باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب بين التأثير والتأثر
نشر في الجنوب ميديا يوم 30 - 10 - 2012

يمر عالمنا بتغيرات عميقة شملت مختلف الجوانب، وهي تغيرات فرضتها طبيعة الحياة الجديدة بأدواتها الحديثة، وجيل الشباب هو الأكثر تفاعلاً مع هذه الأدوات وتأثراً بها، فهناك عوامل عديدة تؤثر في فكر الشباب، بدءاً من المنزل مروراً بالمؤسسات التعليمية، والإعلامية، والتكنولوجية . وللمناهج الدراسية دور كبير في تشكيل فكر الطالب وإبعاده عن التأثير المضلل على عقله من كل المنافذ الأخرى، وفي وجود انتماء حقيقي لدى الشباب منذ الصغر سنتلافى المؤثرات المضللة على عقولهم وأفكارهم، حتى لوكنا نعيش في عالم منفتح على منافذ تكنولوجية وإعلامية . وفي هذا السياق، ناقش مؤتمر الشباب الإماراتي الذي نظمته الإدارة العامة لمراكز الناشئة على هامش فعاليات ملتقى الشباب الإماراتي تحت شعار "الشباب بين التأثير والتأثر"عدداً من أوراق العمل منها "المناهج وأثرها في تشكيل فكر الطالب"و"التكنولوجيا والإعلام والتأثير في توجهات الشباب". وناقشنا بدورنا في هذا الملف محاور "ما الذي يؤثر في فكر الشباب بشكل أكبر: التكنولوجيا أم الإعلام أم البيت أم المدرسة؟«، و"دور المناهج في تشكيل فكر الطالب«، و"كيف نخلق الانتماء لدى الشباب ونتلافى المؤثرات المضللة على عقولهم؟".
* * *
تأثيراتها متفاوتة لكنها تتكامل
التكنولوجيا والإعلام والمؤسسات تتصارع على العقول
أيهم أكثر تأثيراً في فكر الشباب، التكنولوجيا أم الإعلام أم البيت أم المدرسة؟ سؤال طرحناه على مجموعة من طلاب المدارس والجامعات، على هامش فعاليات ملتقى الشباب الإماراتي . واختلفت إجابات الطلبة، فالبعض اعتبر الإعلام المؤثر الأول والأسرع على عقولهم، وآخرون اعتبروا التكنولوجيا كونهم يقضون ساعات طويلة في استخدام قنوات التواصل الاجتماعي، وفئة منهم اعتبرت المنزل والمبادئ الأصيلة التي غرست في نفوسهم رادعاً لأي تأثير مضلل، وهناك من اعتبر المدرسة هي المؤثرة في فكره .
عبدالله علي "الصف الحادي عشر"أشار إلى أن هناك عوامل عديدة تؤثر في فكر الشاب، وتشكل شخصيته، ومن الصعب أن يتأثر بشيء واحد، متجاهلاً التأثيرات الأخرى .
ويقول: الشاب يتأثر ويؤثر، وذلك قد يكون بشكل إيجابي أو سلبي، فمنذ فترة بسيطة سمعنا في حينها عن تداول المخدرات، فسعينا لأن يكون لنا دور إيجابي، فصورنا فيلماً قصيراً نعكس فيه صورة المتعاطي للمخدرات بطريقة منفرة، بهدف توعية الشباب . ويلفت إلى أن الإعلام أثر في شخصيته بشكل أكبر .
محمد النقبي "الصف الحادي عشر علمي، مركز خورفكان"يقول: يتشكل فكر الشاب من مؤثرات مختلفة، ويتجزأ بين المناهج والإعلام والتكنولوجيا، ونسبة بسيطة للأهل، ولكن ما يؤثر بشكل كبير هوالتكنولوجيا، لأن أغلب وقتي أقضيه في استخدام وسائلها، ولكن كوني شاباً راشداً أدرك الصواب من الخطأ، ولن اكون طعماً لمن يريد أن يضللني أويشوه تفكيري .
وسائل الاعلام هي الأكثر تأثيراً، في رأي علي الحافري "الصف الحادي عشر، مركز ناشئة الذيد«، ويقول: لا يوجد منزل لا يحتوي على وسائل الإعلام سواء التلفاز أو الإذاعة أوالصحف، وبالتالي تؤثر بشكل مباشر في تفكير وشخصية الشاب، والمدرسة تأتي بالمرتبة الثانية، أما مواقع التواصل الاجتماعي فلها تأثير كبير من حيث الشائعات التي تروج يومياً والفضائح الأخرى والكم الهائل من المعلومات المتناقضة التي تشوش فكر الطالب عندما لا يدرك الحقيقة ولايعيها . ويشير إلى أن التربية الصحيحة في المنزل هي التي تدفع الطالب للمضي في الطريق الصحيح والابتعاد عن كل ما يضلله .
وترى سلوى الحمادي "جامعة الامارات"أن الإعلام هو المؤثر الأكبر في شخصيتها . وتقول: ما تبثه القنوات الفضائية من برامج ومسلسلات وأخبار يؤثر بطريقة غير مباشرة في أفكارنا وسلوكاتنا، ولا نعي هذا التأثير الا بعد توجيهنا من قبل الأهل، إذ نرى انتقادهم لسلوكاتنا واهتماماتنا وحديثنا .
