كل يومٍ يُفصحُ وطني عن ذكورٍ صدقوا ما عاهدوا الشيطان عليه .. والشيطان لم يعد يملك ما يسدّ حاجة المستجدّين منهم . في نهاية بروفات ميدان السبعين همس جندي لزميله :“في الغد سنكرر ذات العرض ثم نمضي لأهلنا في إجازة” .. الشيطان وفّر على ذويهم نفقات الإجازة .. لكنه كافأهم بإزاحة الغبار عن صورهم التذكارية. في روايةٍ قال : أن عدد المتفجرات في الحزام الناسف تساوي عدد النياشين على أكتاف وصدور الرفاق خلف دهاليز المنصّة .. غير أن الشظايا اقترحت أن توشم أجساد الجنود .. وتختصر مسافة الذهول بحقيقةٍ واحدة : أن الجندي في بلدي فأر تجارب في معمل النياشين . الجندي في ميدان السبعين انتقم أخيراً من وطنٍ أنهكهُ برائحة الورود البلاستيكية . “ كل نفسٍ ذائقة الموت ” .. حتى الله جلّ في علاه القابض الرافع الباسط لم يقل “ كل النفوس” .. ما أبشع الموت الجماعي . من خططوا لقتل الجنود .. يقهقهون الآن لاكتمال جدوى عقيدتهم بفعلٍ يقربهم إلى الشيطان زلفى .. والشيطان يعجز عن شكرهم لذهولهِ من خسّة حقدهم ودناءة جهادهم للوصول لغاياتهم الفاحشة . القتلة لن يهنأوا بنومهم بعد الآن .. نحيب أمهات الضحايا سيفصل قشرة الأمان عن جلمود قلوبهم .. سيقضّ مضاجعهم بوخزات الأدعية التي لن تخيب . سيكبر أطفال الجنود الضحايا .. سيأتون ذات يومٍ لميدان السبعين .. ولن يجيب على تساؤلهم : “ لماذا لم توثّق وجوه القتلة؟” “ لماذا لم تعلن الإضراب عن موائد الورود لئلا تحصد ما تبقّى من حدائق !” . سيمرّ القتلة من ذات المساجد .. ذات المعسكرات .. ذات المقايل .. ذات الأسواق .. لكنهم لن يتركوا رائحتهم .. لن يمنحوا أطفال الجندي بضع هدايا تُبددُ وحشة فقدانهم . [email protected]