من المتعارف عليه في مجتمعنا اليمني أن أغلب الزيجات تتم بطريقة تقليدية لا يتاح للمرأة فيها فرصة لاختيار شريك الحياة، ولا يقتصر ذلك على النساء الأميات والريفيات، لكنه يشمل أيضاً الكثير من النساء المتعلمات والعاملات، وأحياناً يكنّ في وظائف عليا، وفي مراكز علمية واجتماعية مرقومة. ومع انطلاق الثورة الشعبية الشبابية السلمية والتي تصدرها الشباب من الجنسين وبالأخص من طلاب وطالبات الجامعة نشأت علاقات ثورية بين الجنسين وبروز دور الفتاة اليمنية في الثورة بصورة مشرفة، حيث لازمت الكثير منهن ساحات الحرية والتغيير في مختلف محافظات الجمهورية، بل إن بعضهن تصدرن المشهد الثوري سواء في قيادة المظاهرات والاحتجاجات أم في معالجة الجرحى أم في التوعية الثورية؛ عن طريق الخطابات والمحاضرات أو الكتابة والحديث لوسائل الإعلام المحلية والخارجية وخاصة الإعلام الإلكتروني، بالإضافة لتصوير الأحداث وتوثيقها..إلخ. وأدى الاحتكاك والتفاعل الثوري بين الشباب والشابات إلى نشوء علاقات رفاقية ثورية راقية، وسقطت الحواجز المصطنعة بين الجنسين، والتي عمقها النظام السابق بحجة العادات والتقاليد الموروثة، وساعد هذا الجو الثوري على مزيد من التقارب بين الجنسين. ولوحظ أن التحرش الجنسي الذي عانت منه المرأة في بلادنا إلى وقت قريب في الشوارع وأماكن العمل وأحياناً المدارس والجامعات خف كثيراً، بل إنه اختفى في ساحات الحرية والتغيير.. فتعرّف الثائرون والثائرات في الساحات على بعضهم البعض دون تصنع أو زيف. ولعل الملاحظ من بداية الثورة أن الفتيات اللواتي حاولن أن يشوهن صورة الثورة والثوار الأخلاقية، وتحرشن ببعض الشباب الثائر بإيعاز من أطراف في النظام السابق، وقمن ببعض السلوكيات المثيرة لم يهتم الشباب بهن، وتم تجاهلهن. وفي المقابل برزت الشابات الثوريات اللواتي كنّ يتعاملن مع رفاقهن من الشباب الثائر بأسلوب محترم، وفيه درجة عالية من الرقي. وأدى هذا الجو الثوري المفعم بالود والتعاون إلى تفاهم بعض الشباب مع رفيقات النضال، وحدثت علاقات عاطفية محترمة انتهت بالزواج، وقد يرى البعض أن زيجات كهذه لن تنجح؛ لأنه زواج ارتبط بعاطفة ثورية مثله مثل أي زواج سياسي، وقد تزول العلاقة بزوال المؤثر، وخاصة بعد أن تهدأ العاصفة الثورية. وأعتقد أن الحكم على مدى نجاح مثل هذه الزيجات سابق لأوانه، فهذا النوع من الزواج لا يمكن تشبيهه بالزواج السياسي الذي كان يحدث بين رفاق ورفيقات النضال السياسي السري في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي؛ لأنه زواج مفروض في الغالب بقرار سياسي، بينما الزواج الثوري يتخذ القرار فيه الشاب والشابة دون تدخل من أي طرف كان، ويختار كل منهما الآخر دون إكراه، ويكون الارتياح النفسي والعاطفي سابقاً للارتياح الفكري، كما أن الكثير من الشباب والشابات مستقلون عن الأحزاب، وبعضهم منفصلون عن أحزابهم؛ بسبب تهميشهم. والأهم هنا أن الثورة الشبابية ساهمت في التخلص من العادات والتقاليد المتخلفة، والتي تمنع المرأة من اختيار شريك الحياة. وإلا فما رأيكم أعزائي القراء؟. [email protected]