أحمد الشحي "الصف الثاني عشر"يقول: التكنولوجيا هي الاكثر تأثيراً في فكرنا، لأني أتابعها بشكل مستمر، وبشكل عام الحوادث التي نراها في دول العالم تؤثر في تفكير الشاب، وإدراكي للقوانين المفروضة في العالم الافتراضي جعلني أكثر وعياً بالطريقة التي استخدم بها مواقع التواصل الاجتماعي .
عبدالله الكعبي "الصف الحادي عشر، علمي"أشار إلى أن الاعلام الأكثر تأثيراً، لأن وسائله مفتوحة لجميع الناس، والسلبي منه يؤثر في فكر الشاب . ويقول: رؤيتي وتوجهاتي واضحة، واكتسبتها من المنزل والمدرسة والمجتمع، ولا اغير توجهاتي وأفكاري من خلال متابعتي المستمرة لما نراه يحدث في عالمنا .
محمد الشامسي "الصف الثاني عشر"أكد أن المجتمع المدرسي هو الأكثر تأثيراً في الشباب، لأنه يقضي نصف يومه في المدرسة، ويتفاعل بشكل مباشر مع شباب من شرائح مختلفة وأفكار وشخصيات مختلفة، لافتاً إلى أن المؤثرات الخارجية لها دور ايضاً في تشكيل فكر الشاب .
وأشارت عائشة إبراهيم "كلية التقنية"إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لها الدور الأكبر في تشكيل شخصية الشباب، وتقول: تغيرت شخصيتي وأفكاري كثيراً بعد استخدام هذه المواقع، إذ بعد متابعتي لأشخاص من داخل الدولة وخارجها، وجدت أني أميل للكثير من توجهاتهم وآرائهم وأؤيدها، في حين كنت سابقاً أرفض كل تلك الأمور . وتؤكد أن التكنولوجيا تؤثر بشكل كبير في الشباب، ولكن من لديه المبادئ منذ الصغر فلن يتخلى عنها بسهولة، ولكنه سيتأثر بالآراء المختلفة ويحافظ على قيمه ومبادئه .
محمد الحمادي "مدير الجلسة الأولى في المؤتمر الشبابي، ومقدم برنامج"أشار إلى أن التكنولوجيا هي الأكثر تأثيراً . ويقول: تأثير التكنولوجيا في فكري كان بشكل إيجابي، لأني أدرك ما هو السلبي وأتجنبه أو أسعى إلى تغييره، أما المناهج فلم يكن لها دور في التأثير في فكري، والإعلام بالطبع يؤثر بشكل سلبي أو إيجابي والشاب هو من يحدد ماذا يشاهد، وكل ما قد يتنافى مع الدين أوالعادات والتقاليد بالطبع أتركه، وأحياناً قد أتابع بدافع الفضول ولكن لن أتأثر، وإن تأثرت فالتأثير لن يكون بصورة مباشرة .
فهد الحمادي "جامعة الشارقة، تخصص القانون، ومدير الجلسة الثانية في المؤتمر الشبابي"يقول: لا أستطيع فصل الإعلام عن التكنولوجيا، فكلاهما مرتبطان ويؤثران في فكر الشاب، لأن قنوات التواصل الاجتماعي هي الأكثر تأثيراً على تفكيري، فسابقاً كانت الكتب التي استعين بها تؤثر في فكري، إذ لم تكن المناهج كافية لتنوير الفكر، ولكن بشكل عام المسألة بحاجة إلى ثقافة عامة، ليدرك الشاب ما الذي يفيده والأمور التي تضره وتؤثر فيه بشكل سلبي .
فاطمة محمد "جامعة الإمارات"أشارت إلى أن الأسرة لها الدور الأكبر في التأثير في فكر الشباب وتشكيل شخصيتهم . وتقول: الأساس الذي يبنى عليه الشاب يكون من المنزل، فشخصيتنا تتأثر من الجو الأسري، والقيم والمبادىء نستقيها من المنزل، ومن الممارسات اليومية فيه، وبعد ذلك يأتي دور المدرسة والمناهج والمعلمات والصديقات، فلوكان التأثير سلبياً فينا في تلك المرحلة لن يؤثر بشكل كبير فينا، لأن القيم التي زرعت في نفوسنا في مرحلة الطفولة والرقابة الذاتية ستدفعنا إلى التمييز بين الخطأ والصواب .
وترى حصة الفلاسي "جامعة زايد"أن عوامل عديدة تؤثر في شخصية الطالب، وبنسب متفاوتة . وتقول: الإعلام والتكنولوجيا والأسرة والمدرسة كلها مؤثرات تشكل شخصيتنا، ولكن بنسب مختلفة وعلى حسب القيم المزروعة بداخلنا، فلوكانت التربية المنزلية صحيحة لن يتأثر الشاب بكل الأمور التي قد تضلل فكره، ولكن لوكان خاوياً من الداخل سيتأثر بكل المؤثرات الخارجية، وحتى رفاق السوء سيكون لهم تأثير كبير فيه، فالمسألة تعتمد على القيم المغروسة في أعماقنا .
