس في مركز إقليمي في جيبوتي، كما أن لديها مهابط سرية للطائرات في صحارى سعودية ويمنية والتي قيل إنها خاصة بالطائرات بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، وهناك أيضا مهابط للطائرات تُستخدم أحياناً من قبل القوات الأميركية والطائرات بدون طيار في أماكن مثل جزر سيشل وإثيوبيا وعمان. وأشارت المجلة إلى أن البحرية الأميركية ستساعد القوات الجوية اليمنية بشراء 12 طائرة تجسس خفيفة، مضافة إلى مئات الملايين من الدولارات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لنظام صنعاء في شكل مساعدات عسكرية. وفي إشعار للبحرية الأميركية صدر في 8 أغسطس إلى الموردين المحتملين: "يجب على المورد أن يوفر أيضاً طياراً ومشغلاً لأجهزة الاستشعار، ومدرباً وأدوات تدريب، جميعها باللغة العربية".