متابعات : قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر امس بحل مجلس الشعب بسبب بطلان مواد في القانون الانتخابي، كما قضت بأحقية احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، بخوض انتخابات الرئاسة في تطور يعيد ترتيب الخارطة السياسية في مصر بعد عام ونصف العام من «ثورة 25 يناير». وقضت المحكمة ب «عدم دستورية انتخابات مجلس الشعب الاخيرة»، واعتبرت في حيثيات حكمها ان المجلس الحالي يعد بالتالي «غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه، دون الحاجة الى اتخاذ أي إجراء آخر». مرشح الإخوان لرئاسة مصر: ثورة عارمة إذا حدث تزوير قال مرشح جماعة الإخوان المسلمين لرئاسة مصر محمد مرسي يوم الخميس إن ثورة عارمة ستندلع في البلاد إذا حدث تزوير في جولة الإعادة التي سيخوضها أمام أحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وقال في مؤتمر صحفي عقد في مقر حملته الانتخابية بالقاهرة إنها ستكون "ثورة عارمة على المجرمين.. ثورة عارمة على من يحمي الإجرام." وأضاف محفزا أنصاره "نضع أيدينا على أي محاولة تزوير... نراقب الصناديق (في لجان الانتخاب) ونبيت عندها (لحراستها من التبديل بصناديق مزورة). نراقب الفرز." وستجرى جولة الإعادة يومي السبت والأحد القادمين. وجاءت تصريحات مرسي بعد ساعات من صدور حكمين من المحكمة الدستورية العليا أبطل أحدهما مجلس الشعب الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمون وإسلاميون آخرون وسمح الآخر لشفيق بالبقاء في سباق الرئاسة من خلال الحكم بعدم دستورية تعديل قانوني وافق عليه المجلس في ابريل نيسان حرم شفيق وآخرين عملوا مع مبارك من حقوقهم السياسية. وقال مرسي "قرار وزير العدل أمس (الأربعاء) بإعطاء حق الضبطية القضائية وما حدث اليوم.. كل ذلك إنما يؤشر ويدل على أن هناك من يحاول.. على أن هناك من يسعى.. من يفكر ويدبر سوءا لهذا الشعب." المجلس باطل وقالت وكالة انباء الشرق الأوسط المصرية ان المحكمة الدستورية أكدت في حيثيات حكمها ان «تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه، وأن المجلس بالتالي غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر». وقالت مصادر عسكرية ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى السلطة في مصر منذ اسقاط حسني مبارك في 11 فبراير 2011، «يعقد الآن جلسة طارئة لبحث تداعيات حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب». وأوضحت مصادر من داخل الاجتماع ان المجلس العسكري سيعلن «استعادته للسلطة التشريعية الى حين اجراء انتخابات تشريعية جديدة». وكان المجلس العسكري تولى السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد فور اسقاط مبارك، الا انه سلم السلطة التشريعية لمجلس الشعب بعد انتخابه مطلع العام الحالي. ويفترض ان يترتب على بطلان مجلس الشعب بطلان الجمعية التأسيسية التي شكلها الثلاثاء الماضي الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى. غير ان الاعلان الدستوري الذي اصدره المجلس العسكري في مارس 2011 لم يمنحه سلطة حل البرلمان وهو ما دعا المحكمة الدستورية الى تجنب هذه المشكلة والتأكيد على ان مجلس الشعب يعتبر منحلا «بقوة القانون». وقضت المحكمة بعدم دستورية عدد من مواد قانون الانتخابات التشريعية التي تعطي الاحزاب الحق في الترشح لثلث مقاعد مجلس الشعب المخصصة للمستقلين والتي تجرى الانتخابات عليها بالنظام الفردي. وجرت الانتخابات التشريعية المصرية نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي وفق نظام انتخابي معقد يخلط بين نظام القوائم النسبية التي خصص لها ثلثا مقاعد مجلس الشعب ونظام الدوائر الفردية الذي خصص له الثلث الباقي. وكان حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين يحظى بالاكثرية في مجلس الشعب (اكثر من 40%) ويليه حزب النور السلفي الذي يسيطر على قرابة 20% من مقاعد المجلس. قانون العزل السياسي من جهة اخرى، قضت المحكمة الدستورية ببطلان التعديلات التي ادخلت على قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يعرف بقانون العزل السياسي ما يعني استمرار احمد شفيق في سباق الرئاسة. وقضت المحكمة «بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بعدم دستورية التعديلات التي طرأت على قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف اعلاميا بقانون العزل السياسي». وكان قانون العزل السياسي الذي تبناه البرلمان ذو الغالبية الاسلامية في ابريل، قضى بعزل رموز النظام السابق. ويخوض شفيق الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية السبت والاحد المقبلين في مواجهة مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي. ونصت التعديلات على منع رموز نظام مبارك وقيادات الحزب الوطني الحاكم سابقا للسنوات العشر التي سبقت الاطاحة بمبارك في فبراير 2011 من الترشح للانتخابات لمدة عشر سنوات. لكن شفيق طعن في القانون امام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي قبلت الطعن واحالته الى المحكمة الدستورية العليا.واحيط مقر المحكمة الدستورية بالقاهرة امس باجراءات امنية مشددة منذ الصباح الباكر وانتشرت في محيطه قوات كبيرة من الامن لحمايته ومنع اقتراب عشرات المتظاهرين الذين تجمعوا قربه وهتفوا «الشعب يريد عزل الفلول» و«يا شعب قول، مش عايزين فلول». وبعد اعلان احكام المحكمة، صرخ عجوز كان يقف قرب مبنى المحكمة «الثورة انتهت». ويشهد الشارع المصري استقطابا هائلا مشوبا باحتقان بين الفريقين المؤيدين لشفيق ومرسي. وتتبارى وسائل الاعلام مستعينة بخبراء القانون والمحللين في رسم سيناريوهات ما بعد حكم المحكمة الدستورية وسط مخاوف من تفجر العنف. رد فعل البرلمان وفي أول رد فعل على قرار المحكمة الدستورية العليا، بحل مجلس الشعب، قال م.أشرف ثابت وكيل مجلس الشعب، إن محكمة النقض وحدها صاحبة الحق في الفصل بعضوية نواب البرلمان، فيما أكدت جماعة الإخوان المسلمين أن الشعب المصري سيعزل شفيق من خلال صندوق الانتخابات. وأكد م.أشرف ثابت، وكيل المجلس، أن البرلمان يحترم القضاء المصري، لكن من يفصل في صحة عضوية أعضاء مجلسي الشعب والشورى وفقا للقانون الذي أعده مجلس الشعب هو محكمة النقض فقط. وأضاف ثابت: «الدستورية قامت بدورها في نظر الدعوى، ويبقى للنقض النظر في صحة العضوية، خاصة أن هناك بعض الأعضاء المرشحين على مقاعد فردية حزبية وبعضها مستقلة»، موضحا أنه سيتم دراسة الأمر وحتى ذلك الوقت سيستمر المجلس في عمله. من جانبها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين أن أحمد شفيق سيتم عزله من قبل الشعب، عبر صندوق الاقتراع. وقال د.محمود حسين، الأمين العام للجماعة، إن د.محمد مرسى مستمر في السباق الانتخابي. وأضاف حسين، «لقد تقدمنا لخوض الانتخابات الرئاسية ونحن نعلم أن شفيق طرف في المنافسة الانتخابية، وإذا كان هناك عوار في قانون العزل السياسي لرموز النظام السابق، كما قضت المحكمة الدستورية العليا، فالحل أن يقوم الشعب بعزله في الانتخابات». وأكد حسين أنه يحترم حكم المحكمة الدستورية العليا، ولن يعلق عليه، ووصفه بأنه واجب النفاذ، وقال في الوقت نفسه، إن الحكم بحل ثلث البرلمان لا يعني خروج د.محمد مرسي من المنافسة الانتخابية، نظرا لأن الحكم قضى بحل ثلث البرلمان فقط. بينما أكد د.ياسر علي، المتحدث الإعلامي باسم حملة د.محمد مرسي، أن الانسحاب من الانتخابات الرئاسية يعني تسليم البلد لنظام مبارك، وأن د.