صدر قبل سنتين تقرير من منظمة الأغذية والزراعة الدولية في روما (الفاو) عن حالة المناخ والتغيرات المناخية التي ستشهدها معظم دول العالم خلال السنوات القادمة وقد حدد نصيب اليمن من هذا الجفاف لمدة خمس وعشرين سنة دون أن يذكر الدول الأخرى باسم, وكم عدد السنين التي ستنقطع خلالها الأمطار. بالطبع المسؤولية عن هذه الكارثة المناخية تقع على عاتق الأضرار الصناعية التي لحقت بالبيئة وكانت البداية من ثقب الأوزون الذي اكتشف في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وكان مايزال صغيراً وفهمنا بفضل العلماء أن الأوزون هي الطبقة الجوية الأقرب إلى سطح الأرض التي تحافظ على التوازن بين البرودة شتاءً والحرارة صيفاً وأنه نتيجة لاستخدام المواد الكيماوية في الصناعات خاصة الثلاجات التي ازدهرت في دول شرق آسيا وحلت ثانية بعد الولاياتالمتحدة في صناعة هذه الأجهزة وغيرها من تلك التي تنبعث منها الغازات بالإضافة إلى غاز ثاني أوكسيد الكربون الصادر عن إحراق الفحم الحجري والحطب وإحراق الغابات وبناء المزيد من المصانع الضخمة التي تتصاعد منها سحب الأدخنة الملوثة للبيئة على مدار الساعة منذ نهاية القرن الثامن عشر. هذه الأيام ترزح اليمن تحت ضغط جوي حار جداً وانقطاع للأمطار بعد هطولها بغزارة ولفترة محددة في عدد من المناطق وقبل بداية موسم الزراعة, ولكن ما زرع احترق الآن ولم تكن مصادر المياه السطحية العيون والينابيع الصغيرة قد عادت بكميات كافية تريح النساء والأطفال من عناء السفر من القرى التي جفت مصادرها من المياه تماماً إلى القرى التي حفرت فيها آبار خاصة بزراعة القات أو ظلت بعض عيونها تجري وتفيض عن حاجة سكانها. فقط ارتاح أولئك المسافرون طوال الوقت أياماً قليلة بعد سقوط الأمطار التي سببت فيضانات في بعض المناطق وأحدثت أضراراً بالمزروعات والأراضي والمساكن ولم نعد اليوم نسمع عن هطولها في أي مكان مما يدل على موسم الجفاف الطويل أو حقيقته بالأصح قد بدأت في اليمن, ومعنى هذا أن المدن التي دارت حولها الأخبار قبل صنعاء سوف يغادرها السكان قبل العشر السنوات التي ذكرتها تقارير يمنية وأجنبية كآخر فرصة للحكومة لعمل مشروعات ومنها التحلية لمياه البحر لتوفير المياه لكافة الأغراض إلى أن تبدأ مثل هذه المشاريع والتي سيتطلب العمل بها أوقاتاً طويلة, نخاف أن يطول وقت انتظار التمويل كونها تحتاج أموالاً طائلة وعملاً لا يقل عن خمس إلى ثماني سنوات للدراسة واختيار المواقع للمحطات الرئيسية والمحطات الفرعية التي تضخ كل منها إلى الآخر عبر مسافات تزيد عن مائة وسبعين كيلومتراً كما هي المسافة بين إب والمخا مروراً بتعز واللتين صمم لهما مشروع واحد منذ سنوات. وأسأل من الله عز وجل ألا نواجه كارثة كهذه وأن يغيثنا بالأمطار التي تؤجل حلول الكارثة المحققة كحقيقة العلم الذي لاينكره عاقل إلى أن تصل مياه البحر المحلاّة إلى تعزوإبوصنعاء وكل مدينة مهددة بالعطش الذي لايرحم.