إهداء: إلى المرأة اليمنية، التي تصبر وتضحي بصمت المرأة نصف المجتمع، هكذا يقال في كل الدول العربية والصحف والمجلات والمنظمات وووو.. لكن المرأة في اليمن كل المجتمع، أي النصفين مجتمعين، ومثله ألف مرة، وليس تحيزاً لأني منهن، بل لأن الواقع بكل مافيه يقول هذا، ويثبته واقعياً، أما كيف ولماذا وأين..؟! فكل شيء من حولي يرد على كل هذه التساؤلات..؟! فمن من نساء الخارج كان يمكن أن تحتمل هذه الأزمة، وما بعدها إلى الآن، وبعد أن حرمت من الغاز والماء والكهرباء، لم تقف مكتوفة الأيدي، بل خرجت للوديان، وجمعت الحطب وأشعلت منه نيراناً، عليها طهت الطعام ونضجت الخبز الذي تقاسمته مع جارتها، ووقفن مع أزواجهن في عسرتهم، وبعن ذهبهن ومايملكن، ليساعدنهم في البحث عن أسباب رزق أخرى، بعد أن أوقفت الحرب مصادر رزقهم. ومَنْ من نساء العالم العربي والأوروبي، تنجب كل سنة طفلاً، وتربيهم وتطبخ وتدرسهم وتعلمهم وتسهر وتعمل ليأكلوا ويعيشوا، وتقف مع زوجها يداً بيد، والأمية كذلك، بل تفوق المتعلمة أحياناً بهذا، في حين تصاب المرأة الأوروبية باكتئاب عند حملها بطفلها الأول الذي قد لايكون له أب معين، وما تلبث أن تلقيه في أقرب ملجأ، ومن تنجب أربعة أو أكثر تتحول لمأساة تعرض في التلفزيون، وتساعدها الشركات والصيدليات.. ومَنْ من نساء العالم تتزوج في ال14 وال 15 عاماً وأقل، وتحرم من التعليم، وتصبح أماً ل4 أبناء وهي في العشرين، وقد تطلق أو يموت زوجها، وتصبح أرملة وهي في ال18، في وقت مازالت تعد فيه طفلة صغيرة في كل أنحاء العالم، وتعامل كما لو كانت في الصفوف الابتدائية. وفي اليمن تدفن، وهي لاتعرف معنى الحياة بعد، وتتحول إلى أم كبيرة، حياتها مليئة بالقهر والتعب والألم والمسئولية، هذا إن وفقت بزوج طيب، وإن لم توفق فيجب أن تصبر وتتحمل، وأن لاتجلب لأهلها العار، لمجرد طلبها الطلاق، ويجب أن تنجب وتنجب وتستمر وتستمر وتتحمل حتى تصاب بأزمة قلبية أو جلطة، ووجهها يتحول إلى مجرد خارطة للتجاعيد، كما تحملت أمها قبلها، فهكذا عاشت أمها، وتحملت والدها وإخوتها، وهي لابد أن تواصل مسيرتها، وتختم قصتها بنفس خاتمة قصة أمها. وبعد هذا كله وبعد حرمانها من كل ماتعيشه مثيلاتها في كل العالم، لا تنال من الإجلال والعرفان والتكريم شيئاً، حتى الإنصاف بكلمة حق، أبعد كل هذا لاتستحق حتى الاعتراف بها وبإنصافها.