أحمد الحمادي "مدير عام مراكز الناشئة"أشار إلى أن التكنولوجيا لها حالياً التأثير الأكبر في عقول الشباب مقارنة بالمدرسة والبيت . ويقول: أغلب الشباب يقضون ساعات طوال في استخدام التكنولوجيا ومتابعة الاعلام بجميع صوره، ويتمكن من إزالة الحظر في الوقت الذي يريده، وهذا كله له دور في التأثير في فكر الشباب، إضافة إلى ذلك، نجد أن أغلب المؤثرين في فكر وتوجهات الشباب هم الإعلاميون، بحيث يستخدمون الإعلام وسيلة فعالة للسيطرة على أفكار الشباب . ويشير إلى أن تأثير الإعلام أقوى وأكبر وأسرع في الوصول إلى عقليات الشباب . ويضيف: يجب أن يكون هناك استغلال أمثل للتقنيات لتعزيز القيم والمبادئ، فالمؤثرون نشيطون لاستغلال التقنيات والتأثير في الشباب، وبالتالي يقع دور أكبر علينا، فيجب أن نوجد برامج جاذبة للتأثير الإيجابي في الشباب في كيفية استغلال التقنيات .
د . أحمد فلاح العموش "عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة الشارقة"يقول: نعيش في عصر التواصل الاجتماعي، وأجريت دراسة مؤخراً، تبين أن 68% من الشباب يفضلون استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها أكثر خصوصية وأمناً، فيفضلون التواصل الافتراضي على المباشر مع الأشخاص، واعتبر التكنولوجيا الأكثر تأثيراً في شخصية الطالب، وهذا قد يشكل نشاطاً روتينياً يعتاد عليه، ويفصله عن العالم الحقيقي، فلابد أن يكون الشاب واعياً بعدد الساعات التي يقضيها في استخدام التكنولوجيا وعلى المؤسسات توعية الشباب وإرشادهم، والرقابة على هذه الشبكات . ويشير إلى أن الاعتماد الكلي على التكنولوجيا قد يخلق جيلاً انسحابياً من المجتمع، لأنه أصبح يفضل العالم الافتراضي على الواقعي، مؤكداً أن العالم العربي مازلنا بحاجة إلى تفعيل القوانين الإلكترونية، واطلاع الشباب عليها لتكون الصورة واضحة أمامهم .
* * *
قيمة كبيرة تربطنا بكل شيء حولنا
الانتماء حصانة في مواجهة الأخطار
ليس هناك سن معينة لترسيخ الانتماء في عقولنا وأحاسيسنا، فهو إحساس داخلي، ويتحقق ببذل كل ما نملك من طاقات لكي يبدو الانتماء ملموسا، وسلوكا ظاهرا، بدءا من الانتماء للأسرة، والمدرسة والجامعة والعمل والوطن . سألنا الخبراء في المؤتمر كيف نخلق الانتماء لدى الشباب؟، وكيف نتلافى المؤثرات المضللة على عقول وأفكار الشباب؟، وما الذي يجعل الشباب يدخلون في طريق يضللهم؟، وكوننا في عالم منفتح، هل أصبح الأمر أكثر صعوبة؟
قدمت د . حصة لوتاه، أستاذ مساعد في جامعة الإمارات، ورقة عمل بعنوان "التكنولوجيا والإعلام والتأثير في توجهات الشباب«، تطرقت فيها إلى أثر التكنولوجيا والإعلام على فكره عبر مجموعة من الأسئلة التي وجهتها إلى الشباب . وتقول: مرحلة الشباب تتميز بأشياء كثيرة، منها مسألة الرفض، لأن الشاب بطبيعته ثائر، وعند إدراكنا لهذه الجزئية سنطرح ما يتناسب مع رغباتهم وسنهم في ظل القانون، وكثيرا ما يوجه اتهام للشباب بأنه يقضي ساعات طوال على الانترنت، وأنه متلق لما يقرأه، وهذا غير صحيح، فالشاب بإمكانه أن يؤثر بطريقة ايجابية بشرط أن يعرف الطريق الصحيح للوصول . وتؤكد أن هناك رسائل كثيرة تصل للشاب بطريقة غير مباشرة في اللاوعي، والرسائل المؤثرة هي التي تبقى في الذاكرة .
وتضيف: إذا الإنسان أحب شيئاً يرتبط به، فحب الوطن يكمن في الارتباط به، وبذلك ينمى إليه الانتماء للمدرسة يكون من مدى جاذبيتها، فإذا أحب الطالب المعلمين والمناخ والصداقات في المدرسة، بالتالي يصبح ارتباطه بالمدرسة أكبر ويتعزز الانتماء لديه .
وتتابع: نحن مجتمع فيه جوانب من الانفتاح، وفيما يخص قنوات التواصل الاجتماعي، فيعتمد على كيفية تربيتنا للطفل واختيار ما الذي يبحث عنه خلال استخدامه لها، فعلى أولياء الأمور تنمية شخصية الطفل وإعطاؤه المعرفة التي يحتاجها، فإذا عزز بشكل ايجابي سنلقى نتيجة ايجابية، ولكن إذا لم يجد المعرفة في المنزل والمدرسة سيستقيها من مصدر آخر وقد يكون بشكل مضلل، ولكن إذا حصنته الأم سيجد البوصلة التي ترده أن اخطأ، فالأطفال والشباب هم الثروة لهذا الوطن .
