محلات الصرافة في صنعاء تفاجئ المواطنين بقرار صادم بشأن الحوالات .. عقب قرارات البنك المركزي في عدن    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    جماعة الحوثي تفرض اشتراط واحد لنقل المقرات الرئيسية للبنوك إلى عدن !    خمسة ابراج لديهم الحظ الاروع خلال الأيام القادمة ماليا واجتماعيا    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية أخرى اسمها : تعز
نشر في الجمهورية يوم 13 - 09 - 2012

إلى شباب الحياة : شباب تعز ، وهم ينتصرون للجمال..
  
لم تأت فجأة تلك الغزوات ضد لوحات هاشم وخربشتها من قبل أعداء الحياة والجمال ، فمنذ عقود طويلة من الزمن كانت الغزوات المبرمجة والمحددة الهدف قد اجتاحت واستباحت بكل صلافة كل فنون اليمن برمتها من : الرسم ، والنحت ، والغناء والرقص ،والسينما والمسرح ، وكل شئون الإبداع ..
لذا استغربت من فجيعة النخبة والناس لما حدث وكأن كارثة حلت لأول مرة على فنوننا وأصابتها بمقتل ، بل وكأن تلك الفاجعة، تريد أن تزعم أن بلدنا يتعشق الفن ، ويتنفسه كضرورة مثل الهواء ، بل وتماهينا مع شعوب العالم التي لا تستغني عن الفنون وبدونها تتجمد وتموت .. لقد صدقنا هذا الشعور /الوهم /الحالم .
  
فكم القبح والكراهية والتجريم للفنون لم يأتِ فجأة بين ليلة وضحاها ، بل لقد اشتغل عليها طويلاً ، وخصوصاً في العقود الأربعة الأخيرة بتنظيمية ومنهجية عالية في ظل الغيبوبة الجمعية والذهانية للإنسان اليمني ، جراء تناوله القات والحكم على نفسه بالمؤبد بأن يكون أسيراً لمربع التمويت والتقتيل اليومي وتحويله إلى شيء يسهل سحب بساط الحياة منه دون أن يعي أو يحس بأنه قد استعمر جسده، و روحه وعقله ابتداء من قرص الخبز مروراً بالتعليم والصحة وانتهاءً بممارسته للفنون ..
  
لا نغالي إذا ما قلنا إن أول ثمار تلك البرمجة المنظمة الدمج والتوأمة بين المسجد والتربية والتعليم ،بل وأسبقية الأول على الثاني ، حيث سُلمت عقولنا للفكر السلفي والأصولي المتشدد ، فبطحته وصلبته وعلقته على مشجب التصحر والتشيؤ ، والماضوية المغرقة في التخلف .. لتتحول المساجد والمدارس والمناهج المدرسية ساحات للحرب والجهاد ليس ضد الكفرة الفرنجة والصهاينة ، بل ضدنا نحن ، فمورس ضد عقولنا وعقول أطفالنا كل أنواع التنكيل الذي فاق فقهاء محاكم التفتيش في أوروبا .. أخطره الزج بالمجتمع في غزوات التثوير ضد بعضه ، فمن انتقد ممارساتهم ، فهو ينتقد الذات الإلهية ، ومن ثم يسلط عليه سيف التكفير والتخوين ، ومعروف بعد ذلك في أية حفرة يكون !!
  
أتذكر على سبيل المثال في بداية الثمانينيات كنت في الصف الأول الثانوي عندما هبطت علينا كائنات فضائية “مدرعة” من الرجال والنساء ً ليحاصروا حصص الرياضة والموسيقى ، والرسم والحصص الحرة (حصص الفراغ) والطابور المدرسي ، وقبله حصار مهوس ضد “المَصر” ، والبندانة والبدلة المدرسية.
اعتقالنا كان رهن الإقامة الجبرية لفقهاء الدين والسياسة ، حيث جنودهم “الشقاة” من مدرسين /ات ، والمدراء والوكلاء ..الخ كانوا يشنون غزوات صغيرة وكبيرة ضد حقائب المدرسة ، وجيوب ملابسنا ، و«قباضات» الشعر والضفائر ، وتوغلوا أعمق تحت المصر بما فيه فروة الرأس ، ليعتقلوا قصيدة لغادة السمان أو نزار قباني ، أو رواية عبير ، أو أغنية للبيتلز ، أو أغنية هندية ، كل تلك الغزوات تحت مظلة : حماية الأخلاق .
  
