صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلفياته مستجداته آفاقه المستقبلية
المشهد الوطني في اليمن
نشر في الجمهورية يوم 15 - 01 - 2012


الرسالة الرابعة2-2
3.ما أشبه اليوم بالبارحة
ومن نماذج ماضي التقولات الخاطئة على الله ونبيه وخلقه باسم الدين لخدمة أهواء السياسة والسياسيين في الماضي البعيد والقريب إلى شاهد الحال في الحاضر, وآخر مستجداته في بيانات الصراع السياسي بثوب ديني بين ما يسمى بجمعية علماء اليمن “ الناطق السياسي الديني “ باسم السلطة, وهيئة علماء اليمن “ الناطق السياسي الديني “ باسم المعارضة في اليمن, في محنته الراهنة مع الأسف الشديد, وأخرها (بيان الجمعية) في يوم الخميس أول ذي القعدة 1432ه الموافق 29 سبتمبر 2011م بشأن الأوضاع الراهنة, وبيان الرد عليه من قبل (الهيئة) في 8 ذي القعدة 1432ه الموافق 6 أكتوبر 2011م, ناهيك عن سيل الفتاوى وخطب الجمعة وغير الجمعة المسعرة للفتنة وثقافة الكراهية بين الناس قبل وبعد هذه البيانات من على منابر المساجد ومنصات الساحات وأبواق القنوات وصفحات الجرائد ليل نهار, حيث جاء في بيان (الجمعية) القول بالنص (إن الخروج على الحاكم محرم شرعا سواء كان بالقول أو الفعل) إشارة إلى الاعتصامات والمظاهرات الشبابية, في حين ترى (الهيئة) في فتوى سابقة لها تبين أن: (الاعتصامات والمظاهرات السلمية حق شرعي ودستوري ومظهر من مظاهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فكيف للبيان الصادر عن (الجمعية) أن يحرم ذلك).
كما يشير بيان رد (الهيئة) أيضا على بيان (الجمعية) والذي نقتبس منه النص المطول الآتي للضرورة: “إن إطلاق القول بأن الخروج على الحاكم محرم بالإجماع, إطلاق فيه نظر, فإن الإجماع متحقق في حرمة الخروج على الحاكم العدل المختار برضى الأمة والمتصف بشروط الولاية والقائم بواجباته الشرعية, وأما الحاكم الجائر أو المتغلب فدعوى الإجماع على حرمة الخروج عليه غير صحيحة, وفيه تلبيس لا ينبغي لأهل العلم أن يقعوا فيه, فإن العلامة الصنعاني أنكر هذا الإجماع, وسبقه ابن الجوزي وابن عقيل والجويني, وقال بجواز الخروج على الحاكم الظالم الإمام زيد ابن علي, والإمام ابن حزم, وهو قول عند الأئمة الأربعة: أبي حنيفة, ومالك, والشافعي, وأحمد, كما أثبت الخلاف فيه ابن حجر, وأبن تيميه. وكان أحمد ابن حنبل يقول عن الأئمة: من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامة, وإن قدرتم على خلعه فاخلعوه “العقيدة للإمام أحمد ص124 رواية أبي بكر الجلال”. أما ما ذكروه (يقصد علماء الجمعية في بيانهم) من أن الخروج على الحكام بالقول محرم بالإجماع فإنها دعوى للتفريط في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. (انتهى النص المقتبس).
وكما انتهى بيان “الجمعية” بوجوب طاعة “ولي الأمر” الفرد. وعدم الخروج عليه بأي حال, طبقا للمقولة القديمة الجديدة المتقولة على دين الله, حتى ولو ظلم وفجر وفسق وارتكب المعصية ما لم يأمر بها أو يعلن الكفر البواح, فقد انتهى بيان الهيئة أيضا إلى القول: “فإن علماء اليمن يرون تحقيقا لمصالح الشعب اليمني وحقنا للدماء وسدا للذرائع وجوب سرعة نقل السلطة سلميا دون تأخير... ووجوب قيام الرئيس بالتوقيع على المبادرة الخليجية التي أعلن مرارا وتكرارا أنه ملتزم بها وبتنفيذها”, وكل له في ذلك مبرراته وتقولاته وتأويلاته ومقاصده الخاصة التي تبدأ ولا تنتهي في خدمة علي عبدالله صالح أو من يصر على توريثه من بنيه من الطرف الأول, مقابل خدمة من يطمع في إزاحته وشنقه والحلول محله من الطرف الثاني لا أقل ولا أكثر.