د . خليفة السويدي، أستاذ في كلية التربية في جامعة الإمارات، يقول: الشباب بطبيعته في فترة المراهقة يبدأ عنده الرغبة في ذلك، وجزء من محاولة إثبات الذات أن يأتي بفكر أو سلوك به نوع من الغرابة، لذا يرتدي ملابس غريبة، ويحلق شعره بطريقة جديدة، ففي تلك الفترة يعلن استقلاله ويتصرف بطريقة يقول بها للأهل: أنا مستقل، وهناك طرق ايجابية يمارسها الشاب وأخرى سلبية، والسؤال: ما الذي يجعل شابا يختار طرق ايجابية لإثبات ذاته، وآخر يتبع طرق سلبية؟ وهنا لابد للنظر فيما فعلنا للشاب قبل المراهقة، أي في فترة الطفولة، ولكي يختار طرق ايجابية لابد من إعطائه جرعات دينية ونخلق لديه رقابة ذاتية، والأمر الآخر تنمية قدراته العقلية وقدرته على اتخاذ القرار ولا نجعله إنساناً تابعاً، والأمر الآخر استشعاره بالأمور الجماعية، سواء الأسرة والمجتمع والأصدقاء، فلو تمكنا من غرس تلك الركائز في الطفولة، سيتمكن من اتخاذ القرار ولن يؤثر عليه شيء، وإن ارتكب خطأ فعودته أسهل وأسرع .
ويضيف: لابد أن نعرض الشاب في بدايته إلى شيء من الأفكار السلبية التي ربما سيتعرض لها في المستقبل، حتى يكون مستعدا للنقاش وعدم الانخراط في السلوك الخاطئ .
ويشير إلى أنه إذا أحسنا الاستعداد لإعداد الشباب، فالتكنولوجيا شيء ايجابي، والعيب ليس فيها، بل في من دخل معركتها بسلاح قديم .
أ . د . باسم عتيلي "عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة الشارقة"يقول : الانتماء لدى الشباب يتم على مراحل تبدأ بمرحلة المراهقة، يتبعها المرحلة الجامعية التي ينطلق فيها الشاب لتكوين شخصيته، واهتمامنا بالشباب لا بد أن يكون له أهداف أساسية، منها تحقيق المشاركة المجتمعية للشباب بمعناها الواسع ونشر ثقافة "المواطنة المسؤولة"وثقافة الإبداع الاجتماعي، وإنشاء منظومة معلوماتية تساعد الشباب على التعرف على القنوات المختلفة والفرص المتاحة أمامه وكيفية الاستفادة منها، وتطوير وتنمية المهارات الحياتية للشباب .
ولتحقيق هذه الأهداف، يقول: يجب أن تتضافر الجهود المبذولة من عدد من الجهات عند التوجه نحو الشباب، وإيجاد برامج للتوعية وأن تخرج من إطار المحاضرات المملة والنصائح العامة، ليتطور شكلها وتكون بشكل أكثر تفاعلية ويتم استخدام وسائل جذابة فيها ووسائط إعلامية ومادية متعددة ويكون الشباب جزءاً من التوعية، ومن أهم الموضوعات التي لها أولوية في التوعية لدى الشباب الإدمان، التطرف، الانتماء، الثقة بالنفس، العنف وثقافة السلام، الإبداع والمشاركة المجتمعية والتطوع والمسؤولية الاجتماعية . ويدعو إلى تدريب الشباب على العديد من المهارات مثل القيادة واتخاذ القرار والتفاوض والحوار، البحث عن وظيفة وإجراء مقابلات العمل، والتفكير الابتكاري والنقدي وإدارة البرامج والأنشطة ومفاهيم التطوع والمشاركة المجتمعية .
ويضيف: نعيش في عصر ما يسمى العولمة، بحيث أصبح العالم قرية صغيرة ولا نستطيع أن نكون بمنآي عما يحدث في أقصى بقعة من العالم ولهذا الأمر مزاياه وتحدياته . إذا ما نظرنا حولنا نجد أن هناك مجموعة من القيم الدخيلة على شبابنا والعادات الجديدة والمفاهيم الخاطئة والتي تؤدي في النهاية لمجموعة من المشاكل والتحديات التي يواجهها وطننا في العصر الحديث، وتحتم علينا تحقيق التوعية التي تفضي لوجود شباب لديه إحساس بالمسؤولية المجتمعية ويطمح نحو المشاركة المجتمعية .
ويلفت إلى إن هناك بعض المشكلات التي تؤدي بالشباب للدخول في طريق يضللهم، منها عدم توافر المهارات الحياتية التي تمكنهم من المشاركة الفاعلة في مجتمعاتهم، ووجود فجوة كبيرة بين الطبقات قد تنعكس على طريقة تنشئة الشباب وعلاقاتهم ببعضهم البعض، والمشاكل الاجتماعية كالبحث عن وظيفة أو عدم القدرة على الزواج نتيجة الظروف الاقتصادية مثلا، والفراغ وغياب ثقافة التطوع والمشاركة المجتمعية . ويشير إلى أن هذه الأسباب وغيرها قد تؤدي إلى بعض المشاكل الكثيرة كالإدمان أو التطرف كوسيلتين للهروب وعدم الانتماء والولاء ومن ثم البحث عن هوية مختلفة .
