- علماء التربية وخبراء المناهج متفقون على ان الاختبارات وسيلة من وسائل القياس، وليست الوسيلة الوحيدة المثلى لتحديد او تقويم او تقييم مستوى الدارسين الحقيقي في اية مرحلة من مراحل التعليم العام او العالي.. هناك فروق فردية بين الدارسين.. قد نجد اشخاصاً متفوقين في علمٍ من العلوم، وفي بعض العلوم لا يفقه شيئاً.. لذا فإن عملية التقويم او التقييم عملية شائكة ومعقدة ومتداخلة.. فهي تحتاج الى عدة وسائل وادوات وطرائق واساليب متنوعة، وأسس علمية حديثة مواكبة لروح العصر ومستجداته العلمية والتكنولوجية، حتى تكتمل الصورة، وتتضح الرؤية كاملة من خلال المتابعة والملاحظة الدقيقة منذ التحاق الدارس بالمرحلة التعليمية الاولية.. وصولاً الى المرحلة الدراسية العليا.. - لذلك فالعملية التقويمية التقييمية تتحرك في مسار فلسفي تربوي علمي متشابك ومتداخل بدءاً بالدارس وظروفه الاسرية والبيئية والدراسية.. من هنا تأتي أهمية القائمين على شؤون الاختبارات والتقويم الشامل بأن يتحروا الدقة والشفافية عند وضع ادوات القياس لتقويم الدارسين سلوكاً علمياً وعملياً واجتماعياً، ونفسياً وفكرياً حتى يحدثوا تغييراً جذرياً، ونقلة نوعية متميزة في مهارات ومعارف وقدرات الدارسين.. أما نوعية التقويم التي تمارس في مؤسساتنا التعليمية بكافة مراحلها المختلفة هي نوعية نمطية تقليدية آلية جامدة.. والقائمون في شؤون التقويم والاختبارات يسيرون على نمط ومنوال النظريات التقليدية القديمة عند وضع وصياغة اسئلة التقويم والاختبارات.. كالأسئلة المقالية.. او الموضوعية او المركبة او الاستنباطية.. او البحثية او التعليلية.. وغيرها من الأسئلة المكرورة.. لذا نشاهد اختبارات الثانوية العامة وغيرها من الاختبارات حتى على مستوى الجامعة مملوءة بالأسئلة المركبة والتي تعتمد على الحفظ فقط دون التركيز على الأسئلة الاستكشافية والبحثية والاستنباطية.. وهذا من عيوب التقويم النمطي الذي هدفه فقط درجات نجاح او رسوب دون التركيز على الجوانب الابداعية والمهارية الاخرى.. - لذلك نرى كثيراً من العباقرة والفلاسفة والمبدعين والمتميزين واصحاب النظريات العلمية الشهيرة كانوا فاشلين دراسياً ومتفوقين فكرياً وعلمياً وعملياً.. لذلك نشاهد كثيراً من الدارسين متفوقين علمياً في مرحلة الثانوية، وعند التحاقهم بالجامعة تتدني مستوياتهم العلمية.. والعكس صحيح عند اصحاب النسب العادية تجدهم مبدعين ومتميزين.. السبب الرئيس يكمن في تقنية الاختبارات ونوعيتها النمطية، اضف الى ذلك العوامل السيكولوجية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية التي لها تأثير مباشر في تحديد سلوك ومستوى الدارسين.. من هنا ندرك اهمية التعليم في المراحل الاولى خاصةً من المرحلة التمهيدية الى الصف الثالث.. فهي تمثل مرحلة الاساس في حياة الدارسين.. وهي من اهم المراحل التعليمية التربوية في حياة الانسان.. فاذا احسنا اختيار المعلم المؤهل الكفؤ، والمناهج الملائمة، والوسائل المناسبة، والادوات المصاحبة للمناهج من انشطة والعاب وغيرها نكون قد وصلنا الى مرحلة الاساس والبناء السليم.. والسلوك القويم.. ولابد من فتح سجل خاص لكل دارس منذ التحاقه بالمرحلة الاولية، يدوّن فيه كل البيانات الخاصة والعامة التي تخصُّ ميلاده، ونشأته، وحياته، واسرته، ومواهبه، وثقافة الابوين.. وهنا يأتي دور الاخصائي الاجتماعي او الاخصائية النفسية في المتابعة والملاحظة والمراقبة.. وهذا الدور للأسف الشديد غائب كلياً في مدارسنا الا ما رحم ربي.. ومهمش من قبل معظم الادارات المدرسية اما لعدم معرفتها بمهامها التربوية.. او غير مستوعبة لفنون وعلوم الادارة المدرسية الحديثة.. - علينا ان ندرك ان الهدف من عملية التقويم هو تحسين نوعية مخرجات العملية التعليمية بكل جوانبها المتباينة، وليست محصورة في نطاق الاختبارات الموسمية فقط.. وهي كذلك تؤدي الى نمو الدارسين واحداث تغيير نوعي في سلوكهم ومعارفهم ومهاراتهم واتجاهاتهم، والارتقاء بهم نحو الافضل.. مستشار تربوي