العنف سلوك شاذ ومرفوض، وظاهرة ممقوتة وذميمة.. تشيع مظاهر التخلف والجهل وتحيي منطق الغاب وتقضي في ذات الوقت على مظاهر التقدم والمدنية والحضارة الإنسانية العظيمة.. وقد حرّمت الشريعة الإسلامية العنف بكافة أشكاله، حيث يخالف مبادئ الإسلام وقواعده السمحة، بل إنه وباء خبيث يهدم الأصول الإيمانية والفضائل الأخلاقية.. كما يزرع الكراهية والأحقاد التي تقود إلى الانتقام وإفساد العلاقات الإنسانية بين بني البشر، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج مأساوية يتصدرها تمزيق الأواصر المجتمعية. فالعنف باستمرار معول شيطاني يدمر كل علاقة طيبة، وكل ترابط ومودة.. ويهدد أي تجمع أو وحدة.. وعند انتشاره يسهم في إحلال الفوضى محل النظام والالتزام بالقوانين التي تنظم كافة الشؤون الحياتية.. وعادة ما يكون دافعاً قوياً لتفاقم الصراعات الداخلية. وتتعدد دوافع ارتكاب العنف، فقد تكون مبنية على مفاهيم ثقافية مغلوطة ترتكز على الجهل والقصور في فهم مقاصد الدين في ظل غياب النظرة الصائبة للواقع المعاش، وغياب الحكمة والعقلانية.. وكذا انعدام مقومات البناء والمعرفة والفضيلة. وربما تكون المصالح السياسية أو الصراع على السلطة أحد الدوافع القوية لارتكاب أعمال العنف التي قد تتطور إلى إشعال نيران الحروب، وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وإتلاف أموال العامة بأية وسيلة. كما أن انتشار ظاهرة الفقر واتساع دائرة الحاجة والعوز يعتبر أحد الأسباب الرئيسية للعنف في المجتمع الإسلامي، حيث يستغل أرباب العنف تلك الظروف لتحقيق مآربهم مقابل قدر ضئيل من المال مشبوه المصادر.. وغالباً ما يكمن الدافع الحقيقي للعنف في التعصب دون وجه حق، حيث يوظف لتحقيق أغراض ومصالح مختلفة لمرتكبيه برغم معرفتهم المسبقة بجرم وبشاعة أفعالهم ضد الإنسانية وضد الإسلام والمسلمين التي يرتكبونها بدماء باردة ودون ضمائر. ولا شك أن تلك الأفعال الإجرامية لا صلة لها البتة بالقيم الإنسانية أو بالمبادئ الإسلامية التي تحث على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإحياء مبدأ التعايش السلمي بين مختلف الشرائح الإنسانية أياً كانت معتقداتها الدينية. فقد نبذ الإسلام ظاهرة العنف المقيتة، ونبذ مرتكبي هذا الفعل الشنيع الذين يستبيحون التخريب والدمار، وقتل النفس التي حرّم الله، ويقلقون الأمن والسكينة، ويقطعون الطرقات، ويلحقون الأذى والضرر ببني البشر.. بل واعتبر أولئك أعداءً للإنسانية ودخلاء على الإسلام، وإن كانوا يزعمون زوراً وبهتاناً انتماءهم إلى الإسلام، مع أنه دين الحق والعدل والخير والسلام، لا دين الباطل والعنف والتطرف، وانتهاك الحرمات، وامتهان الشر.. يقول الله تعالى الحكم العدل في كتابه الكريم: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم».. ومع شديد الأسف أن هذا العنف قد تفشّى في العديد من بلدان العالم، وأصبح الناس يبغي بعضهم على بعض دون وجه حق جراء دوافع الانتقام وتفاقم الصراعات السياسية.. وأعجل الشر عقوبة البغي واستحلال دماء الناس وأموالهم في غياب تنفيذ العقوبات ضد كل من يستهين بأرواح الناس، ويمتهن البغي، ويفسد في الأرض على شاكلة ما يحدث بصورة مزرية.. فهلا وصلت الرسالة ياأمة العرب؟!! وتلك هي القضية. [email protected]