كنتُ أظنّ أن شهر رمضان الكريم سيكون مناسبة خاصة واستثنائية لاختفاء بعض الظواهر التافهة عن وطني.. ولا يعني ذلك أن مقترفي تلك التفاهات سيتوبون مثلاً أو ستعتريهم الرحمة فجأة.. بقدر ما هو سلوك شخصي في مجتمعٍ يضجّ بشعارات العادات والتقاليد.. والتقدير الخاص والحميميّ للشهر الفضيل. غير أنّ زبانية السخافة وقُطاع الطرق والكهرباء لم يؤثر فيهم شهر الرحمة والمغفرة بشيء.. ولم تتبدد في طيات نفوسهم الجوفاء معاني اللؤم والخِسّة.. بل لم تعد تعني لهم أخلاقيات القبيلة المتوارثة منذ ما قبل الإسلام أي شيء.. فمضوا مستهترين بالقيم والأخلاق والعادات وما تبقّى من إنسانية في مظهرهم الشكليّ الذي يمتّ بصلةٍ ما إلى البشر.. وإن كانوا بشراً غير طبيعيين إطلاقاً. وقبلهم وبعدهم أولئك الراكضون في وهم الخلافة القائمة على مدد الأرصدة في بنوك الرذيلة والمشاريع الوهميّة.. ويصرفون منها ما يشترون به أجساد الغلمان ذوي العقول الفاشلة والمراهقة تحت بعض المبررات.. يقدمونهم قرابين عملياتهم الانتحارية المؤكسدة بحلمهم المشبوه.. بينما هم يستأثرون بما ينعمون به في الوهاد والآماد ومسافات الأرباح الدنيئة. هذا الشهر العظيم للأسف لم يعد يحمل في تلك النفوس أي معنى حقيقي للمحبة والتسامح والارتقاء بالذات إلى مستوى عقلانية الرضا والقناعة بأقدار الله وحكمته في كل شيءٍ يمكننا أن نعيش به ونقنع بسلامته في أجواءٍ آمنةٍ وعيشةٍ كريمةٍ مبنيّة على التعاون والتضامن فيما يحقق الهدف الأسمى من وجود البشر. فعن أيّ قبليّة يتحدث البعض.. وأعرق قبائل التأريخ تبزغُ منها رؤوس الثعابين بين يومٍ وآخر لتبثّ سموم الظلام والحقد على وطنٍ بأكمله؟!.. وعن أي دينٍ يدافع البعض عن أحقر ما جلبته الأفكار الوضعية.. وأنتجته معامل الكهنة تحت غطاء الإسلام.. وهي تفتك بالمسلمين فقط.. وتهدم بيوت المسلمين فقط.. وتشرّد المسلمين فقط.. وتسلب حقوق المسلمين فقط!. وهنا لا أستطيع أن أقول: إن الدور الأكبر في مصائب الكهرباء وجرائم أنصار الشر.. يقع على الدولة ممثلة بجهازها الأمنيّ فقط.. فالأمران يحتاجان إلى جهدٍ وطنيّ شامل يعيه الجميع في بيوتهم وطرقاتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم.. وبعدها حين يفقه الجميع خطر العبث بالأمان وأرواح الناس ومصالح الوطن.. سيبقى ثلة من الفاسدين المارقين محاصرين من كل جانبٍ ولا يقوون على الاستمرار في غيهم.. بل سيتساقطون كالحشرات الهلامية أمام نار الوعي ونور الحقيقة. [email protected]