مرسي سيستمر في السباق من أجل الحفاظ على الثورة المصرية وأهدافها، مشيرا إلى أن الحزب لايزال ممثلا في البرلمان، ومن ثم يحق للدكتور محمد مرسي الترشح في الانتخابات. وفور علم المتظاهرين المحتشدين أمام المحكمة الدستورية العليا، بكورنيش المعادي، رددوا هتافات ضد المحكمة، مؤكدين تمسكهم بإقصاء شفيق من جولة الإعادة. وقامت الأجهزة الأمنية بغلق طريق حلوان المعادي من أمام القاهرة بشكل نهائي وتحويل السيارات المتجهة من حلوان للقاهرة إلى داخل المعادي، ومنها إلى الطريق الدائري، فيما تم الإبقاء على الطريق المؤدي من القاهرة لحلوان مفتوحا مع وضع عدد كبير من الأسلاك الشائكة التي لا تسمح سوى لسيارة واحدة بالمرور أمام المحكمة. «فيسبوك»: «برلمان حب يعمل قانون العزل.. اتعزل هو»! حكم الدستورية قوى الجيش وأضعف الإخوان قالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إن قرارات المحكمة الدستورية ضربة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين وتقوية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في معركتهما على من يحدد مستقبل مصر السياسي بعد الثورة، مع استمرار أخر رئيس وزراء مبارك في السباق الانتخابي وخوضه جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية. وأضافت الصحيفة إن والمعركة بين قادة العسكري وجماعة الإخوان على مصير البلاد السياسي يتصاعد بشكل كبير بعد حكم الدستورية بحل البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميين مع التمسك بحق حليفا الرئيس المخلوع حسني مبارك في البقاء بالسباق الانتخابات حتى نهايته. وتابعت إن قرارات المحكمة الدستورية العليا عززت يد الجيش قبل ساعات من انتخابات الإعادة الرئاسية، ومثلت نكسة لجماعة الإخوان التي كانت تسيطر على ما يقرب من نصف البرلمان، ومن المتوقع أن توسع قوتها إذا فاز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات التي تختتم الأحد. وأوضحت إن الأحكام ضربة في صميم النضال المصري، فبعد سنوات من الاضطهاد المستمر والاعتقالات، ارتفعت شعبية الإخوان والمعارضة وهدفها لفرض الإسلام السياسي مع الأداء القوي في الجولة من الانتخابات البرلمانية، لكن المجلس العسكري - وكثير منهم جنرالات عينها مبارك – ترفض وتأبى الرضوخ للحقبة الجديدة التي يمكن أن تهدد سلطتها. ووصف نشطاء الأحكام بأنها مناورة من جانب الجيش لإضعاف جماعة الإخوان قبل وعد الجيش بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية بحلول يوليو، يخشى البعض من أن فوز الفريق أحمد شفيق هو تعزيز لقبضة الجيش وانقلاب على مطالب التغيير الديمقراطي التي أشعلت ثورة يناير التي أسقطت مبارك. وقال محمد البلتاجي، عضوا البرلمان عن حزب "الحرية والعدالة":"كل هذا يساوي انقلاب كامل من المجلس العسكري وشطب مرحلة تاريخية نبيلة". وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس من الواضح تأثير الأحكام على الانتخابات الرئاسية والنضال من أجل صياغة دستور، وقد أعلنت الجماعات الناشطة على مضض تأييدهم لمرسي في الأيام الأخيرة، كما أن الإخوان لم يقولوا كيف سيردون على الأحكام، في إشارة إلى أن ربما مرسي والجيش قد وصلا لاتفاق لتقاسم السلطة. وزادت قبضة الجيش على البلاد في الأشهر الأخيرة بينما التأييد لجماعة الإخوان المسلمين قد قل، وكان العديد من المصريين، الفقراء والأغنياء، ينظرون للعسكر وشفيق على أنهما القادرين على وقف الجريمة والانكماش الاقتصادي، ورغم خوضها جولة الإعادة إلا أن صورة الجماعة تضررت بسبب وعودها السياسية المكسورة ، بما في ذلك تعهدها بعدم تقديم مرشح للرئاسة. ونقلت الصحيفة عن "أحمد حلمي" عامل بفندق قوله :"إن إجراءات المحكمة كانت صراع بين الجيش وجماعة الإخوان، واليوم الإخوان تلقت ضربة قاضية، وقد يحصلون على أصعب الضربات القاضية بعد الانتخابات".