كان معظم اليمنيين قد تفاءلوا بما أعلنته الحكومة عن إمداد قرى مأرب بالتيار الكهربائي، وللأمانة لم نكن نعرف أن تلك القرى والمديريات قد حرمت من الطاقة الكهربائية التي تضيء كل أنحاء اليمن وإن بصورة متقطعة وشعرنا في بعض الأوقات بأن الحرمان من نعمة الكهرباء هو الذي يدفع بعض أبناء مأرب إلى ضرب الأبراج والخطوط وأحياناً المحطة نفسها بالرغم من كل ما قيل بأن تلك العناصر لاتمثل إلا نفسها وأنها خارجة على القانون ولابد من تأديبها وضبطها، وانضم عدد من شخصيات مأرب المعروفة وغير المعروفة إلى المنادين للحكومة بأن تصدر أوامرها للجيش والأمن بضرب أي معتد على الأبراج وخطوط الضغط العالي والمحولات. لكن ما حدث في الأيام الأخيرة من اعتداء كبير على الكهرباء في منطقة الدماشقة أوجد قناعة إضافية بأن المسألة لاتنحصر بأشخاص معدودين بل بمجاميع منتشرة على امتداد وساحة محافظة مأرب غير آبهة ولاهيابة للتحذيرات من القيام بعمليات عسكرية وأمنية واسعة ضد المخربين للكهرباء وأنابيب البترول والغاز أينما كانوا أو بالسلاح الثقيل وأخذ تعهدات من سكان المدن والقرى التي تمر بجوارها تلك المنشآت الحساسة بألا يسمحوا لأحد بأن يقوم بمثل هذه الأعمال مستقبلاً. وكانت بيانات رسمية قد ذكرت قبل أشهر قليلة بأن وحدات عسكرية وأمنية نفذت عمليات من هذا النوع في الجدعان ووادي عبيدة وعلى طول الطريق بين صنعاءومأرب وقتلت واعتقلت بعض المخربين وأعلنت أيضاً أسماء عدد منهم وأدرجتهم في القائمة السوداء، أي أنهم مطلوبون للسلطات الأمنية ويقعون تحت طائلة الملاحقة المسلحة إلا إذا سلّموا أنفسهم للجهات المعنية والتزموا بعدم العودة إلى ارتكاب أعمال أخرى هدامة. والعمل التخريبي الأخير في الدماشقة يؤكد أن الاعتداءات لن تتوقف وأن التعهدات لن تحترم وأن هؤلاء قد استمرأوا التخريب وإقلاق الأمن والسكينة والاقتصاد والتنمية حتى لو قام الجيش والأمن بعمليات واسعة تطول أو تقصر, وإن لم يتعاون أبناء المحافظة كلهم مع الحكومة ممثلة بالجيش والأمن لاستئصال شأفة وبؤر الإجرام نهائياً، إذ لايمكن الوثوق بما يقوله بعض مشايخهم عن إدانتهم لأعمال وعناصر التخريب هذه. فقد تعودنا منهم أنهم يسعون فقط لجني مصالح شخصية ومطالب وأموال غير قانونية لأولئك الأشخاص على ذمة قضايا ثأر ونزاع ليس للدولة فيه ناقة ولا جمل، اللهم إلا ما يقال عن تطويل القضايا المنظورة بالمحاكم وأجهزة الأمن لسنوات, والخلاصة التي يراها الكثيرون من الناس هي العمل على إقامة محطات كهربائية في الساحل الغربي لليمن والساحل الجنوبي كالمخا والحديدة وعدن وأبين وحضرموت ليتوفر للقوات المسلحة والأمن الجهد الذي به تحمي أنابيب البترول والغاز والناقلات لهاتين المادتين والتي تتعرض دائماً للتقطع والنهب والتسبب في الأزمات التي تحدث على المواطنين بصورة عامة كاختفائهما وارتفاع أسعارهما خاصة من قبل بعض الوكلاء الجشعين.