د . خليل إبراهيم "محاضر في كلية الإمام مالك"يقول: من أهم أسباب خلق الانتماء لدى الشباب ربطهم بالدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أحب الناس لوطنه، ولم يرد الخروج من مكة حتى أخرجوه وجزء من المسؤولية يقع على عاتق أئمة المساجد وخطب الجمعة، ومن ثم دور المدارس والمناهج في تعزيز الانتماء لدى الشباب، وثقافة الوالدين لها دور كبير، فمؤسسة البيت تعزز انتماء الشاب لكل شيء يحيط به، والإعلام أيضا يقع عليه مسؤولية، وذلك من خلال الأناشيد الوطنية وإبراز رموز البلاد، وجهود مؤسسي الاتحاد .
ويضيف: عندما يريد الشاب بالاستفسار عن أمر ما، لا نستطيع أن نحجب عنه الجواب، فلابد من إعطائه المعلومة الصحيحة وبطريقة سوية، لان عدم الإجابة على استفساراته سيجعله يلجأ للتكنولجيا والفضائيات وبالتالي قد لا يتلقى الإجابة الصحيحة والشافية، فالفكر لا يجتث إلا بالفكر والتخطيط، وبالتالي لابد أن يكون هناك متخصصون تربويون مع الشباب لتوعيتهم وتربية النشء في المحاضن الاجتماعية والوطنية . ويؤكد أن النوادي اقتصر دورها على لعب الكرة، في حين دورها الأساسي ثقافة ورياضة، فالوطنية جزء من ثقافة الشخص .
ويوضح أن حماية الشباب في الوقت الحالي أصعب كوننا في عالم منفتح على التكنولوجيا والإعلام، وأن التحصين لابد أن يكون ذاتيا، لأن إغلاق المنافذ صعب، لأنها منافذ عديدة سواء المدرسة أو التكنولوجيا أو الإعلام .
د . خلود المنصوري "مستشارة تربوية"تقول: خلق جيل من الشباب لديه انتماء لثقافته ووطنه هدف كل مجتمع يسعى أن يبني وطنا متقدما يحمل بصمته ويحافظ على منجزاته ويطورها، ونحن المثقفين ووسائل الإعلام علينا دور كبير ومسؤولية لخلق هذا الانتماء لدى الشباب في زمن التحديات والانفتاح والعولمة . وعن كيفية خلق الانتماء لدى الشباب، تقول: الانتماء أساساً احتياج إنساني، وهو مكسب بحد ذاته للشاب، وجزء من الطبيعة الإنسانية، والفرد يحتاج الانتماء النفسي فبدونه لا تستقيم النفس، ولا يسعد الإنسان . وكما يحتاج الإنسان نفسياً إلى الأمن، والحب، والتقدير، والنجاح، والتفرد، والمرجعية، يحتاج إلى الانتماء . ولتعزيز تلك الأمور يجب أن نكثر الندوات والمحاضرات ونركز في مناهجنا الدراسية على أهمية الانتماء وتوضيح فوائده ومرتكزاته، ويجب أن نشرك الشاب في بناء الوطن والحفاظ على منجزاته، وإعطائه دورا ومكافأته على مساهماته، إضافة إلى أن برامج الكشافة والمرشدات يجب أن توجه الشباب نحو بناء الشخصية المسؤولة المعطاء المستعدة ولديها المهارات لخدمة الوطن في شتى المجالات .
وتضيف: الشباب يجب أن يعي أن الانتماء يسير في دوائر تبدأ بانتمائه لأسرته ومن ثم تتسع إلى مجتمعه ومن ثم وطنه وأخيرا إلى البشرية جمعاء . وأركز على الانتماء للوطن فمن منا لا يفخر بانتمائه لدولة الإمارات؟! إن قلوبنا تهتز فرحاً حينما نسمع النشيد الوطني، أو حينما نسمع ونقرأ عن المنجزات والتطور الذي نراه في وطننا الحبيب في كل المجالات وكم نتمنى أن نكون ساهمنا فيه، ونتمنى من الكل المشاركة في واجبه الوطني بالعمل الجاد، والأمانة والمواطنة الصالحة، إذ يستحيل أن تبنى على أسس راسخة بغير انتماء، فالانتماء للوطن يعطي إحساس الحب له، ولكل مؤسساته، ورجالاته، وطموحاته، ويشعرنا بمسؤوليتنا نحو همومه وآلامه، ويفتح قلبنا على كل الأخوة في الوطن، فالوحدة الوطنية وقوة الوطن تكتملان بالانتماء إليه .
وتشير إلى أنه لا توجد مؤثرات مضللة بل هناك عجز في تسلح الشباب بالمهارات والقدرات التي تعينهم على فهم الحياة والتغلب على التحديات .
وتؤكد أن العالم المنفتح شيء ايجابي لأنه يوضح أهمية الانتماء لوطن ومقارنة الدول ومنجزاتها وتبادل الأفكار، لافتة إلى أنه كل ما نحتاجه هو تسلح الشباب بمهارات التعامل مع التقنية والاستفادة منها وشغل الوقت بما يفيد .