وهكذا هو جدل “القيل والقال في خدمة السياسة بأسم الدين” من أعماق الماضي البعيد حتى صميم الحاضر الجديد, وكأننا اليوم وبعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة أمام موقف أبي موسى الاشعري وعمرو إبن العاص من صراع علي ومعاوية على السلطة, أو أمام الروضة وأمام صنعاء أو إمام حدة وضبر خيره في يوم من الأيام, والذي لم يكن ليختلف قديمه العفن عن جديدة الفج كثيراً في موقف الزنداني من زعيم الحصبة وعباد من زعيم النهدين, وما أشبه اليوم بالبارحة جوهراً ومضموناً وإن اختلفت الأشكال والمسميات, وكأن التاريخ لا يعيد نفسه –كما يقال- فحسب بل وما كاد يتحرك من مكانه في صراع السلطة والثروة, ودين الله المشوه هو المطية الأولى في هذا الصراع القديم الجديد بغير حق.
والسؤال المهم هو .. ما الذي يستطيع أي عاقل في سره وسريرته أن يقرأه أو يفهمه من قيل وقال السياسة فيما سبق قديمه وحديثه باسم الدين أكثر من القول ونفيه “يحرم ولا يحرم, ومجمع عليه ولا إجماع” والتي لا تختلف كثيرا عن مقوله “يرحل ولن يرحل” بلغة “الجدران” بل إنهما نقيضان لمقصد سياسي واحد أو وجهان لعملة واحدة، تحتمل فيه السياسة ولا يجوز فيه إقحام الدين بهذه الصورة التي أصبح معها هذا الخطاب الديني المشوه والعقيم هو مجرد تعبير أكثر تشوها من السياسة المشوهة أصلا, وأكثر فجاجة مع الأسف الشديد, ومحتكم إليها بدلا من إحتكامها إليه كما هو المفترض, فهل لا يوجد في دين الله الحق ما هو أجل وأسمى من “ قيل وقال السياسة الملوثة هذه؟ “ نعم وألف ألف نعم ! لأن شمس النهار لا تطفئها عيون الخفافيش والأفاعي في الظلام, “والله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون” وإذا كانت صولة الباطل ساعة فإن صولة الحق هي إلى قيام الساعة” صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم، والآتي هو بعض ما أمكننا الاجتهاد فيه.
رابعا: الأصل في حكم السلطة في الإسلام أنها حق مطلق للناس ومعيارها الأول جلب النفع لهم ودفع الضرر عنهم .
إن القراءة السياسية الموضوعية لمضمون نص بيان “الجمعية والهيئة” كسياسة وبعيداً عن جوهر دين الله الحق من جهة؟ وكيف ينبغي التعامل معه من جهة ثانية؟ وما هو الأصل في الخطاب الديني والإسلامي الحق ورأيه في مثل هذه المحنة التي يمر بها يمن الإيمان والحكمة من جهة ثالثة، وما ينبغي على دعاة الدين وعقلاء الدنيا أن يتبينوه ويقوموا بواجبهم فيه ومسئوليتهم نحوه فهو ما يمكن تحديد أهم معالمه كرأي في جوهر الدين لإصلاح ما أفسدته السياسة، رأي يحتمل الصواب بقدر ما يحتمل الخطأ وليس حكم شرعي أو فتوى دينية بالتحليل والتحريم أو التجريم والتكفير مما دأب عليه دعاة وأدعياء الدين بغير حق لخدمة ما قد فسد من السياسة, وبإختصار في الآتي:
1.القراءة السياسية لبيان “الجمعية والهيئة” (خلاف في الشكل واتفاق في المضمون)
خلاف الشكل على السلطة في البيانين أو الموقفين بشكل عام واضح من العرض السابق، أما الاتفاق بينهما على المضمون المكرس للحكم الفردي المطلق باسم الدين فهو الأهم وما ينبغي الكشف عنه، فكلا الموقفين يؤكد حرمة الخروج على الحاكم الفرد، مع تغليف موقف “الجمعية” بفكرة العموم والإطلاق بقصد غض الطرف والتستر على مفاسد السلطة وطغيانها بحجة غير منظورة هي أنها لم تأمر بعد بالمعصية وتعلن الكفر البواح، وهو الشرط الجوهري والمتفق عليه ضمنا لدى الطرفين سياسيا وفقهيا خارج المقاصد الشرعية الحقة، في مقابل موقف “الهيئة” القائل بالعدل واستكمال شروط الولاية كشرط لحرمة الخروج على الحاكم، في محاولة منها لإبراز ما تسترت عليه الهيئة من مفاسد السلطة وتبرير الخروج عليها والحلول محلها لا أقل ولا أكثر، أما مقولة الحاكم العادل وشروط الولاية الشرعية فهو الكلام المطاط الذي بدء من ألف سنة ولم ينتهى بعد ولا يعدم أحد من طغاة الأرض من أن يصف نفسه بذلك أو يجد من يفتي له به بدءاً من يزيد مروراً بجنكيز خان وحتى حسني باراك وأمثاله اليوم، تماماً كشرط المستحيل للأصل المتفق عليه بين الطرفين بحرمة الخروج على الحاكم الظالم مهما فسق وبغى وطغى ما لم يأمر بالمعصية ويعلن الكفر البواح ، فأي حاكم هو من السذاجة والغباء يمكنه فعل ذلك أو يضطره إليه.