طار المصر والبندانة البيضاء .. لأنه ليس ساتراً وواقياً لشرفنا !! ولكن ، ممن ؟ فالمدرسة مدرسة بنات ، لكن فُرض الحجاب بالترهيب كفرض عين .. فالمصر مفسدة ، وتلك البدلة الرمادية والكحلية بالأكمام البيضاء تميّع أخلاق البنات وتمحي شرفهن ، وفرض بالقوة البالطو الطويل الأخضر أو الكحلي ، وغادرتنا أكمامنا البيضاء ، وحرم لبس البنطلون الجينزً حتى لو من تحت البالطو الطويل ،..الخ . ثم توالت الغزوات حتى في الأشهر الحرم ، فانتهت حصص القراءات الحرة من الكتب والقصص والروايات المترجمة ، وفرضت علينا قصص وكتب السلف والكتب الجهادية ، وكتب الجاهلية الأولى ، واكتسح الفكر الوهابي ساحة المدرسة وساحة حياتنا ، وأصبحت الخطب المؤدلجة هي أهم من حصص الرياضيات والفيزياء .
  
في مدارسنا لم يكن معنا مسجد أو أن نُحضر معنا سجادة صلاة ، والمسواك والمسبحة ، فالصلاة في البيت، فالدراسة لا تقل قداسة عن فريضة الصلاة ، في أتون ذلك القلع المنظم ضاعت مكتبتنا والمسرح المدرسي لصالح المسجد أو لتحويله الى مخزن للخردوات .. وأصبحت التلاوات والصحوة الاسلامية تكبح كل خصلة شعر لو انسلت في غفلة من أمرها ، أو في غفلة مقصودة كطبعة السن آنذاك..
ومثلما اختفت المكتبة اختفت حصص الموسيقى ، وحصص الرياضة ، والرسم والمسرح المدرسي لصالح التدبير المنزلي انهم « شقاة » الفكر الوهابي في اليمن.
  
أتذكر كيف كنا نلوب لنسترق لحظة غياب المدرسة فنتسابق لنسرق لحظة فن قبل أن تهبط علينا الأستاذة البديلة ف «تكعفنا » محاضرات ثقيلة عن فضائل الحجاب والنقاب والجهاد ، وثنائية المؤمن والكافر ، والمسلم واليهودي والنصراني ..الخ .. أتذكر زميلتنا «عائشة» وقد أمسكت بإحدى الطاولات وبدأت بالدق والغناء و« والهوا هوايا » ، فتسرع صباح ، ولينا ، وحورية ، وذكرى لبدء الرقص ، وكل الفصل يتحلق يغني ويهتز ويصفق بنشوة عارمة نبحر في لحظات مسروقة : حرية ، ولا ننشد سواها .
  
لقد غرسوا فينا بواسطة «شقاتهم » المؤدلجين أن تحريم حصص التربية الفنية سيحرر مجاهدي افغانستان ، وتجريم حصة الموسيقى ستجعل الملائكة يحاربون مع عبد الرسول سياف ، وتلك المحاضرات ذات الجرعة المكثفة من ابن تيمية ، والنووي ، ومالك بن نبي هي أحزمة ناسفة للبوارج الحربية ضد الشيوعيين .. أما حصص التدبيرالمنزلي المكثف فيه نصرة لمجاهدي عبدالله عزام ، فكل بيضة تتحول حجارة من سجيل تدمرطائرات « اف16 » .
  
كان العصف قوياً ومؤدلجاً يخترق كل مسامات العقل لتحويله إلى أحجار، وخرسانة اسمنتية تمنع تسرب أي بديل ، ليصبح فلك المدرسة سجناً يلعب فيه الأشباح لإعداد أجيال شبحية تكره الفن ، والموسيقى ، واللعب والرياضة .. وتكره الحياة ، وتتعشق الآخرة ، هذه الأجيال«أجيال شقاة الوهابية» هم الذين عبثوا بجمال تعز ، ومنه لوحات هاشم علي ..
في المقابل ومن هذه الأجيال خرج أولئك الفنانون من صبر والحوبان وعصيفرة يسابقون شمس الصباح يلونون الصبح ونهاراته ، يبثون روح الإصرار في الإنسان ، وجداره ، واسفلته ، وعمله وكل تفاصيله .. إنها قوة الحياة التي تنزع نحو الجمال ، فتمنح قوتها لكل من يحمل جيناتها ويتمثل ثقافتها ، لذا مع كل كشطة لوحة ووجه تظهر عشرات اللوحات الوجوه الضاجة بالجمال، تغني وتلالي «إن خربوا داري عمرت ثاني » .
فكيف تشوفووووو..؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.