وتضيف: قلة الخبرات ونقص التوعية والتربية المنقوصة الاتكالية التي يجب أن يتخلص منها الشباب، عوامل تجعل الشباب يدخلون في طريق يضللهم، فعلينا تبديل عقلية "أريد من يخدمني«، ونتبنى فكرا يقول "أنا من اخدم نفسي ووطني"وأستطيع لأنني مؤهل واحمل حبا كبيرا ولأنني سوي وأعيش على ارض الخير والعطاء والاستقرار، فشباب اليوم هم أروع جيل، كل ما نتمناه أن نحتضنه ونثق به ونحمله المسؤولية .
أحلام حمدان بن جرش "مساعد عميد شؤون الطلبة بجامعة الشارقة"تقول: الانتماء هو الانتساب والاشتراك والاعتزاز، والولاء طبيعة في نفس الإنسان، فقد ينتمي لعائلته وأصدقائه أو لمدرسته وجامعته أو عمله أو أي مجموعات تقوم بأنشطة هادفة تخدم البيئة والمجتمع . والشباب يشكلون اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وتطوره ومصيره، فمتى ما ارتقى الشباب وتفكيرهم ورؤيتهم، كلما ازداد ولاؤهم وانتماؤهم لوطنهم ومجتمعهم . لذلك كان لابد من الاهتمام بهذه الفئة والعمل على إعدادها فكريا وتربويا لتحقيق الأهداف المرجوة .
ولتحقيق الانتماء لدى الشباب، تقول: علينا أن نكون نحن القدوة في الانتماء والولاء، وعلينا أن نعلمهم ضرورة أن تكون لهم هوية ينتسبون لها، ونؤكد لهم وجود وطن أعطاهم الكثير من دون مقابل وقيادة رشيدة تتابع شؤون مواطنيها دون أن تبخل يوما عليهم، وعلينا أن نزرع في نفوسهم القيم والأخلاق وكيف نقابل الإحسان بمثله، وعلينا أن نعلمهم منذ طفولتهم معنى حب الوطن والبيئة والمجتمع، فلا يوجد ولاء وانتماء دون الإحساس بوجود رابط قوي بين الشباب ومحيطهم، وهنا يقع حمل كبير على عاتق الأسرة والمربين في توجيه الأبناء منذ نعومة أظفارهم على الولاء والانتماء والإخلاص . وعلى الشباب أن يعلموا أن الانتماء يحتاج إلى عمل مستمر مخلص وجهد لا يتوقف .
وتحدد مجموعة من المؤثرات التي تؤثر على عقول الشباب، وتقف عائقا أمام إحساسه بالانتماء، وهو ما يسمى بأزمة الانتماء، ومنها عدم وجود قيم وأخلاق مغروسة في نفوسهم منذ طفولتهم، وفشل الأسرة والمدرسة في غرس روح الانتماء والهوية، والانفتاح على العالم الخارجي حيث الاحتكاك بالثقافات والجنسيات المتعددة، مما جرف الشباب في السعي وراء الأمور التافهة . بالإضافة إلى عدم استغلال الوقت بالطريقة التي تعود بالنفع على الشخص ذاته ووطنه وبيئته المحيطة .
* * *
المناهج الدراسية فكر وفنون ومهارات وقيم
تبنى المناهج الدراسية وفق معايير عديدة ومرتكزات كثيرة، وفي مقدمة ذلك الاهتمام بفكر الطالب وبناء الشخصية الإنسانية المتكاملة عقيدة وفكرا ومهارة وسلوكا، فالمنهج ليس مجرد معلومات تحشى في أذهان الطلاب لتفرغ في الورقة الامتحانية، بل ممارسات يومية وسلوكيات وأفكار تخلق جيلاً قادراً على مواجهة المؤثرات التي قد يتعرض لها من المصادر الأخرى، وتصحح المفاهيم الخاطئة التي يتلقاها من خلال الإعلام والتكنولوجيا والأصدقاء .
قدمت الشيخة خلود القاسمي مدير إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، خلال المؤتمر ورقة عمل بعنوان "المناهج وأثرها في تشكيل فكر الطالب«، وعن مضمونها تقول: المناهج الدراسية تشكل جزءا كبيرا من تفكير الطالب، فالمناهج هي جميع الخبرات التربوية المخططة التي تقدمها المدرسة إلى الطلبة داخل الفصل أو خارجه وفق أهداف محددة وتحت قيادة سليمة، ولها عناصر كثيرة، منها الكتب الدراسية، والمكتبة، والمعلم، والأنشطة اللاصفية، والمختبرات، والرياضة، والبحوث العلمية، وووسائل التعلم الذكي . وتتمثل مكونات المنهج بخطط بعيدة المدى، وتصورات للأهداف التعليمية والتربوية، وخرائط للمحتوى العلمي موزعا على المراحل والصفوف مع مراعاة الخصائص العقلية والعمرية للمتعلمين، وأهداف التعليم في الدولة وحاجات المجتمع وتطلعاته، أما مرتكزاته، فهي دستور الإمارات، والسياسة التعليمية للدولة، والاستراتيجية الاتحادية، ورؤية الدولة ،2021 والخطط الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم، ووثائق المناهج في المراكز والمؤسسات التربوية المناظرة، وخلاصات البحوث والدراسات الاستشراقية في مجال تطوير المناهج .
