كنت أتوقع أن يتجه الخطاب الإعلامي وخاصة المعارض أفراداً ومؤسسات إعلامية مقروءة ومرئية وكذلك الحكومي إلى التخفيف من المغالاة والحق السياسي ليتجه نحو تبصير الحكومة حكومة الوفاق بالطبع نحو خلق مفاهيم تنموية لإعادة صياغة الشخصية اليمنية نحو أولويات الثورة والتغيير التي تبدأ بالتبصير بتلبية احتياجات المواطن، ولكن الخطاب وقف عند حد السياسة تلاسنات وتراشقات وبحث عن أسبقية العربة والحصان، متجاهلين تعبيد الطريق وسلامته. وهكذا ساهموا من حيث لا يحتسبون بتحليق سياسي للجميع لكل مؤسسات الدولة ونفي التهمة عن الآخر منهم وغابت المهام التنموية الأساسية لأداء كل منهم حتى كفاءة وقدرة واختصاص الحكومة مرّ مرور الكرام ليس لأنهم «المؤسسات الإعلامية» لا يرغبون في تعريفه أو نقده سلباً أو إيجابياً فما أكثر السلب، بل لأن ثقافة سياسية خطابية هجومية التبادل هي السائدة وبالتالي غاب ذلك عن التبصير للقراء والمشاهدين أو لعلها صفات متبادلة في الحكومة، بل إن ما زاد الطين بلة أن هذه الحكومة كما غيرها ضربة حظ!! لكن ما يميزها هذه المرة أن سيناريو إخراجها المبادرة الخليجية قد وسّعت هذه الضربة لتشمل أحزاباً صغيرة، حيث نالت الضربة الحظ رؤساء الأحزاب، ولكن ما يلفت الانتباه أن خبرات معظمهم ضئيلة في العمل الإداري التنموي والفني وللأسف ونحن في مخاض ثورة ولأن أحزابها هم وسطاء وأداة لتنفيذ المبادرة لم يحظوا به بحد أدنى من التأهيل الإداري المكثف وكان أداء القسم والراتب والحقوق المالية فالسيارة والمنزل أهم من خبرات وثقافة سياسية يفترض أن يكتسبوها. ولعلي أشفق على المعهد العالي للعلوم الإدارية في حرمانه من تقديم خبراته التدريبية للحكومة وحتى تبدأ عهدها بثقافة تستطيع من خلالها إجادة صنع القرار واتخاذه، لذا لا نستغرب أن نرى أداءً ضعيفاً وهكذا تهمش مؤسساتنا من دورها وتتراكم خبراتها دون تفصيل، ولكن إذا طلب هذا الأمر أو اقترحه أحد المانحين لتهافت الوزراء عليه مما يجعل الكادر اليمني حتى أعلى مستوياته في جهل ثقافي إداري مستمر، بل إن نظرة نمطية تسود العملية ويعتقد السواد الأعظم أن قوة الوزير أو المدير هو من احمرار عيونه على الموظفين “وشخطه ونخطه” وهكذا تسود نظرة نمطية لصانع القرار، وحتى هو لا يفكر بتحسين أدائه وكذلك المرؤوسين بعده.. لذا فإننا نحصد قرارات سيئة وإدارة سيئة نعرف أنها عديمة الخبرة والتدرج بصرف النظر عن المؤهل. هذه قضية غابت عن العملية الإعلامية، ولعلها انعكاس لواقع إعلامي هو الآخر يفتقد التأهيل الفني والإداري لتكتشف أن قياداتها إما عسكريين أو سياسيين أو علماء دين، وكلهم يفتقدون الخبرة والمؤهل بخصوص ألف باء الإعلام (صحافة وإذاعة). إن صحوة إعلامية ذاتية لابد منها ولابد من أن يستفيق الفارس الإعلامي من كبوته ليستطيع الذود عن الوطن. وكما نحتاج إلى قرار سديد مبني على المعلومة والتدرج فإننا نحتاج إلى قلم وكلمة وصورة حقيقية تبحث عن المصداقية وكيفية الوصول إليها، ولعل الخطاب الإعلامي الصادق هو الوسيلة والآلية المناسبة.