يعتبر الانتماء للوطن الجسر الذي يجب أن يعبر عليه الطفل، لترسيخ الهوية الوطنية، وهو قيمة أعمق بكثير من لحظات الفرح فقط، بل يجب أن تظهر تجلياته في خدمة الوطن والدفاع عنه والاستماتة في ذلك، ويبدأ تعزيز هذا المفهوم من خلال المدرسة والأسرة. ويعتبر الانتماء إلى الوطن الحصن المنيع الذي تبنيه الأسرة الذكية، التي يجب أن توظّف المناسبات القومية والوطنية لإكساب الأبناء العادات والتقاليد الإيجابية، وترسخ لديهم الهوية الوطنية، وتنمي في قلوبهم حب الوطن. وهي مهمة تستكملها وتوطدها المدرسة. الانتماء للوطن من أهم القِيَم التي يجب على المؤسسات التربوية أن تحرص على تنميتها لدى النشء، لما يترتب عليها من سلوكات إيجابية، ينبغي غرسها في نفوس الناشئة، كما أن الأسرة عامل من أهم العوامل في تعزيز هذه القيمة، بحكم أن كل فرد يولد ويعيش ويتربى داخل أسرته، التي تمده بهذه القيم وتدعمها، بل ويتعلم ويتشرب كثيراً من القيم والعادات والسلوكات من داخل الأسرة التي يجب تدعيم دورها، إذ إن تطور التكنولوجيا بإفرازاته المختلفة والهائلة كالأقمار الصناعية والشبكات العنكبوتية، والحاسبات الآلية، ووسائل الاتصال المختلفة أسهم في تضاؤل دور الأُسر، بعد الغزو الفضائي والتكنولوجي المنافس للدور الرئيس لها، فدخلت معها عوامل مؤثرة أخرى ومهمة في عملية التنشئة الاجتماعية، وتعزيز المواطنة والانتماء. حب الوطن والانتماء إليه من أسس الدين، وكمال العقيدة، ولوازم الشريعة، ولا يبتعد ذلك عن تعاليم الإسلام، فلا بد أن يتحول هذا الحب والانتماء والوعي بالمواطنة إلى انفعالٍ، وإلى عاطفة، ويصبح قيمة وطنية تتمثَّل في السلوك السليم، وليكن الانتماء من دوافع الإنتاج والتقدم والابتكار والإبداع، فقد بدأت الاختراعات والإبداعات في العصر الحديث عندما وجد الانتماء للوطن، وفق مختصين. في هذا الإطار، تقول إيمان صديق، استشارية تربوية، إن المناسبات الوطنية ليست عطلة للراحة، ولكنها فرصة سانحة لتوطيد انتماء الأبناء للأسرة ثم للقبيلة أو العائلة ثم المجتمع ثم الوطن، والإعداد الجيد للاحتفال بالمناسبات القومية والوطنية واجب على الأسرة والمدرسة لتحقيق مفهوم الهوية الوطنية وتعزيزها، مشيرة إلى أن الانتماء للوطن مؤشر على قوة الشعوب وتماسكها، والقاعدة التي يرتكز عليها بناء وتنمية المجتمعات، وهناك عدة عوامل تؤثر أو تتأثر بالانتماء للوطن. وتوضح «من أهم عوامل تعزيز الانتماء التربية بمفهومها الواسع، فهي مصدر أساسي في النمو الفكري والشخصي، والاجتماعي والسياسي، والروحي والبدني، لافتة إلى أن المدرسة هي الممثل الرئيس للقيام بمثل هذه المهمة من خلال المعلم والمنهج المدرسي، وبيئة المدرسة والنشاطات الصفية التي تقوم بأدوار مهمة جدا في تعزيز الولاء والمواطنة الحقة، والتي تشرك من خلالها الطلبة في النشاطات والأعمال المختلفة. وتربية الأبناء على حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون. إلى ذلك، تقول صديق «حب الوطن يولّد عند الأبناء الولاء والانتماء والعمل المتواصل لنهضة ورفعة وطنهم، ويعلمهم أن هناك هدفاً أكبر يعيشون من أجله يتعدى المصلحة الشخصية». ... المزيد