يصل اليوم قطار الاختبارات إلى محطته الأخيرة ومعه تنتهي أسابيع من التوتر والخوف والمعاناة لدى أبنائنا وبناتنا لتبدأ مرحلة جديدة من القلق والخوف والترقب لمعرفة نتيجة هذه المعاناة وذلك الجهد الذي بذل خلال عام دراسي كامل، وخلالها تأخذ الشائعات مداها حول التصحيح وطرق التصحيح إلى آخره من معزوفة الشائعات. قبل الاختبارات كان سقف الأمل قد ارتفع في اختبارات متميزة عن سابقاتها مع التفاعل الذي أبدته السلطات المحلية في معظم المحافظات وإعلان الوزارة عبر أكثر من مصدر أن الاستعدادات والترتيبات التي وضعتها وزارة التربية للاختبارات نموذجية وغير مسبوقة وأنها قد راعت كل الصعوبات والمشاكل التي واجهت العملية التعليمية منذ بداية العام الدراسي وأن وضع الأسئلة قد تم بدقة متناهية ولن تخرج عن المقرر الدراسي،كل هذا التفاؤل تبخر مع بدء عملية توزيع رؤساء اللجان الاختبارية والتي تمت بطريقة تفتقر لأبسط المعايير التربوية وزاد من أوجاع العملية استمرار ظاهرة الغش بنفس الطريقة السابقة بل إن تقنيات حديثة دخلت على خط الغش وتسربت اختبارات المرحلة الأساسية وهو مادفع إلى إعادة اختبار مادة الاجتماعيات. بحكم معرفتي بالقطاع التربوي والتعليمي وأعرف تماماً الصعوبات التي تواجه العملية التربوية والتعليمية إلا أن طريقة وضع أسئلة الاختبارات تخلق علامات استفهام كبيرة حول آلية وضعها، فعند تحليل أسئلة اختبار مادة الفيزياء لأحد النماذج الذي وقع بين أيدينا ووفق رأي الكثير من المدرسين والمتخصصين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة فإن الاختبار افتقر لأية معايير علمية أو تربوية فالسؤال الأول الفقرة «ح»المعطيات في المسألة غير مكتملة وبالتالي يستحيل على الطالب أن يصل إلى الاجابة الصحيحة وحسب المدرسين فإن واضع الأسئلة قد يكون توصل إلى حلول لم يألفوها في دراساتهم أو تدريسهم!! السؤال الثاني الفقرة «ب» الفرع «2»،حيث يقول السؤال: اذكر الشروط التي يجب اتباعها عند صناعة الديود الثنائي.. هذه الفقرة حذفت من المناهج الدراسية في عام 2006م وهو مايعني أن واضع الأسئلة بعيد عن المنهج وعن التدريس أو الاشراف على تدريس المنهج. السؤال الخامس الفقرة «ب» السؤال غير صحيح ولايمكن أن تتحقق الاجابة حيث يقول السؤال: اثبت أن الكميتين «2 دنق» ، «ك نق ع» لهما وحدة القياس نفسها وحسب المتخصصين أن الاثبات لايمكن أن يتحقق. أيضاً في نفس المادة كان توزيع أسئلة الاختبار على المنهج الدراسي يفتقر للموضوعية فالفقرات الخاصة بالوحدة السابعة وصلت إلى سبع فقرات بينما عدد صفحات الوحدة لايتجاوز «8» صفحات فيما الوحدات ذات الحجم الكبير والتي دائماً ما تأخذ جهداً ووقتاً أكبر ويركز عليها المدرس والطالب والموجه لايتجاوز 4 فقرات،بالإضافة إلى الاستخدام غير المنطقي لمصطلحات وأرقام ليس لها أي معنى بالقياس والتقويم والتقييم التربوي، والخوض في تفاصيل هذا الموضوع أكبر من المتسع لهذا المقال وهذا ماهو إلا غيض من فيض. كيف يمكن لطالب مجتهد مثابر قضى عاماً دراسياً كاملاً في الدراسة والاجتهاد ويأمل بتحقيق نتيجة مشرفة أن يتعامل مع هكذا اختبار؟ هل يمكن إدراك الوضع النفسي لهذا الطالب وهو في قاعة الاختبار عندما يجد أن الأسئلة التي يحاول الاجابة عنها لاتتحقق ويجد نفسه يخسر درجات الاجابة تباعاً مما يفقده التركيز وبالتالي يمكن أن يضيع عليه جهد عام دراسي كامل ويبقى لأجل هذه المادة.. ماذا نريد أن نقيس في تحصيل الطالب؟ ما الهدف من الاختبارات والتقويم؟ هل أصبحت الاختبارات استعراض عضلات على الطلاب من قبل واضعي الأسئلة؟ أين دور التوجيه والاشراف التربوي؟ ما الحلول والمعالجات الآنية التي ستتخذها الجهات المختصة في الوزارة لمعالجة هذا الوضع؟ وما المعالجات المستقبلية التي تمنع تكرار مثل هذه الأخطاء بعيداً عن المكابرة والغرور ونفي وقوعها،لأن الإقرار بالخطأ هو المقدمة الحقيقية لمعالجته وعدم تكراره مستقبلاً.