يتبادر إلى الذهن أن انفراج الأوضاع وخروج الثورة من نفق التصعيد وحتى تخف حجم التضحيات وأن يصل الوضع إلى نتائج أقل خسارة كانت البلد على موعد مع المبادرة الخليجية والتي تقبلها الشعب في معظمه بقبول حسن وأهم مكوناتها: تشكيل حكومة الوفاق انتخاب رئيس توافقي تشكيل اللجنة العسكرية عقد مؤتمر حوار وطني.. إضافة للجان التفسير وغيرها.. علماً أن من أهم مكوناتها التي لها انعكاس عملي على حياة المجتمع هي الحكومة، وهذا هو الاعتقاد البديهي إلا أن ما يصدم أن الحكومة على صعيد كل وزارة ووزير لم نلمس في الغالب الأعم أي شيء إيجابي مغاير عما كان الحال عليه للوضع السابق، وهو ينطبق الحال عليها للوضع الحالي المثل الشعبي “علي بن علي”، وما أكثر هذا الاسم عندنا وقد غلب عليها الطابع السياسي، حيث لم تحصل كسابقاتها على أية معرفة مكتسبة تقدم لها، بل وانعكست الصورة النمطية فقط هو الاستحقاقات المالية والمادية لكل وزير جديد ولم تزود حتى بدورة تأهيلية مكثفة ليفهم الوزراء معاني ومقاصد كثير من معارف العلوم الإدارية والتنموية والعلاقات العامة الناجمة عن تحمل مسئولية قيادية في هذه الحكومة.. لذا لم يقدم الوزراء في معظمهم سواء المخضرمين من الحكومة الماضية أو المستجدين وكأنها قدوة سيئة في أن الوزارة هي مكتسب كامل لمرحلة زمنية تطول وتقصر بحسب التأهيل دون محاسبة عن كيفية الأداء الداخلي مثل اجتماع مجلس الإدارة للوزارة اتخاذ القرار والمكاشفة على الميزانية الخاصة بالوزارة وكل ما يقود إلى حكم رشيد. للأسف الشديد لا هذا ولا ذاك بدليل أنه غلب على الجدد منها من الفريقين السياسيين افتقار معظمهم للتدرج الوظيفي كما غلب عليها المثل “من لقي العافية دق بها صدره”، حيث لم يفاضل كل جهة مرشحه بتقديم أفضل الكفاءات بل صارت النمطية التشاركية في أنها كوكتيل توليفة من كل الأحزاب ولم تكن توليفة لأفضل الكفاءات من الأحزاب المشاركة، وهكذا هي صفقات سياسية خرج بعضهم فاضيي الجيوب، ولكن هذا ليس المهم بل المهم حتى يحققوا رضا الناس أداءً جيداً وتحت حجة عدم التغيير في الموظفين فإن وزراءنا أعجبهم الحال فلم يقدموا أو يحسنوا من الأداء، وهم في الحقيقة معذورون لأنهم فاقدو الخبرة والقدرة ولم تلمس مكونات هذه الوزارات أي تغيير أو إضافات من الوزراء، بل إن صمتاً رهيباً وضعفاً متوارثاً اكتسب من الوزير السابق أو هو الوزير كرسه من عهده السابق “الوزير المخضرم”، وتحت حجة حساسية الأوضاع لم نلمس أداءً محسناً في الشوارع العامة من خدمات المرور. كنت أتوقع أن يوجه وزير الداخلية الإدارة العامة للمرور بتحسين الأداء ومنع التوقف العشوائي وتجاوزات السرعة ولو كان منه لفتة نظر لتحسن الأداء. كنت أتوقع أن يوجه وزير المياه والبيئة وخاصة عند هطول الأمطار أن يوجه بتشكيل فرق طوارئ للحد من ترسب المياه وتكون مستنقعات وأن تتحرك السلطة المحلية نحو إزالة العوائق وانسياب المياه نحو حوض منطقة صنعاء. كنت أتوقع أن يقوم وزير الأشغال بزيارات مكوكية وهي سريعة وتنتهي من نقطة البداية إلى نهايتها ليرى حال الحفر التي يرهب صخبها عدداً من السيارات وخاصة عندما تسير والطرقات مظلمة، وكذلك التجاوزات المستمرة في عمل المطبات وحتى يتعظ المواطن ويتوقف عما ليس من حقه، كون ما يقوم به هو ضرر على الآخرين. كنت أتوقع من وزير الكهرباء أن يعيد النظر في حجم الإنارة الكبيرة على بعض الشوارع في الوقت الذي تحرم أجزاء منها من ذلك. كنت أتوقع في الأخير أن يوجه الأخ رئيس الوزراء وزراءه نحو تلك الاحتياجات فمنها يرتقي لأداء الحكومة والمواطن وهي أبجديات الديمقراطية وهي استحقاق لمخرجات الثورة إلا أن بقاء الحال على ما هو عليه فهو خطأ جسيم لحكومة الوفاق وإحداث تحسن سيعيد الوضع وسيحقنه بمتطلبات تتضاعف مع الوقت ويزداد سوءاً مستوى الخدمات. كنت أتوقع أن هناك آلية تحاسب كل وزير على أدائه وأن تكون هناك آلية سواء لتحسن الأداء بالتأهيل كأن تعقد دورة تدريبية مكثفة لهذه القيادات كونها عليا، أسوة بما نشهده من تدريب في كثير من الشركات الدولية والمؤسسات ذات المستوى العالي من الأداء، وبالتالي الحاجة لإدارة ذات كفاءة وقادرة على إدارة عليا مثل الوزارة.. لا أن تترك ومصيرها وضمير الوزير وخبرته المحدودة بما فيه الوزراء القدماء.. ولعل الحكومات الناجحة في الكثير من البلدان مثل ماليزيا وسنغافورة وبكين الصين واسطنبول تركيا ودبي الإمارات قادرة على مضاعفة الدورات التدريبية في مجال الإدارة والتخطيط الاستراتيجي والتنمية واكتسبوا مهارات في التفاوض والإقناع والحوار.