منظومتا التعليم والسياسة وجهان لعملة واحدة.. لأنهما تتبادلان تبادلاً طردياً.. ومرتبطان ترابطاً عضوياً.. فأي خلل في أحدهما سيؤدي إلى انهيار كل مؤسسات الدولة برمتها.. وهذا ما نعيشه اليوم من إفرازات المرحلة الراهنة.. لذا لابد أن تحتل منظومة التعليم الصدارة في أولويات المنظومة السياسية حتى تستقيم مؤسسات الدولة.. فإصلاح التعليم هو حجر الزاوية نحو الانطلاقة الحقيقية والفاعلة.. بل هو الدينامية المحركة والضامنة للتنمية الشاملة المستدامة في شتى مناحي الحياة.. فالشباب المتسلح بالعلم والمعرفة والقيم والأخلاق هو القوة الفاعلة والمؤثرة في استنهاض الأمم والشعوب والدول.. نحن اليوم نعيش حالة ركود موقتة.. وبياتاً شتوياً فرضته علينا الأحداث والأزمات والثورات الربيعية التي مازالت إفرازاتها الأيديولوجية والمذهبية والفكرية تحصد الكثير من أبناء تلك الشعوب.. رغم الانفتاح الثقافي والحضاري والفكري.. ولكن عندما تؤدلج حريات الشعوب بفكر استبدادي كهنوتي عقيم.. هنا تكون الكارثة.. لذلك فإن لم نجعل محور ارتكاز فلسفتنا التعليمية قائمة على التسامح والمحبة والإخاء مع الآخر.. وتبادل الآراء.. واحترام ثقافات وحضارات الآخر.. فإن الأمور التعليمية ستؤول إلى التردي والانحطاط والفوضى.. وهذا ما هو حاصل اليوم بسبب تداخل الاختصاصات، وعشوائية القرارات بين المجالس المحلية ووزارة التربية والتعليم ومكاتبها بالمحافظات.. فلابد من تحديد الاختصاصات والمهام حتى نغرس ثقافة احترام الآخر.. وتكون فلسفتنا التربوية قائمة على رؤى واضحة مهما اختلفنا فكرياً أو عقائدياً أو مذهبياً.. علينا أن ندرك أن إصلاح منظومة التعليم هو فرس الرهان في معركة الانتقال إلى مرحلة بناء مداميك الدولة اليمنية المعاصرة.. دولة العدالة.. والحرية.. والمساواة.. والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.. لذا علينا أن ننأى بالتعليم عن تلك الهرطقات المذهبية، والسفسطائيات الفكرية التي لا تخدم إلا أعداءنا في الداخل والخارج.. وكما نعلم جميعاً أن إصلاح منظومة التعليم لا يكون من جانب أحادي إطلاقاً أو من منظور فكري مؤدلج لخدمة أهداف غائية.. أو مبرمج لخدمة مذهب ما لتمرير سياسة معينة.. بل لابد أن تكون بدعوة شاملة لكافة شرائح وفئات المجتمع، وممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات ذات العلاقة، وصفوة الخبراء والمختصين في مجال التربية، ومساهمة القطاع النسائي بكافة منظماته وهيئاته واتحاداته المنضوية تحت لواء المنظمات المدنية والحقوقية وحقوق الطفل.. حتى تتم صياغة وتحديث محتويات المناهج الدراسية بصورة مواكبة لروح العصر ومتطلباته واحتياجاته المستقبلية.. ولابد أن نراعي عند تحديث وتطوير مناهجنا الدراسية وضع منهج خاص لأبنائنا في مرحلة الصفوف الأولى يسمى: «منهج الأخلاق وأسلوب فن التعامل مع الآخر».. حتى يستطيع الطفل في هذا السن التعامل مع الآخر بأخلاق عالية، ولباقة راقية.. واحترام آراء الآخرين.. فأبناؤنا في هذا السن يحتاجون إلى رعاية توعوية خاصة، وتربية سلوكية هادفة في فن التعامل مع الآخر خاصة في عصر الانفتاح التكنولوجي والعلمي والمعلوماتي الهائل. اليوم تغزونا الثقافات والحضارات والأفكار والمذاهب المتباينة عبر ثورة الاتصالات والمعلومات بأيسر الوسائل والسبل وعبر قنوات التواصل الاجتماعي مثل الفي سبوك والتويتر والنت برفع شعارات زائفة.. ومضللة وباطلة يراد بها حق في زمن انقلبت فيه كل المقاييس والموازين رأساً على عقب بسبب ثورة الاتصالات والوسائل التكنولوجية الحديثة.. لذلك لابد من الرجوع إلى جذورنا وأصولنا الدينية والتاريخية والحضارية والثقافية والروحية والتراثية حتى لا ننجرف مع تلك التيارات الهوجاء.. والمذاهب العرجاء.. فالتربية هي الأساس في غرس مفاهيم وقيم وأخلاق العقيدة الصحيحة في عقول أبنائنا في هذا السن من الصفوف الدنيا.. حتى لا يواجهوا في المستقبل أية مشكلات أو تعقيدات عندما يواجهون الحياة العملية.. لذا لابد من إدراج هذه المسائل ضمن منهج دروس في الأخلاق وفن التعامل مع الآخر من منظور عقائدي تربوي وقيمي وعلمي حتى ينشأ أبناؤنا تنشئة قويمة وصالحة وسليمة مبنية على أسس ومفاهيم مستمدة من عقيدتنا الإسلامية السمحاء.. لهذا وذاك لابد أن تواكب منظومة إصلاح التعليم روح العصر الحديث.. وان تكون من ضمن أهدافه الفلسفية التربوية بناء الإنسان من الداخل قبل بنائه من الخارج..وهذا لن يتم إلا عن طريق الممارسة والتطبيق والقدوة العملية والفكر النقدي الهادف..!!. رابط المقال على الفيس بوك