لايزال ضعف الأداء الإداري سيد الموقف عندنا وهو ينبع من بداية اختيار وتعيين القيادات صاحبة القرار لاحقاً ولكونها وفي الغالب الأعم لاتمتلك الخبرة ولا الكفاءة لتحتل هذا المنصب أو ذاك، ومن ناحية أخرى مايزيد الطين بلة أن هذا التعيين لايضيف للمعنيين شيئاً في التأهيل حيث من المفترض أن يؤسس لتقليد واستحقاق يتتبع التعيين ويؤهل صاحبه من خلال الانخراط في دورات تأهيلية تشمل ثقافة إدارية تخطيطية تؤهل علمياً لصناعة واتخاذ القرار وخبرات في التشاور والتفاوض والحوار وإدارة الوقت بالإضافة لثقافة تنموية وطنية وعالمية. إن واقعاً عملياً يجسده الكادر اليمني في معظم مفاصل الدولة المركزية والمحلية يوضح حالة الضعف وقلة الخبرة وبالتالي تطوير محدود إن لم يكن منعدم الخدمات المقدمة حيث لاتنعكس السياسة الإدارية والمالية مع المهام الآنية لوظيفة الدولة على سبيل المثال في مفهوم المركزية واللامركزية ومبادىء الشفافية والديمقراطية والحكم الرشيد وهذه المبادىء والآليات تحتاج لأدوات عمل تخرج الوظيفة العامة من النمطية والروتين بقدر مايحتاج لاستيعاب احتياجات وأفكار تنموية تستوعب تطوير الكادر البشرى وضرورة عكس ذلك في ادائه وخاصة ضمان صواب اتخاذ القرار لإحداث نقلة متطورة تعتمد على رصد وجمع المعلومة ومواكبة تطورات الثورة التقنية في تقديم المعلومة وعرضها وتحليلها سواء في الاعتماد على أجهزة الحواسيب في مختلف مؤسسات الدولة تعاملاً وتأهيلاً لمختلف البرامج الكمبيوترية التخصصية والابتعاد بل والالتزام بالتعامل التقني لكل القيادات دون استثناء وصولاً إلى وجود شبكة إلكترونية معلوماتية تحقق الشفافية والتمكين من صنع القرار. لذا فإن ضعف الأداء وتواضع المخرجات يعود لضعف أداء القيادات. لذا فإن الحاجة ماسة لاكتساب بل واستحداث آلية عمل تبدأ من حسن اختيار المرشح لشغر المنصب عبر معرفة المستوى التخصصي ومعايير الوظيفة فالمفاضلة ومن ثم تأهيلاً مكثفاً على أن تقييمه سنوياً يجب أن يتم لتتبع الأداء الوظيفي بهدف الوقوف على الأداء وبالتالي التقييم لمعالجة الأداء لهذا الموظف وخاصة وهو في وظيفة قيادية عليا وكذلك لضمان ترقيته أو توقيفه وهو مبدأ يفترض أن توليه أجهزة السلطة العليا اهتماماً لأثر ذلك المباشر على تحسين الأداء. إن ضعف الأداء الوظيفي لايعني صاحبه وهنا الخطورة بل أن ضعف أدائه يعيق الوظيفة العامة وبالتالي متطلبات التنمية واستدامتها وانتاجيتها وما ستبقيه للأجيال القادمة من ثروات. إن ضعف الأداء الوظيفي ليس بالضرورة توفر الاحتياجات المادية والمالية من أثاث وأجهزة كمبيوتر ونفقات مالية بل أن توفرها في ظل قيادات عديمة الخبرة ستهدر هذه الإمكانيات بل وتشكل عامل إفساد وعرقلة وبالتالي خدمات شحيحة وسيئة على صعيد متلقيها وبالتالي مردودات ضعيفة ومؤشرات هابطة. للأسف لايتم تأهيل القيادات في مختلف المستويات عدا قلة قليلة بحكم بعض المشاريع التنموية المتضمنة تأجيل العاملين لاتشمل القيادات الوسطية والعليا وللأسف هذه القيادات نفسها لاتسعى للتأهيل وتنظر له نظرة نمطية قاصرة وتعتبره يخص من هم أدنى منها ولانعدام مبدأ التقييم والمحاسبة تنتشر مثل هذه الثقافة القاصرة وتظل القيادات العليا حجر يعيق مجرى التنمية. ويكاد هذا الجانب لايستهدف ولايمس رغم أنه عصب الأداء بل إن الإهمال بلغ مداه حين تنساب الكفاءات المؤهلة للعمل لدى المنظمات الدولية ولاتدرك القيادات مقدار الهدر الذي تخسره الدولة وكان الأجدر والأحق أن تعين هذه الكفاءات وفقاً لخبراتها وبالإمكان أن تطبق عليها معايير اختيار صارمة لتصل إلى موقع قيادي. إننا في الوقت الحاضر وفي معترك الأزمة نحتاج لقدرات هي في المقام الأول كفاءات مؤهلة علمياً وفنياً ولعل من أسباب واقعنا وصعوبة تلافيه هو سوء الاختيار وتهميش الكفاءات.