وهكذا فالقراءة الحقيقية للموفقين تؤكد الخلاف والصراع على الاستيلاء على السلطة بأية وسيلة لصالح أي منها كفرد خلاف مقتضى الشرع وحكم الدين الحق فيها للجماعة، لا على كيفيتها ومضمونها الجماعي الديمقراطي المؤكد بمقتضاه، وإلا لماذا يكرس مفهوم الفرد باسم “ولي الأمر” الذي لا أساس له من كتاب أو سنة، ويغيب مفهوم الجماعة “أولي الأمر” كحق ثابت لحكم السلطة في الإسلام، وأين مفهوم الشورى والديمقراطية كأصل أثبت لحق الناس في اختيار جماعة أولى الأمر بمقتضى أصل هذا الحق في نص كتاب الله القائل “ وأمرهم شورى بينهم” بل وأين المشترك الإنساني اليوم لحقوق الإنسان والدولة المدنية والمجتمع المدني الحديث ذى السطوة والمنفعة والثورة والمنادى بها في ساحات الوطن اليمني والعربي والعالم بأسره، وأما آن لجحور الظلم والظلام أن تتكيف مع النور أو ترحل؟؟
2. التوظيف السياسي للدين ليس من الدين في شيء.
إن كل ما دار ويدور من جدل التوظيف السياسي للدين هو ليس من دين الله الحق في شيء, وعلى كل إنسان مسلم عاقل مؤمن أن يحذر الفتنة فيما يقال, وأن لا يسلم عقله وضميره وفعله له, لا لمجرد أن شبهته وتبعيته لأغراض السياسة ثابتة بل ولأن كل مسلم عاقل مؤمن هو المسئول وحده عن دينه وعمله بمفرده أمام الله في الدنيا والآخرة, دون وصاية لأحد أو ركون إلى فتوى من أحد, فليس في الإسلام رجال دين أو وسطاء أو أوصياء على ضمائر الناس وعلاقتهم بربهم, إذ لا توسط قط بين علاقة العبد بربه في الإسلام.
3. بعض دعاة الدين وكثرة أدعيائه صاروا جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل مع الأسف
إن الكثير من دعاة وأدعياء الدين بحق وبدون حق لم ينزلقوا في أطراف الفتنة السياسية القائمة كأتباع فحسب بل و أوغلوا في تسعيرها بدلا من إخمادها, وصارت تحكمهم بدلا من أن يحكموا هم عليها, وصاروا أسرى مطامعها أو خوفها, إلا من رحم ربي, وبالتالي صاروا ظهيرا لها على الشر والخطأ، بدلا من أن يكونوا عونا لها على الخير وتفادي الشر والتزام جادة الحق والصواب, وغاب عنهم مبدأ تقديم دفع المفاسد العامة على جلب المنافع الخاصة فيما نحن فيه اليوم من محنة الوطن, وصاروا جزءاً من المحنة والمشكلة بدلا من الحل, فانتقص بذلك واجبهم الديني والوطني أمام الله وخلقه, فهلاَّ لا استيقظت ضمائرهم وبيضة إيمانهم في دينهم فسألوا أنفسهم عما يجب قوله وفعله من الحق في ساعة العسرة هذه, قبل أن يسألهم الله والناس يوما عما يقولونه ويفعلونه بغير حق!! “وكل نفس بما كسبت رهينة”.
4. القاعدة العامة في الشرع الإسلامي بالنسبة للسلطة وغيرها هو جلب النفع ودفع الضرر
إن الأصل الأول والأخير في جوهر الشرع الإسلامي بشكل عام بل وفي جوهر كل الشرائع السماوية والأرضية العادلة سواء فيما يتعلق بحكم السلطة أو غيرها هي قاعدة جلب النفع للناس ودفع الضرر عنهم, وهي القاعدة التي يستطيع معها كل إنسان عاقل, مسلم كان أم غيره أن يتعرف عليها ببساطة ويعمل بها في تعامله مع نفسه ومع الغير, أما ما عدا ذلك من كل ما سبق من أقوال أو أفعال البشر فهي مجرد اجتهادات تحتمل الصواب النافع بقدر ما تحتمل الخطأ الضار, وبحسن نية أو بدونها, ومسئولية الإنسان العاقل المؤمن هي أن يتدبر ويجتهد بنفسه في استقراء الصواب النافع والأخذ به, والخطأ الضار وتجنبه والوقوف ضده بقدر المستطاع، سواء بالنسبة للسلطة أو غيرها, فحيثما حلت المنفعة أو المصلحة وانعدم الضرر فثم شرع الله.
5. حكم السلطة في الإسلام حق مطلق لمجموع الناس لا أفراد منهم.
إن حكم كتاب الله وسنة نبيه وخير من اتبعه من خلقة في السلطة بالذات هو أنها حق جماعي للناس بالمطلق, وما من “ولي أمر” فرد قط في الإسلام, وآليتها الشورى والديمقراطية, عملا بقوله تعالى “وأمرهم شورى بينهم” ومصداقا لسنة خير أول خلف سيدنا أبي بكر رضي الله عنه لخير أول سلف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بقوله يوم ولايته “لقد وليت عليكم ولست بخيركم, فإن أحسنت فأعينوني, وإن أسأت فقوموني, أطيعوني ما أطعت الله فيكم, فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم”, ومن حق بل وواجب كل مسلم أن يتدبر هذا الحق الذي أعطاه الله له بنفسه لنفسه، ويدافع عنه مع كل من يلتقى معه في جلب النفع ودفع الضرر العام والخاص من خلاله سواء فيما يتعلق بالسلطة بشكل خاص أو غيرها من شئون الحياة الاجتماعية بشكل عام.
6. تعالوا إلى كلمة حق في وجه حاكم ظالم.
والسؤال الأخير لدعاة الدين لا إدعيائه هو ماذا لو التقيتم مع غالبية الناس على كلمة الحق الموجهة لرؤوس السياسة والسياسيين من الأخوة الأعداء جميعا من رضاعة العنف والفساد, والمحجلين بلون الدم الأحمر “اسما على مسمى” ونقول لهم كلمة حق معا, أما كفاكم حكمنا بغير حق لما يقرب من نصف قرن مضى, أما شبعتم ثراء من مال حرام يخصنا, أما ارتويتم من دمائنا في فتنكم وحروبكم علينا وفيما بيننا, بدءاً من تجارة حروب الارتزاق على هامش الصراع الملكي الجمهوري بعد الثورة، مروراً بحروب التشطير المباشرة وغير المباشرة,وانتهاء بحروب شرعية النهب والتدمير من أقصى جنوب الوطن إلى أقصى شماله, أما كفاكم كل هذا العبث بنا وأنتم متفقون علينا إلا أن تصروا اليوم في خلافكم على الإقتتال بنا وعلينا في الساحات والحرات والطرقات وحتى بيوت لله وبدم بارد, لا لشيء إلا أن بعضكم يصر على إختصار مجموعكم في واحد, والبعض الآخر يريد إحلال واحد مكان واحد, ونحن نقول لكم «سلما وسلاما» من أجلنا وأجلكم إلى هناوكفى, كفوا عنا فتنتكم واذهبوا بفسادكم «ودعونا نتدبر أمورنا بسلام» وعفا الله عما سلف, وكفى الله المؤمنين شر القتال, فندفع بذلك شرهم عنا ونعينهم على شرور أنفسهم من أنفسهم, عملا بقول نبينا الكريم “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، قيل يا رسول الله كيف ينصر الأخ أخاه ظالما؟ قال بأن يمنعه عن ظلمه”، وما من عمل يقربنا إلى الله أفضل من قول كلمة حق في وجه حاكم ظالم، لقد فشلتم في قول كلمة الحق هذه التي يلزمكم بها دينكم ونبيكم وقلتم بخلافها باطلاً وزوراً وبهتاناً ونسيتم قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم,وها هم قد اتفقوا علينا وعليكم مؤخراً وخلاف مادعوتم به واجتثت كل كلماتكم الخبيثة وفتاواكم من على وجه الأرض في منابر الساحات والميادين والمساجد وقنوات التلفزة والصحافة وبعد أن«تبرأ الذين أتبعوا من الذين أتبعوا» دون أن يستأذنوكم في شيء ,فأين ستذهبون بأكفانكم التي أشهرتموها على المنابر وفتاواكم التي سطرتموها على الورق ولم تجد لها طريقاً إلى عقل أو ضمير احد ,ولو كنا قلناها كلمة حق لظلت كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء, فهل سنجانب بذلك الحق والصواب في دين الله؟ أم سنكون في الموقف الصحيح الذي يوجبه علينا ربنا ونبينا وديننا أن نكون فيه ويرضى به عنا ونحفظ به دماءنا وأعراضنا جمعيا ووطننا؟ أقلدكم الله!! فهل نتعلم الدرس جيداً؟ لأن الجيات أكثر من الرايحات, واللهم أني بلغت واللهم فاشهد.
أستاذ علم الاجتماع- جامعة صنعاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.