وتشير إلى أن المناهج تبنى وفق أسس متنوعة، منها الأساس النفسي ويراعي خصائص المتعلمين في المراحل الدراسية قياسا إلى أعمارهم الزمنية والعقلية، والأسس الاجتماعية وتعنى بمراعاة خصائص المجتمع وعاداته وتقاليده وارتباط المادة بالمجتمع وانطلاق الأمثلة والتطبيقات منه، والأسس الفلسفية وتعنى بالنظريات التربوية التي بنى عليها المنهج، والأسس التربوية تتصل بالمواصفات التربوية التي يتسم بها المجتمع .
وتقول: تبنى المناهج الدراسية على قدر معرفي يتصل بالعلم، وقدر مهاري يتصل بالتطبيق والممارسة، وقدر قيمي يتصل بالوجدان والمبدأ والسلوك، ونحرص خلال إعداد المناهج على الاهتمام بفكر الطالب، وذلك من خلال التركيز على الدين والآداب والفنون والعلوم الاجتماعية لتربية القيم والسلوكيات إلى جانب المهارات التابعة لكل علم وفن، والتركيز على العلوم الطبيعية والرياضيات لتنمية مهارات عمليات العلم . وكل ذلك يرمي في المحصلة إلى بناء الشخصية الإنسانية المتكاملة عقيدة وفكرا ومهارة وسلوكا، إضافة إلى ربط جميع مكونات المنهج بمنظومة القيم والأخلاق وجعلها غاية وهدفا وسلوكا، وتأكيد الدور النشط للمتعلم من خلال تبني استراتيجيات تفاعلية في تصميم المنهج . إضافة إلى ذلك العناية بمهارات التفكير خلال الأنشطة المختلفة التي تعطي الأولوية لرأي المتعلم واقتراحاته وإبداعاته .
وتشير الشيخة خلود القاسمي إلى أن أدوات التعلم النشط لها دور كبير في التأثير على فكر الطالب، وذلك من خلال المحاضرات التي يتواصل فيه المعلم مباشرة مع طلابه، أو أسلوب المحاضرة المعدلة التي يستخدم فيها المعلم التقنيات بما يضمن نشاط المتعلم وتفاعله وتحقيق دوره في العملية التعليمية .
د . نجيب محفوظ "أستاذ مشارك في كلية التربية قسم المناهج في جامعة الإمارات"يقول: الطلاب يقضون أكثر من ثلث اليوم في المدرسة، ويتلقون خلال هذه الفترة الزمنية مهارات ومفاهيم وقيماً وكلها مرتبطة بالمناهج، وتوضع على أساس تعكس فيه تطلعات المجتمع في الجانب المعرفي والقيمي، وأهمها إعداد مواطنين صالحين، وهذا هو الدور المناط بالمناهج التعليمية، بحيث تقوم على عملية البناء الفكري، وتصحح المفاهيم الخاطئة التي يتلقاها من خلال الإعلام والتكنولوجيا والأصدقاء .
ويشير إلى أن مهمة الأصل أن توضع المناهج بشكل مدروس، واختيار أساليب تدريس المناهج بعناية، واختيار المعلمين الأكفاء الذين سينقلون تلك المعارف والقيم والأهداف إلى الطلبة .
ويضيف: الطالب بالإضافة إلى تعلمه من خلال المناهج المكتوبة، يتعلم الكثير من المنهج الخفي وغير المكتوب، والذي يقوم بتنفيذه المعلم وإدارات المدارس من خلال سلوكياتهم وتوجهاتهم وأمثلتهم، وهذا المنهج يضيف الكثير للمنهج المكتوب من حيث القيم والأخلاق والمعرفة، ويساعد الطلبة على التعايش مع المجتمع المليء بالتحديات . ويؤكد أن الأصل في المناهج أن تواكب الجديد، فالمناهج في أغلب دول العالم تكون متأخرة عن تقدم المجتمع المعرفي والتكنولوجي، وعلى القائمين على المناهج أن ينظروا إلى المستقبل أكثر من الحاضر، من خلال الرؤية الاستراتيجية التي تقلص الفارق بين تطورات المجتمع والمناهج التي تدرس .
وتشير إلى أن مهمة المناهج أن تربط الطلبة بقيم وعادات المجتمع، وكذلك تعاليم الدين الإسلامي، بحيث لا تترك للطالب فرصة أن يكون ضحية لأفكار هدامة، فالنقص الموجودة في المناهج الدراسية لتساؤلات تطرح في ذهن الطالب عن الأحداث اليومية على مستوى العالم يجعله يبحث عن الإجابة في أماكن أخرى سواء في المواقع الالكترونية أو الكتب وقد تكون الإجابة مضللة وتخترق العقل والروح التي تكون متعطشة للإجابة بشكل كبير .
أحمد المنصوري "مدير منطقة دبي التعليمية"يقول: المناهج لها دور فاعل في تشكيل فكر الطالب، فكل منهج له دور في غرس قيم وأفكار ومعلومات في أذهان الطلبة، وهذه الأهداف تكون واضحة في أذهان المعلمين والقائمين على المناهج، وفي نهاية كل درس يتحقق المعلم من مدى تحقيق تلك الأهداف .
