لا شك أن الالتقاء على طاولة واحدة هي طاولة الحوار الوطني الشامل الذي يمثل ضرورة وطنية حتمية وملحة تصب في أمن واستقرار الوطن الذي عانى ويعاني تحديات ضخمة ومرهقة نتيجة لتلك الأزمة السياسية التي عصفت بالوطن على مدى أكثر من عام وكادت أن تدخل اليمن في متاهات يصعب الخروج منها يفرض توافر الحكمة وتغليب المصلحة الوطنية العليا عن كل المصالح الشخصية والحزبية الآنية والمقيتة, ويتطلب من الجميع الدفع بعجلة الإصلاحات ومواجهة التحديات عبر شراكة مسئولة وهادفة ترتقي بالحياة اليمنية برمتها ,وترسخ مفردات العمل الديمقراطي المستوعب لشروط التطور بعيداً عن الشطط والمماحكات والمهاترات ومكايدات البعض للآخر, والخروج عن المسار الطبيعي لمكونات العملية الديمقراطية والسياسية في البلد. إذاً نحن بحاجة إلى الحوار الوطني الشامل الجاد والعقلاني الذي يلبي كل الطموحات للشعب اليمني ويحل كل القضايا المطروحة على الطاولة دون شروط ودون خطوط حمراء والتي تقتضيها المصلحة العليا للوطن والذي هو في الحقيقة الأصل والمظلة لكل عمل مسئول وجاد من قبل فرقاء العمل السياسي في اليمن بعيداً عن الاختلافات والتقوقعات في أطر ضيقة وظلامية لا يمكن التكهن بما ستجلبه من ويلات على حاضرنا ومستقبلنا جميعاً بلا استثناء ,ونؤكد بلا استثناء, ويكفينا ما حصل ويحصل. والذي نحرص أن تصب نتائجه لصالح شعب يئن ووطن موجوع شعب سئم الاختلاف والمهاترات والمماحكات والاغتيالات والثارات, شعب صبر كثيراً وحان الوقت أن يعيش حياته بهدوء وطمأنينة ومساواة وعدالة اجتماعية..أعطوه الأمان والاستقرار والسكينة.. يكفيه أزمات وحروباً طاحنة.. ابعدوا عنه أطماعكم وتآمركم وصراعكم على السلطة والحكم..يكفي سفكاً للدماء في البلاد,وفي الحقيقة لن يقبل الشعب تراجعكم عن مسار الحوار الذي يرقبه ويتابع لحظات دنو انعقاده وينتظر نتائجه كما أنه لن يغفر لأي منكم مهما اختلق من الأعذار, لأن الحوار يعد قيمة إنسانية وحضارية تمتلك كل المفردات الايجابية طالما وأن الهدف الرئيس هو مصلحة الوطن لا سواه ,وإن فُرض التوصل لذلك الهدف التنازل عن بعض النقاط الحوارية طالما وأنها تصب في المصلحة العامة. فالحوار الوطني الشامل يعتبر مرحلة مهمة، إذ يعتمد عليه تقرير مصير اليمن ومستقبله وإخراجه من أزمته الراهنة, ونجاحه يعد الخطوة الأولى نحو تحقيق الحكم الرشيد وبناء يمن جديد يسوده العدل والمواطنة المتساوية وكما قال الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي :«وطن لا ظالم فيه ولا مظلوم». شعبكم أيها اليمانيون يترقب من كل قواه السياسية ومنظماته الجماهيرية ومختلف الفعاليات الشعبية التي ستشارك في عملية الحوار الوفاق الدائم ويأمل الخروج برؤى ناضجة تكسر حالة التمترس المفتعلة على هامش واقع سيئ تطحنه أزمات وإشكالات حقيقية ومقصودة أو مفتعلة وكثير منها مخطط لها ولا يمكن إيقافها إلا برص الصفوف وتوحيد المواقف من جميع القوى السياسية لإخراج اليمن من النفق المظلم إلى واقع أكثر إشعاعاً وأماناً واستقرارا, واقع يعيشه الشعب والوطن يسوده النظام والقانون ليس فيه ظلم ولا إقصاء ولا تهميش, تسوده العدالة الاجتماعية التي خرج من أجلها الشعب بأكمله وضحى بالغالي والنفيس لأن الوطن مظلة الجميع. كما لا ننسى هنا دور الإعلام الوطني والحزبي والأهلي في التحضير للحوار الوطني لأنه بدون تهدئة إعلامية ومناخات أمنية ملائمة لن يكون هناك حوار, إذا فعلى جميع الأطراف التابعة للمكونات الممثلة في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني, من المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه وحركة الحوثيين والحراكيين ومؤسسات المجتمع المدني والشباب والنساء, أن تعي دورها الوطني وتتحمل مسؤوليتها المشتركة في أهمية مراجعة خطابها الإعلامي في وسائلها الإعلامية المختلفة وتبّني خطاب إيجابي مغاير, والابتعاد عن الخطابات والتصريحات والمقالات الإعلامية التأجيجية المتشنجة التي تكرس ثقافة الكراهية والتحريض المذهبي والقبلي والطائفي والمناطقي.. التي تفرق ولا تجمع, وأن تجعل مستقبل اليمن الآمن المستقر ومصلحته العليا فوق كل اعتبار, لما من شأنه أن يشيع جواً من الطمأنينة والأخوة والتسامح بين جميع الأطراف ويمهد لحوار وطني يرسم الجميع من خلاله ملامح اليمن الجديد..!!