hلتعليم هو اللبنة الاساسية لأي مجتمع من المجتمعات.. به ترتقي الشعوب والامم نحو البناء الثقافي والعلمي والحضاري.. فالاستثمار في التعليم هو الخطوة الحضارية الراقية.. ونقطة الارتكاز الحقيقية للانطلاق نحو مجتمع حضاري راقٍ مبدع.. وهذا لن يتأتى الا عندما تكون هناك رؤى فلسفية تربوية قائمة على خطة مدروسة، وبرنامج زمني محدد، واستراتيجية مبرمجة ذات اهداف ومسارات استشرافية مستقبلية تواكب متطلبات واحتياجات سوق العمل.. وتوفر دعائم وقواعد المسار التنموي الشامل المستدام في البلاد.. هناك فجوات متباينة.. وشروخ غائرة.. وجروح نازفة يشكو منها جسد العملية التعليمية التربوية حتى يومنا هذا.. وكل هذا بسبب السياسات الخاطئة.. والممارسات غير المسؤولة.. والقرارات غير المدروسة.. والترشيحات العشوائية للادارات التربوية، وسوء التخطيط.. واختلاط اوراق التعليم بالاوراق الحزبية والمذهبية والطائفية، وهذا ما ادى الى نتائج عكسية افضت الى فوضوية وهشاشة وركاكة مخرجات العملية التعليمية.. بل اثر بصورة مباشرة على اوضاع التعليم بكافة وسائله واساليبه ومنظومته الادارية والفنية والمهنية والتربوية.. بل انتقلت العدوى الى التعليم العالي والجامعات التي باتت هزيلة في مخرجاتها وهشة في معلوماتها لا تواكب روح العصر ومستجداته واحداثه المتسارعة نحو الثورة العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية الهائلة.. لذا علينا ان ننأى بالتعليم ومناهجه عن مسائل الحسابات التفاضلية في السياسية او الحزبية او المذهبية.. لأن هذا سيؤدي الى ضياع الاجيال بل الى تمزيق النسيج الاجتماعي بين ابناء الوطن الواحد.. لا نريد ان ندور في دوامة الصراعات السياسية التي كانت سائدة في عقود تلاشت وتوارت.. من اقصاء وتهميش وترهيب وقرارات فوقية مسيسة جائرة لخدمة النظام الحاكم.. ولن نخوض في التحليلات والتفسيرات الماضية بكل سلبياتها ومساوئها وقصورها لانها مرحلة تصفية حسابات سياسية بين قوى متصارعة فكرياً ومذهبياً.. ولأن الاحتكاك والعنف والقوة تنعكس آثارها السلبية على مناحي متعددة من الحياة.. اما اذا تناولنا دور ومهام المناشط اللاصفية والبرامج الثقافية والعلمية والاجتماعية في كثير من مدارسنا الخاصة والعامة فهي شبه غائبة تماماً بسبب عدم توافر الميزانية والامكانات والمستلزمات المادية والفنية.. وقلة الكوادر المتخصصة في هذا المجال.. فمازالت هناك عقول نمطية في بعض الادارات المدرسية والتربوية تعتبر تلك المناشط ترفاً تربوياً وعبثاً وضياعاً للوقت على حساب المقررات الدراسية.. لذا اتمنى من قطاع الانشطة المدرسية بوزارة التربية والتعليم الاهتمام والمتابعة وتفعيل دور المناشط اللاصفية على مستوى المحافظات والمديريات لانها تمثل رقماً فاعلاً في التقويم الدراسي اليومي.. لذا لابد من تفعيل دور ومهام مكاتب التربية على مستوى المحافظات والمديريات بوضع الخطط والبرامج والرؤى الهادفة لتحديث وتطوير مسار العملية التعليمية التربوية بكافة ادواتها ووسائلها وطرائقها وتقنياتها لمواكبة روح العصر وثورته العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية.. ورفدها بالكوادر المؤهلة والكفؤة المبدعة القادرة على الابداع والابتكار والعطاء المتواصل، وتحفيزها بالمكافآت المعنوية والمادية والوظيفية.. وتبقى حوسبة التعليم وازالة الأمية الرقمية بين صفوف الكادر التربوي مهمة الوزارة ومكاتب التربية على مستوى المحافظات والمديريات بعقد دورات اجبارية في فترة الاجازة الصيفية، وربط تلك الدورات بمكافآت مادية او ترقيات وظيفية.. وعندما نصل الى درجة التشبع القيمي والروحي والسلوكي والحضاري في حياتنا نكون قد وصلنا الى درجة الحضارية السلوكية الراقية في شتى مناحي الحياة.. وهذا هو بداية الطريق نحو الاخلاق الفاضلة.. والارتقاء العلمي والمعرفي والثقافي والحضاري الذي ننافس به شعوب العالم.. وهذا هو اكبر واعظم واثمن استثمار للوطن ارضاً وانساناً ووحدةً وهويةً وانتماءً!!.. وهذا هو العيد الحقيقي الذي نعرج عبره الى الزمن الحضاري الراقي.. بتميزٍ وتفوقٍ وابداع.. وهنا يكون التكريم.. واستثمار التعليم.. رابط المقال على الفيس بوك