علينا ان ندرك حقيقة علمية تربوية مفادها: ان الاختبارات هي وسيلة من وسائل التقويم الجزئي، وليست هدفاً غائياً في حد ذاته.. لأن عملية التقويم هي سلسلة متواصلة من حلقات المناشط التعليمية التربوية لاكساب الدارسين المعلومات والمعارف والمهارات الابداعية، والاتجاهات السلوكية والعلمية المتكاملة لادراك حقائق واهداف محددة، ونماء قدرات مؤهلة ومبدعة قادرة على العطاء والابداع. لكن في ظل آلية الاختبارات النمطية المكرورة أكان على مستوى اختبارات النقل ام اختبارات الشهادتين الاساسية والثانوية العامة مازالت اختباراتنا عقيمة، وتسير على نمط الكلاسيكية القديمة وعشوائية المعايير والدرجات التخمينية غير المدروسة بدقة.. ومن اهم القضايا التي تواجه عملية التقويم والاختبارات النمطية الاسئلة المفتوحة ذات الاجابات المتشعبة، واسئلة المقال.. او المركبة او التعليلية او الاستنباطية او غيرها من الاسئلة القياسية النظرية.. وعدم التركيز على اسئلة الذكاء والابداع والتميز.. فالاختبارات المقننة اصبحت اليوم غير مجدية، ولم تعد صالحةً علمياً ولا تربوياً.. ولا مواكبة لمسار العصر التكنولوجي التقني المعاصر ومتطلباته في شتى مجالات الحياة.. لذلك لابد من تنوع اوجه وسائل التقويم لمواكبة روح العصر العلمي وثورة الاتصالات والمعلومات المتجددة.. وتحديث آلية التقويم بوضع معايير حديثة ومتجددة دائماً فيها الابداع العلمي والثقافي والمهاري والابتكاري.. وكلنا نعلم ان معظم الفلاسفة والمبدعين والمخترعين والعباقرة كانوا من وجهة نظر بعض اساتذتهم ومعلميهم مصابين بالتخلف العقلي او النفسي.. واذا بهم يبدعون في مجال آخر، فيحققون اهدافهم وتطلعاتهم وطموحاتهم التي كانوا يصبون اليها.. حتى وصلوا الى درجة الابداع المتميز، واصبحوا من العلماء المخترعين الذين يشار اليهم بالبنان.. من هنا ندرك ان هناك بوناً شاسعاً وكبيراً بين النبوغ العلمي الذي يكون مستقره ومستودعه الوعاء الذهني العقلي المتقد بالتفوق والتميز.. وبين آلية التقويم النمطي العقيم الذي يعتمد على الرسوب او النجاح في منح الدرجات فقط.. هناك عوامل عديدة ومتنوعة تؤثر سلباً ام ايجاباً على الدارسين منها السيكولوجي والاجتماعي والاقتصادي وغيرها.. من هنا تأتي اهمية التقويم الشامل بدءاً بالمرحلة التعليمية الاولى وصولاً الى المرحلة الدراسية العليا.. فالاختبارات جزء من كل.. وهي وسيلة وليست غاية.. ونحن بهذا لا نريد ان نقلل من شأن او اهمية الاختبارات النظرية بل نريد آلية حديثة للتقويم والقياس مواكبة لروح العصر الحديث.. علينا ان ندرك ان مرحلة التعليم الاساسي- خاصة من المرحلة التمهيدية حتى الصف الثالث- هي اهم واخطر مرحلة في حياة ابنائنا الدارسين.. فاذا احسنا اعداد المعلم المؤهل تأهيلاً علمياً ومهنياً، وتحديث المناهج المواكبة لروح العصر.. والوسائل التعليمية الحديثة، والادوات والمستلزمات المصاحبة للعملية التعليمية التربوية من انشطة لاصفية ومسابقات علمية وثقافية وادبية ورياضية وغيرها نكون فعلاً قد بدأنا بالخطوة السليمة والصحيحة نحو الارتقاء بالتعليم والدارسين. ومن هنا يؤكد علماء التربية والنفس على اهمية الجوانب السيكولوجية والوجدانية لدى ابنائنا الدارسين خاصة في هذا الوقت الحرج.. لذلك علينا كآباء وامهات وتربويين غرس الثقة والتفاؤل في نفوس ابنائنا، ومعاملتهم بالرفق واللين حتى نخفف عنهم شيئاً من تلك الانفعالات الحادة، والتوترات المشبوبة بالرهبة والخوف.. وعلى التربويين القائمين على شؤون المراقبة والاشراف على مراكز اختبارات الشهادتين الاساسية والثانوية العامة بجميع تخصصاتها التعامل برزانةٍ وحصافةٍ وحكمةٍ وهدوء مع ابنائنا وبناتنا.. كما جاء في المأثور: «ما كان الرفق في شيء الا زانه، وما نزع من شيء الا شانه»..فالتقويم يجب ان يكون نصف موسمي، اي: ان تقسم درجات اختبارات الشهادتين الاساسية والثانوية العامة على مرحلتين: الفصل الدراسي الاول 50 ٪، والفصل الثاني 50٪ حتى نضمن انتظام ومواظبة الدارسين واحداث تغيير نوعي في سلوكهم ومعارفهم واتجاهاتهم ومهاراتهم، وتحسين نوعية مخرجات العملية التعليمية بكل جوانبها المتباينة.. وهذا رأي مطروح لقيادة وزارة التربية والتعليم.. متمنين لأبنائنا وبناتنا كل التفوق والنجاح والتميز..!! رابط المقال على الفيس بوك