تفتقت عبقرية الجماعات التخريبية قيادات وقواعد عن أسلوب جديد في تدمير الكهرباء وأنابيب البترول والغاز، يتمثل في تشليح أبراج الكهرباء وبيع القطع الثمينة بأسعار عالية، ومن ثم حرمان الدولة من دخل الكهرباء المنهوب جزء كبير منه من قبل المتنفذين القدامى والجدد؛ كرفض تسديد الفواتير لعدة سنوات، ورفض تركيب عدادات في قصورهم ومحلاتهم التجارية، ومن إمكانية إعادة تصدير حديد الأبراج المضروبة بالقذائف أو بالخبطات الحديدية، وصولاً إلى تدمير محطة مأرب بكاملها وإلى الأبد بقوة السلاح. وقد دخلت «فرضة وخلفة نهم» على خط التخريب المحاكي لما شهدته مناطق مأرب التي تمر فيها أو تنتصب أبراج الكهرباء وتمتد أنابيب البترول والغاز لتكون نهم الواقعة في محافظة صنعاء ولا تبعد عن مركز المدينة سوى بضعة كيلومترات، وأقرب ما تكون من المخربين الذين يمكن أن يسيطروا على أهم المؤسسات والمنشآت تحت جنح الظلام وبصورة دراماتيكية لا تقل غرابة عما يحدث في مأرب ونهم حيث لا تستطيع ولم تستطع القوات حماية المهندسين والفنيين الذين يتم إرسالهم لإصلاح الأبراج والأنابيب أو تحول دون تخريبها بالنسف بالعبوات أو القذائف الصاروخية، والشاهد على ذلك استمرار احتجاز المهندسين الذين لم يتمكنوا من إعادة إصلاح أنبوب النفط في صرواح منذ عدة أيام.. فهذه إذن حرب معلنة وأكبر وأشمل من أن نسميها حرابة يقوم بها فرد أو أفراد قليلون يمكن معرفتهم والقبض عليهم في النهاية وتزداد شراسة هذه الحرب يوماً بعد يوم بالأعمال اليومية، ويصرح بعض المخربين ويعلنوا أنهم سيواصلون الحرب وفي عدة مناطق حتى تتحقق مطالبهم بالإفراج عن سجنائهم على ذمة قضايا شخصية أو طلب وظائف وتعويضات كما كانوا يفعلون في عهد علي عبدالله صالح، وبالفعل كانت التعويضات والمكافآت تصرف لهم وللوسطاء من أبناء مناطقهم المرة تلو الأخرى وبدون أخذ تعهدات بعدم العودة إلى ارتكاب جرائم جديدة من نفس النوع والحجم. فإذا كانت الحكومة غير قادرة على حماية الكهرباء وأنابيب البترول والغاز ووقف التقطع لشاحنات المحروقات أو نهبها وسلب سائقيها ما لديهم من أموال وأغراض، وتبلغ الخسائر في الشهر الواحد عشرات الملايين من الدولارات فمن المنطقي لجوؤها إلى وسائل أخرى وإنشاء محطات التوليد الكهربائي في سواحل البحر الأحمر وخليج عدن، وعدم التوسع في إضافة محطة ثانية في مأرب لتلبية الطلب المتزايد كما ذكر المصدر المسؤول الأسبوع الماضي لاسيما وأن الصين قد تعهدت ببناء محطات ضخمة وستقضي على المشكلة الكهربائية، ولكننا لا ندري متى سيكون ذلك وبأي شروط؟ وتبحث الحكومة بالتالي في الوقت نفسه كيفية تأمين أنابيب البترول والغاز بمضاعفة أسلحة وإمكانات الوحدات العسكرية والأمنية التي تحرسها على طول الطريق من صنعاء إلى مأرب والعكس، واستبعاد أي شكل من أشكال الوساطات القبلية.