سواء جاء المرشح الجمهوري ميت رومني أو أعاد الأمريكيون انتخاب المرشح الديمقراطي باراك أوباما لفترة رئاسية جديدة في البيت الأبيض ، فإن الأمر سيّان بالنسبة للمواطن العربي و القضية الفلسطينية التي ما إن يبدأ الرئيس المنتخب اهتمامه بهذا الملف حتى تهدأ فورة هذا الاهتمام مع مرور الوقت ، بل إننا نجد مرشحي الرئاسة الأمريكية يتسابقون إلى خطب ودّ الناخب الأمريكي – يهودي .. ولا بأس هنا أن نستذكر الزيارة المفاجئة التي قام بها المرشح الجمهوري ميت رومني إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي مع اللحظات الأول لموافقة حزبه خوضه معترك هذه الانتخابات مطلع العام الجاري وإطلاقه تصريحاته المشهورة بإنكار أية حقوق مشروعة للفلسطينيين وهي التصريحات التي قوبلت بارتياح عارم لدى الإسرائيليين عامة والمتعصبين منهم خاصة . وبالمناسبة لا ننسى كذلك الفتور الذي أصاب علاقات نتنياهو بالرئيس أوباما في الآونة الأخيرة الذي وصل حد عدم استقبال الأخير لنتنياهو في مقر الأممالمتحدة عشية انعقاد الجمعية العامة مؤخراً وأدى بالنتيجة إلى اطلاق تصريحات عدائية بين الرجلين .. وهو الأمر الذي أدى بالرئيس أوباما إلى التراجع عن مشروعه لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل الدولتين ووعوده التي صاحبت حملته الانتخابية الأخيرة بزيارة إسرائيل التي لم يزرها من قبل كباقي الرؤساء الأمريكيين الذين يتباركون بحائط المبكى في إسرائيل قبل الاستعداد للدخول إلى البيت الأبيض في واشنطن !! لقد جاءت استبيانات الرأي العام الأمريكي قبيل موعد اللحظات الحاسمة لفوز أي من المرشحين ، حيث تشير هذه الاستبيانات إلى تقارب الاثنين وإن كان ذلك التقارب نتاج التنافس المحموم بين قوتي المحافظين والديمقراطيين المعتادة ، إلاّ انه – في نفس الوقت – يعكس سياسة كسر العظم التي يمارسها كل من الفريقين باستخدامهما كافة وسائل كسب الناخبين واستقطاب النخب من الفنانين والسياسيين الذين تابعناهم متحمسين لتأييد الحملات الانتخابية ، بل أن الأمر تخطى ذلك إلى تجنيد كل من المرشحين لزوجتيهما في قيادة حملاتهما الانتخابية . أما و قد بدأ أحد المرشحين يهم بالصعود إلى دارة البيت الأبيض فإن ما يهم المتابع لهذه الانتخابات في منطقة الشرق الأوسط هو مدى الجدية في إيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية التي تمثل جوهر الصراع على امتداد المنطقة ، خاصة مع مساعي القيادة الفلسطينية للحصول على العضوية غير الدائمة في الأممالمتحدة .. وهي الورقة التي تمثل ضغطاً قوياً على الساسة داخل الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية الذين باتوا جميعهم يلوحون بسياسة العصا والجزرة. ذلك أن المبادرة التي يقودها الرئيس محمود عباس باتجاه الأممالمتحدة سوف يتيح هامشاً من التحرك في إطار المفاوضات الثنائية التي أصيبت بالشلل التام جراء سياسة العدوان والتطنيش التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ اتفاقية السلام في واشنطن ومدريد قبل أكثر من ربع قرن . شخصياً أتوقع في إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لفترة رئاسية جديدة أن يسهم في حلحلة ملف التسوية في المنطقة وإن كانت هذه التسوية بالمواصفات الإسرائيلية .. وهو أمر يبدو أكثر تفاؤلاً من حظوظ التسوية في ما إذا ما جاء المرشح ميت رومني إلى البيت الأبيض على بساط الناخب اليهودي . وهذا لا يعني بالضرورة أن نرى في المستقبل القريب تحركاً أمريكياً جاداً في اتجاه وضع حلول جذرية للقضية الفلسطينية التي تمثل عصب وجوهر الأزمة في منطقة الشرق الأوسط ، وإن كان البعض متفائلاً بعودة أوباما إلى الحكم فإن هذا التفاؤل يأتي تمشياً مع القول الشعبي المأثور : (جني تعرفه ولا ملاك ما تعرفه ).