ويشير إلى أن التأثير على فكر الشباب أصبح أكثر صعوبة، ويجب على أولياء الأمور والمعلمين التعاطي مع فكر الشاب بحذر وبإقناع، معتمدين على أسلوب التوجيه السليم، وعدم إبعادهم عن العالم الخارجي، بل غرس حصانة ذاتية في نفسه ليستخدم ويتعاطى مع كل مؤثر بطريقة ايجابية تعزز انتماءه لمدرسته ومجتمعه وأسرته ووطنه . ويلفت إلى أن المناهج المدرسية تركز على مسألة الانتماء، وإلى جانب ذلك، فإن المشاركات الخارجية والأنشطة اللاصفية تعزز قيم الولاء والانتماء لدى الطالب في مختلف الجوانب الحياتية .
منى شهيل "نائب مدير منطقة الشارقة التعليمية"تقول: انطلاقًا من حرص قيادتنا الرشيدة على تربية جيلٍ واعٍ مستنير تربية سوية، سعت وزارة التربية والتعليم بخطى حثيثة، لبناء مناهج تعليمية حديثة، عززت مفهوم الهوية الوطنية في نفوس المتعلمين، وغرست لديهم قيم الحب والولاء والانتماء للدين والوطن، إضافة إلى تعريفهم أبرز التحديات التي تواجههم، وتدريبهم على أساليب التعامل معها والتغلب عليها .
وتضيف: وفق الرؤية (2020) التي تتبناها الوزارة فإن مناهجنا تتضمن عدداً كبيرًا من التطبيقات التربوية، والممارسات السلوكية الإيجابية التي تحصن طلابنا من التأثير المضلل على عقولهم، وتكسبهم قدرة على حماية أنفسهم من العنف الاجتماعي والإيذاء المدرسي؛ ونصت سياسة التعليم في المناهج على ضرورة تربية الناشئ على كيفية احترام الحقوق العامة التي كفلها الإسلام، وشرع حمايتها حفاظاً على الأمن، وتحقيقاً لاستقرار المجتمع، وعلى تربيته أيضا ليكون لبنة صالحة في بناء أمته، وليشعر بمسؤوليته كذلك في خدمة بلاده والدفاع عنها، وعلى تنمية إحساسه بمشكلات المجتمع، وإعداده للإسهام في حلها، وتحذيره من الأفكار المنحرفة وتحصينه ضدها، بتعريفه بهذه الأفكار ومدى خطورتها قبل أن تصله منمقة مزخرفة فيتأثر بها، وينساق وراءها .
وتشير إلى أن المدرسة تقوم بدور توعوي مهم يتمثل في محاورة المتعلمين ومناصحتهم ومناقشتهم في الجزئيات والتفاصيل، وتوعيتهم بأخطار لم يكونوا منتبهين إليها، وتصحيح مفاهيم خاطئة لديهم، فالحوار وسيلة مهمة في بناء شخصية الأبناء .
وتضيف: قد تطلب تحقيق أهداف المناهج وتنفيذ برامجها صياغة المفاهيم والأفكار بما يصب في صالح المجتمع، وذلك بتحصين المواطن أمنياً، من خلال تفعيل رقابته الذاتية، وتقويم قناعاته الشخصية، ولهذا فإن مناهجنا سوف تتمكن من إحباط المخططات التي تستهدف تدمير أفراد المجتمع، وزعزعة أمنه .
على صعيد الطلاب، أكدت نورة علي "الصف الحادي عشر"أن المناهج لها دور كبير في تشكيل فكرها وثقافتها . وتقول: المناهج لا يقتصر دورها على إعطائنا المعرفة فهي تزودنا بالقيم والمبادئ والسلوكيات الصحيحة .
وتؤيدها الرأي فاطمة الزعابي "الصف الثاني عشر«، وتقول: تعلمت الكثير من القيم والمبادىء والسلوكيات من خلال المناهج، وذلك من خلال الكتب المدرسية، والأسلوب الذي يستخدمه المعلم في نقل المعلومة، إضافة إلى حصص المناشط والتي تشكل شخصيتنا بشكل كبير .
ويقول سالم المهيري "الصف الثاني عشر«: هناك أهداف واضحة ومباشرة تصلنا بعد نهاية كل درس، وهناك قيم تصلنا بطريقة غير مباشرة ولكن تؤثر في تشكيل فكرنا، ونجد أن جميع الطلبة يستقون قيمهم ومبادئهم الأساسية من المنزل وثم من المدرسة، فهي المحضن الثاني للطالب وتمنحه جميع الوسائل والطرق للتغلب على التحديات التي ستواجهه في مستقبله .
ويرى أحمد الملا "جامعة الغرير"أن المناهج سابقا لم يكن لها دور كبير في التأثير على الطالب، لأن الأساليب التي كانت متبعة تقليدية وتعتمد على التلقين والحشو . ويقول: الوزارة وضعت أهدافاً وقيماً ومبادئ لغرسها في نفوس وعقول الطلبة من خلال المناهج، وذلك لم يكن يصل للطالب بطريقة واضحة، وما شهدته في آخر سنة دراسية لي في المدرسة، أن الوضع اختلف، وبالفعل كنا نشهد التأثير سواء المعرفي أو المهاري أو القيمي أو السلوكي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.