- المتأمل اليوم في واقع التعليم وأوضاعه، والتحديات والمشكلات التي تواجه مسار التعليم في بلادنا ، يدرك حقيقةً أهمية وحجم القضية أنَّ التعليم في بلادنا بحاجةٍ ماسةٍ وقُصوى للتطوير والتحديث لمواكبة مجريات واحتياجات روح العصر الحديث، ومستجدات ومتطلبات التنمية المستدامة .. فلابد من نقلة نوعية متميزة في الأهداف والوسائل، والمناهج، وطرائق التدريس الحديثة، والتقويم الذي يتلاءم مع مستجدات روح العصر المعرفي والثقافي والعلمي والتكنولوجي والحضاري.. فالاهتمام بالإنسان هو أكبر رأس مال للاستثمار ، إنْ كان استثماراً نوعياً متميزاً يعتمد على الجودة والمضمون وقوة المعرفة العلمية والثقافية، لأنه هو الحاضن الحقيقي لعملية البناء الحضاري والثقافي والتنموي في المستقبل ... لذلك لا بد أن نعترف أن هناك قصوراً واختلالاً في مسار العملية التعليمية والتربوية، وهناك تحديات عديدة تواجه المنظومة التعليمية، بسبب ترحيل المشكلات عاماً بعد عام، وهذا راجع إلى سوء التخطيط وغياب الدراسات التربوية، والابحاث العلمية الهادفة الى تحديث المناهج الدراسية.. وعندما نتأمل في احصائيات وبيانات «مؤشرات التعليم في اليمن» الصادرة عن رئاسة الوزراء من المجلس الأعلى لتخطيط التعليم الذي يتناول موضوعات متنوعة، ومؤشرات متباينة عن أوضاع التعليم الراهنة في بلادنا منذ مراحل متباينة وأعوام سابقة يُصاب الإنسان بالحسرة والأسى رغم أن هناك دولاً عربية كانت في مؤخرة الركب والقافلة والآن في الصدارة والريادة العلمية والمعرفية والثقافية والحضارية ، ويٍُشار اليها اليوم بالبنان.. - إذا استقرأنا وتفحصنا أوراق التعليم الأساسي - وهو مربط الفرس - لوجدنا العجب العجاب، مناهج نمطية، طرائق تدريس تقليدية تعتمد على الإلقاء والتلقين ، وسائل غير فاعلة أو جذابة، وكوادر غير مؤهلة تأهيلاً دقيقاً لطبيعة وأهمية وخطورة المرحلة التعليمية الاساسية..وبيئة تعليمية نمطية ينقصها الكثير من مستلزمات الأنشطة اللاصفية والترفيهية.. كل هذا مع وجود شحة الامكانات وهشاشة المخرجات العاملة، وعدم وجود المتابعة الفنية والتربوية الدقيقة من القيادات العليا الحاضرة الغائبة.. أين الدراسات والخطط والأبحاث والبرامج التي تُوضع من قبل القائمين على شؤون التعليم في قيادة الوزارة، ومكاتب التربية والتعليم بمحافظات الجمهورية عاماً بعد عام لمتابعة مسار وأوضاع العملية التعليمية والتربوية أولاً بأول..؟!. وما مصير التقارير الفنية والتربوية التي ترفع من قبل إدارات التوجيه التربوي والفني على مستوى مدارس الجمهورية ..؟! ومامصيرها يا ترى..؟! هل الأدراج الحديدية ، وخزائن الأرشيف الأرضية كما هي العادة..؟!. للأسف الشديد معظم طلابنا في المرحلة الثانوية لا يجيدون المهارات اللغوية بطلاقة، حتى تلاوة القرآن الكريم ، ضعف في الإملاء وضعف في التعبير.. وتقول لي: نحن في خير.. أي خير يا هذا..؟!. المطلوب الآن: وضع معالجات عاجلة وفورية لتصحيح مسار التعليم الذي عانى كثيراً ماضياً وحاضراً الفساد الأخلاقي والقيمي وغياب الأمانة العلمية والوطنية، حتى صارالتعليم تجارة لا رسالةً.. وسوقاً للبيع والشراء والمساومة لبيع أوراق الشهادات العلمية بثمن بخس دراهم معدودة... - آن الأوان لإصلاح ما أفسده المفسدون في الشآن التعليمي والتربوي قبل فوات الأوان.. لذلك لابد من مراجعة أوضاع التعليم من القمة حتى القاعدة.. وتطوير وتحديث المنظومة التعليمية ابتداءً بالمعلم ، قطاع الاختبارات ومكاتب التربية والتعليم بالمحافظات، والمناهج الدراسية، والادارة المدرسية ، التوجيه التربوي والفني، البيئة التربوية الفاعلة، المتوافر فيها كل مقومات ومستلزمات العملية التعليمية والتربوية من أنشطة متنوعة علمية وثقافية وفنية ومسرح، ورياضة، وكل ما يخص مدارس البنين والبنات من اقتصاد منزلي وحياكة وخياطة واشغال يدوية وغيرها.. لأن تلك المناشط اللاصفية هي روح وحيوية وبلسم العملية التعليمية والتربوية، وفيها الكثير من الحلول والمعالجات لمعظم مشاكلنا وقضايانا التعليمية والتربوية والنفسية والسلوكية التي تخصُّ أبناءنا وبناتنا.. فأول مشوار الإصلاح يبدأ بخطوة جادة متأنية إن توافرت حُسن النوايا، وصفاء القلوب، وشحذ الهمم والعزائم.. و كان الله في عون هذا الجيل ..!! * مستشار تربوي