رمضان على الأبواب، فأهلاً وسهلاً برمضان شهر الصيام.. كأن رمضان مر من شهرين اثنين أو ثلاثة أو خمسة، فوا أسفى على ما فرطنا من سلخ الأيام في غفلة وإعراض، وظلم لأنفسنا وللعباد، فماذا نقول لربنا يوم التناد “يوم هم بارزون”؟. وأهل التصوف يقولون: إن النعمة إذا مُنحها العبد مرة تلو أخرى ثم لا يقوم بحقها إنما هي نقمة واستدراج؛ لكيلا تكون على الله حجة، وفي الحديث الشريف: (لقد أعذر الله المرء يبلغ السّتين) فلا حول ولا قوة إلا بالله. وتعال أخي – وحسب – نرصد علاقتنا بربنا كيف هي أو كانت من رمضان المنصرم ورمضان القادم، هل تطورت هذه العلاقة ونمت، أم خمدت وتأخرت مقارنة بين علاقتنا بالدنيا؟. إن الحصيف ليحاسب نفسه، فإن هي والله إلا علاقة فاترة إن لم تكن مقطعة الأوصال بالية الحبال، شغلتنا الأموال والعيال، فوا حسرتاه على عمر نفد وقوة أجساد وهنت وضعفت، وانصراف إلى الدنيا، نطمع منها بالمزيد.. ليت الأمر يقف عند هذا الحد، وإنما أصبحت علاقة كثير منا بالله متوترة، حرباً ضروساً بيننا وبينه، نخرب البلاد ونؤذي العباد، ونبارز الله بالمعاصي، وأقبح المعاصي على الإطلاق مصادرة حقوق الناس وعدم الاهتمام بأمور الرعية وعبادة الأهواء والاستمرار في جمع المال الحرام وظلم الخواص والعوام. إن التاجر الفطن آخر يومه يمسك بالقلم والقرطاس فيرصد الربح والخسارة، ولا يقف به الأمر عند هذا الحد وإنما يلتمس طرقاً أخرى لتنمية ثروته الحلال، ويعلم ماذا يحتاج السوق، فأين نحن من سوق القيامة؟ وها هو عام – وليس شهراً – ينصرم فماذا كانت تجارتنا؟ وما هو الربح غير أطماع دنيا حقيرة وكسب مغموس بالشبهات إن لم يكن بالحرام؟ فهل إلى خروج من سبيل والنجاة من عذاب وبيل؟. لا بركة في الوقت، الذي يمر مر السحاب وأسرع، وأنا وأنت وهو وهي ونحن جميعاً في لهاث مسعور إلى أين..؟ لا ندري قلق وضيق وسباق، ثم إذا بك تسمع رأيته قبل ساعة، على درجة من الصحة، وهي تقول: خرج لشراء القات، وهو يقول: ذهبت إلى الخياطة، وإذا حاصل ما رأيت وسمعت: لا حول ولا قوة إلا بالله، رحمه الله مات أو شفاه الله أصابته جلطة، أو اللهم أهلك الظالمين قتلوه ظلماً!!. نعوذ بالله من الاستدراج فخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشركم من طال عمره وساء عمله.