بين رمضان والقرآن علاقة عميقة متينة، فالقرآن أنزل في رمضان، وفي الحديث المتفق عليه:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن...)). إن القرأن هو روح في وصف الله له، قال تعالى:((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))[الشورى: 52]. ورمضان يأتي ليعلي من شأن الروح، وليحررها من قبضة الطين، فلا عجب إذن تلتقي الروحان: روح الكتاب، وروح الصائم.. ولا عجب أن يحصل الانسجام بين الإنسان الروح والكتاب الروح في رمضان. ومن المعروف أن الإسلام اعتنى بروح الصائم في رمضان، فلم يكتف بتحريم الأكل والشرب والصلة الجنسية فقط، ولكنه اعتنى أيضًا بصيام النفس وسمو الروح، وفي الحديث المتفق عليه:((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم)). وفي الصحيح:((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)). وهنالك أحاديث أخرى في هذا المعنى، وكلها تؤكد على روحانية الصيام، وأن حقيقته تكمن في صيام النفس، وطهارة القلب، وسمو الروح، حتى إنه جاء في الحديث: ((رب صائم حظه من صيامه الجوع والظمأ))!. ولا شك أن المسلمين تتفاوت علاقتهم بالقرآن في رمضان، وأن سر ذلك التفاوت يرجع إلى نوعية الصيام، فالذين يصومون بالجسد فقط ولا يصومون بالروح ليسوا مؤهلين لعلاقة متميزة مع القرآن الكريم في هذا الشهر الكريم، لكن من يصومون بالروح والقلب فطوبى لهم؛ لأنهم يتذوقون حلاوة القرآن.. [email protected]