قالها ولم يكترث: “مات قشنون”. وقشنون حارس الليالي اليتيمة ونهارات الرجاء. احتكر محبة العابرين وكان يزهو في دكانته الصغيرة.. فيما يصدق قلبه دائماً. إنه ذاكرة الحجرية.. وكل المارين من التربة قد مارسوا الوصول إلى قراهم البعيدة من خلال عينيه الباسمتين المعذبتين. عرف سنوات الرصاص وسنوات الاغتيالات.. سنوات الأمل وسنوات الحب.. سنوات الشغف وسنوات الالتباس المرير. كان بمثابة خط الأفق.. مندوب الفرزة الذي عبرته أجيال بكل شعاراتها الحلمية وحكايات الخذلان والخوف والشجاعة وغير المعهود من الأفكار والأيديولوجيات.. فيما ظل طوال عقود يواسي الغرباء، من أصيبوا بوحشة السفر أو قلة الزاد وبعد الطريق. قشنون الصريح بصفاقة حد وصفه بالجاسوس.. قشنون المرجعية التلقائية الصعبة لكيفية الانتباه في هذه الحياة.. قشنون المعرعر المنطوي على ألفة الأشياء الجميلة للقرويين. قشنون شاهد حال الأيام الملعونة.