أن يترشح الدكتور محمد مرسي لمنصب الرئيس ويفوز برئاسة مصر حدث ما كان ليحدث، بل كان مستحيلاً ويصعب تحقيقه قبل ثورة 25يناير المصرية، ولكنه اليوم أصبح حدثاً واقعاً وحقيقة على أرض الكنانة”مصر”. أن يفوز الدكتور مرسي برئاسة مصر حدث لم يكن يتوقعه حتى الإخوان أنفسهم أن يصلوا إلى سدة الرئاسة، لولا ثورة 25 يناير التي أنهت حكم العسكر وقضت على نظام مبارك.. إذ قبل هذا التاريخ واليوم المجيد في تاريخ مصر 25يناير، لم يكن الإخوان المسلمون سوى مجرد جماعة محظورة سياسياً وفكرياً..وأغلب قياداتها ومفكريها وكوادرها مرميون في الزنازن والسجون بتهم كيدية سياسية، ومُورس بحقهم أشد أنواع التعذيب والإرهاب النفسي، وجرت لهم محاكمات عسكرية وقضى بعضهم نحبه في غياهب السجون طوال فترة حكم العسكر..إلى أن جاءت لحظة استجاب فيها القدر لدعوات المصريين للتخلص من الظلم والاستبداد ونظام مبارك، فبدأ بركان الغضب يثور من ميدان التحرير يوم 25يناير ضد نظام مبارك واستمر في ثورته وهيجانه 18يوماً حتى تمكن في 11فبراير من قذف مبارك ونظامه خارج أسوار التاريخ، وداخل زنازن “سجن طرة” هذا السجن الذي لطالما سُجن وعذّب فيه الإخوان، واليوم يدخله مبارك ، وخرجت منه قيادات الإخوان شم الأنوف، مرفوعة الرأس، كما تخرج الأسد من غاباتها..حسب قول أبي الأحرار الزبيري. فوز الدكتور مرسي حدث لم يكن يتوقعه ويريده المجلس العسكري الذي أدار البلاد بعد تخلي مبارك عن السلطة لمدة عام ونصف، بطريقة حولها الكثير من علامات الشك والاستفهام،وإعادة إنتاج نفس النظام، ولكن رغم كل هذا جرت أمور كثيرة أهمها الانتخابات البرلمانية،والتي حققت فيها القوى الإسلامية الأغلبية، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية، وأسفرت الجولة الأولى عن مرشحين اثنين هما: محمد مرسي، مرشحاً لحزب الحرية والعدالة وأحمد شفيق، «مستقل»، ولكنه يحسب أنه من النظام السابق، وكان من الأصل عدم دخوله سباق الرئاسة لأنه في نظر شباب الثورة من أركان نظام مبارك وآخر رئيس وزراء في عهده، كما أن حوله الكثير من الأسئلة حول مسئوليته عن «موقعة الجمل». ودخل مرسي وشفيق جولة الإعادة..وهنا بدأت الحرب الإعلامية تدور رحاها في القنوات الفضائية والصحف ضد المرشح مرسي، وأن الإخوان سيقيمون دولة دينية، وأطلقت حرب الإشاعات وحملات التشويه للنيل من الدكتور مرسي، إلا أن الناخب المصري أعطى ثقته وصوته لمن يستحقه. واليوم وبعد أن أخرجت الصناديق أصواتها، وقالت كلمتها، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بأن الدكتور محمد مرسي..هو الفائز بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية..سيسجل التاريخ هذا الحدث بأحرف من نور لمصر حين أُعلن عن انتخاب أول رئيس مدني لمصر بإرادة شعبية وانتخابات نزيهة وديمقراطية. كم أحسد المصريين الآن وهم يتباهون برئيسهم ويقولون إنه لأول مرة في تاريخ مصر يفوز رئيس مدني منتخب انتخاباً مباشراً من خارج دائرة العسكر. فلتفرحي يا مصر وتفرحي كل قلوب العرب ولكن هذه الفرحة منقوصة، وما ينغصها هو ذلك الإعلان الدستوري “المكبل” وليس المكمل والذي وصفه فقهاء القانون وخبراء السياسة بأنه إعلان غير دستوري بل، وحقل ألغام زرعت في طريق الرئيس الجديد..فهل كان المجلس العسكري يعلم أن مرسي سيكون هو الرئيس، فاستبق الأمر واحتفظ لنفسه بصلاحيات خاصة..ويا ترى ماذا إذا كان الفائز شفيق..هل كنا سنسمع عن ذلك الإعلان الدستوري؟ بالتأكيد..لانه مفصل على مقاس الاخوان ليحد من صلاحيات الرئيس «مرسي». لكني أثق في قدرة الإخوان وبقية القوى السياسية الوطنية من التعامل مع كل هذه الألغام بحكمة وتكاتف وتعاون وشراكة حتى تجتاز مصر هذه المرحلة الحرجة وهذا ما أكده الدكتور مرسي أول رئيس لمصر مدني منتخب، في أول خطاب له بعد فوزه بمنصب الرئيس من أنه سيمد يده لكل المصريين والقوى السياسية الوطنية والثورية، متعهداً بتحقيق أهداف الثورة.. والشراكة الوطنية والمصالحة الوطنية.. هنيئاً لك يا مصر الثورة والديمقراطية.. وهنيئاً لك يا مصر فوز الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية.