الحياة أرض خصبة, بإمكانك أن تمد جسور حبك داخلها، وبإمكانها أن تساعدك على إنبات أحلامك داخل أوردتها. تحبها فتفتح داخلك آفاقاً جديدة, تشرع نافذة تطل على كل أفياء الظل الممتدة أمامك, تسلمها طموحك الشارد لتحتويه, وتخطط بعذوبة لاختزان ملامحه.. تختلط مشاعرك, وتزدحم طرقاتها, وتتدافع مفردات النهار الذي اخترق المكان, لتكتشف أن الرؤية تحولت إلى إشعاع. عليك أن تراهن على تقاطعات مستحيلاته, لتستمتع بالدفء, وتتلمس قلبك الطفل الذي كثيراً ما تتحفظ على رغبته في ترويض نداءاته وإغلاق المنافذ عليها, وإرغامها على الاستكانة في جدران الروح المتعبة .. لا اختيار بين حب الحياة والغياب عنها.. عندما تحبها, وتقترب منها تبادلك الحديث, وتستمع منك إلى كل المقاطع التي يمكنك أن ترويها, تطوي معك صفحة الخوف, وتتلمس خفقات روحك لحظة بلحظة .. تحب الحياة, وهو ما ينبغي أن يكون... سنوات من التفكير ما تزال تُرسم أمامك, وباقة خوف ورعب من المواجهة تتناثر على طاولتك... تعلّمت الهروب, أو ربما هم علموك! لا يعني الآن هذا شيئاً مهماً.. في حياتنا المملة والرتيبة والبائسة, نوع من المسرى على كل منا أن يتبعه, ويحفظ تفاصيله ويراجعه كلما نهض من سريره صباحاً... عليه أن يحتفظ بكتاب الندامة والغضب والنقمة على الحياة، ومعايشة الفراغ, والتبعثر اليومي داخل قوالب الهموم, التي علينا أن نحرص أن تكون نقية وصافية وطازجة, تلفها التواريخ، وتحيط بها الجغرافيا.. في رحلة هروبك من الحياة, لم تلتفت إلى الدروب المفتوحة, التي تمتد أمامك وتلمع كالاخضرار... لم ترد السلام على من فتح ينابيعه لترتوي منها، وتهاجر إليها. متأخراً جداً اكتشفت أنه عليك أن تفتح أبوابك للحياة, وأن تستمع إلى الأسئلة المثارة, وعرفت أن حياتك لن تكتسبها بالخوف, والهروب والبعد عن المجازفة, واعتبار الجمود هو الأساس.. وأنت كثير الالتفاف على النور الذي يحاصرك, وعاجز عن فهم مفاتيح الجمال الذي حولك, تفتح صفحة شروق الشمس التي وجدت لتشرق وتعم على الكون الحياة الصاخبة والانطلاق, تشعر أن داخلك حباً جارفاً يلوح بإشاراته أمامك وليس بإمكانك حجبه أو تغطيته, كل ما في الأمر أنك اكتشفت أن هناك حياة لا تعرفها وعليك فتح صفحاتها.